اقرأ في هذا المقال
- ما المقصود باللغة الهجينة واللغة المولدة؟
- تعريف لغة الكريول أو اللغة المولدة
- تعريف لغة البيدجين أو اللغة الهجينة
- التشابه بين اللغة الهجينة واللغة المولدة
- اللغة العربية الهجينة ومخاطرها على اللغة العربية الفصحى
ما المقصود باللغة الهجينة واللغة المولدة؟
أصول وتاريخ اللغة الهجينة واللغة المولدة:
بالمعنى الدقيق للكلمة تعد الكريول أو ما يعرف باللغة المولدة والبيدجين أو ما يعرف باللغة الهجينة أصناف لغوية جديدة تطورت من الاتصالات بين الأنواع الاستعمارية غير القياسية لللغات الأوروبية والعديد من اللغات غير الأوربية حول المحيط الأطلسي وفي المحيطين الهندي والهادي خلال القرن السابع عشر وحتى القرن التاسع عشر.
ظهر مصطلح اللغة الهجينة (Pidgin) في المستعمرات التجارية التي تطورت حول الحصون التجارية، مثل ساحل غرب أفريقيا وعلى متن سفن صيد الحيتان وكذلك في جنوب المحيط الهادي. كان الناس في هذه المناطق لديهم هياكل محدودة ووظائف مقيدة كأنشطة التجارة وصيد الحيتان. توسعت بعض الكلمات إلى اللغات العامية العادية خاصة في المناطق الحضرية فكان ذلك يعرف بأدوات النشر الموسعة. ومن الأمثلة على هذه اللغة التي ظهرت في هذه المناطق التوك بيسين (Tok Pisin) في ميلانزيا ونيجيريا والكاميرون.
وفيما يتعلق بمصطلح الكريول (Creole) أو بما يعرف باللغة المولدة، ظهر للمرة الأولى في المستعمرات والمستوطنات التي كانت صناعتها وأعمالها الأساسية تختص في قصب السكر أو زراعة الأرز. حيث تم توظيف العديد من العبيد غير الأوروبيين والعمال المتعاقدين الذين لم يكونوا من السكان الأصليين للمنطقة والذين كانوا يشكلوا الغالبية العظمى من سكان المزارع . ومن الأمثلة على هؤلاء العمال الهايتيون والموريتانيون والجمايكا وجويانا والعديد العديد غيرهم، فلم يكن من السهل على التجار التواصل مع الناس المحيطين بهم فكان عليهم إيجاد لغة مبسطة لتسهيل حياتهم.
فبعد هذا التفاعل والتواصل بين العديد من الأفراد والجماعات من مختلف الأعراق والأجناس والأديان والألوان والطبقات الاجتماعية والاقتصادية والعديد غيرها من الفوارق بين الجنس البشري، ظهرت لغات ومصطلحات جديدة عرفت بالكريول وبيدجين (Creole and pidgin).
تعريف لغة الكريول أو اللغة المولدة:
تعرف لغة الكريول أو اللغة المولدة بكل بساطة بلغة طبيعية مستقرة تتطور من تبسيط ومزج العديد من اللغات وإصدار لغة جديدة خلال فترة زمنية محددة. وكغيرها من اللغات تتميز لغة الكريول بنظام قواعد متسق وتمتلك مفردات كبيرة ومستقرة وهي لغة يمكن اكتسابها كأي لغة أخرى من قبل الأطفال كلغة الأم.
تتميز لغة الكريول عن لغة البيدجين (pidgin) بحقول الدراسة التي تعنى بها كدراسة علم النحو الكريولي وعلم الكريول (creole) ويسمى الشخص الذي يدرّس هذا العلم بكريولي (creolist).
لا يوجد عدد دقيق للغات الكريول وخاصة أن العديد منها غير موثوق أو موثوق بشكل سيء فنشأت حوالي المائة لغة كريولية منذ عام 1500، وهي غالبا ما تسند على اللغات الأوروبية مثل الإنجليزية والفرنسية؛ وذلك بسبب عصر الاكتشاف الأوروبي وتجارة الرقيق في المحيط الأطلسي التي نشأت في ذلك الوقت.
تم تطوير جميع لغات الكريول أو اللغات المولدة من لغة البيدجين اللغة الهجينة، فالكريول تتخذ اللغات الأوروبية أساسا لها، فهناك مثلا الكريول المنسبة إلى اللغة العربية والصينية والماليزية وغيرها. وتضم الكريولية الهايشية أكبر عدد من المتحدثين بالكريولية حول العالم فعدد ناطقيها يقارب العشرة ملايين ناطق أصلي.
تعريف لغة البيدجين أو اللغة الهجينة:
تعرف اللغة الهجينة أو المبسطة أو بما يعرف باللغة البيدجين (pidgin) بوسيلة اتصال مبسطة نحويًا تتطور بين مجموعتين أو أكثر لا تتشاركان في لغة واحدة، عادة ما تكون مفرداتها وقواعدها محددة ويتم استخلاصها وتجميعها من عدة لغات.
يتم استخدام لغه البيدجين (pidgin) بشكل شائع في مواقف محددة كالتجارة، فعلى سبيل المثال عندما تتحدث مجموعتان من الناس بلغات مختلفة عن لغة البلد الذي يقيمون فيه ولكن لا توجد بينهم لغة مشتركة، فهذا يعرف باللغة البيدجين (pidgin).
تعتبر لغة البيدجين (pidgin) في الأساس وسيلة مبسطة للتواصل اللغوي؛ لأنها مبينة بشكل ارتجالي بين الأفراد أو مجموعات من الناس. ولا تعد لغة البيدجين لغة أم لأي من متحدثيها ولكن يمكن تعليمها كلغة ثانية. فيمكن إنشاء اللغة الهجينة أو لغة البيدجين من الكلمات أو الأصوات أو لغة الجسد من العديد من اللغات المختلفة بالإضافة إلى المحاكاة الصوتية.
تعد اللغة الهجينة أو اللغة المبسطة (pidgin) ذو مكانة دنيا مقارنة بنظيراتها من اللغات الأخرى كونها نسخة مبسطة من اللغات العامة، فلا تعد معجماتها ذو طابع لغوي موسع كغيرهِ من المعاجم. ونظراً لأن هناك حاجة لتعلم اللغة الهجينة (pidgin) بِسرعة كبيرة، يجب على هذه اللغة أن تكون سهلة التعلم؛ ولهذا السبب تم حذف علم التشكيل في هذه اللغة.
تستخدم اللغة الهجينة (pidgin) للتعبير عن الاحتياجات الأساسية وبالِتالي هذا يدل على أنها لا تتطلب أنظمة مورفولوجية (Morphology) والذي يعرف بِعلم دراسة الشكل والبنية.
فَعندما تُحذف التعريفات المورفولوجية (Morphology) يصبح تعلم اللغة والتنوع اللغوي سهل، فهذا يجعل اللغة الهجينة (Pidgin ) لغة ناجحة.
عادة ما يكون بناء الجملة وعلم الأصوات المستخدمة في اللغة الهجينة (Pidgin) أكثر شيوعاً للمجموعات ذو الطبقة الدنيا من ما هي شائعة للمجموعات المهمينة والمسيطرة في المجتمعات؛ وهذا لأن اللغة الهجينة (Pidgin) هي مزيج من العديد من اللغات في البيئة المحيطة، فَالمفردات تؤخذ من المجموعات ذو النفوذ الواسع في المجتمع ويؤخذ بناء الجملة وعلم الأصوات والصوتيات من المجتمعات ذو الطبقة الدنيا.
يتم تقييد اللغات الهجينة لغوياً نظراً لِطبيعة تكوينها، فهذه اللغة تعتمد أصنافها تقريباً على التجارة وهذا يدل على أنه سيكون لها معجم في مجال الأعمال الدلالي، حيث تعد هذه اللغة لغة مجردة الأفكار والعواطف.
التشابه بين اللغة الهجينة واللغة المولدة:
لا يوجد الكثير من التشابهات بين اللغة الهجينة (Pidgin) واللغة المولدة (Creole) إلا إن كلاهما عرضة للتغيير بمجرد أن يتم إنشائها، يمكن ان تتطور اللغة الهجينة (Pidgin) إلى اللغة المولدة (Creole) بشكل طبيعي مع مرور الوقت، كما أنها من الممكن أن تخضع للكثير من التغيرات والتوسعات إلى نطاق مبسط.
وكذلك اللغة المولدة (Creole) فهي عرضة أيضاً إلى التغيير فمن الممكن أن يتم إزالتها أيضاً بمجرد إنشائها وليس فقط تغيرها، فمن الممكن أن تتعرض اللغة المولدة(Creole) إلى عوامل داخلية وخارجية تضغط عليها وتسبب تغييرها أو إزالتها.
يوجد تشابه آخر أيضاً في هاتان اللغتان وهو أن كلاهما صنفان ولغتان من نفس السلسلة المتصلة بتطور المصطلحات والتراكيب المختلفة.
اللغة العربية الهجينة ومخاطرها على اللغة العربية الفصحى:
تعد اللغة العربية أحد أهم لغات العالم وأكثرها انتشاراً فيتحدثها أكثر من 267 مليون شخص حول العالم. ولكن تتعرض اللغة العربية حالياً ومنذ القدم للعديد من التغيرات والتأشيرات التي حرّفت اللغة العربية الفصحى وجعلت اللهجة العامية هي اللغة المسيطرة في جميع البلدان والمجتمعات العربية.
وفي الفترة الأخيرة شَهد الوطن العربي انفتاحاً وتطوراً واسعاً وخاصة في مناطق الخليج العربي ممّا دعا العديد من الأجانب بالوفود إلينا؛ وذلك للعمل والتجارة. فَمع قدوم الوافدين تتعرض اللغة العربية الفصحى إلى تهديداً آخر بجانب تهديد اللهجة العامية، وهذا التهديد هو اللغة المستخدمة من هؤلاء الوافدين فيتم تكسير اللغة للتعامل والتفاهم معهم، وتعرف هذه اللغة باللغة الهجينة (Pidgin).
يعتقد الكثيرون من الفئات المتعصبة تجاه اللغة العربية الفصحى بأن هذه الظاهرة أو ما يعرف بتهجين اللغة العربية الفصحى ظاهرة مستخدمة لتدمير اللغة العربية. ولكن في الحقيقة تستخدم هذه اللغة للتواصل بين الأقليات وقضاء حاجات متحدثيها.
فيتعرض الكثير من الأصوات في اللغة العربية إلى التغيير الواضح، فمثلاً حرف الحاء دائماً ما يقلب إلى حرف الهاء فكلمة (حرب) تقلب إلى كلمة (هرب) بين هؤلاء الوافدين؛ والسبب في ذلك هو عدم وجود صوت الحاء في لغتهم.
وهناك الكثير من الكلمات والمصطلحات التي قدمت معهم وترسخت بفضل ثقافاتنا الأجنبية، فدخلت كلمة (Okay) إلى اللغة العربية وأصبحت كلمة دائماً ما تستخدم في حديثنا.
وأصبحنا نستخدم الكثير من الاختصارات الإنجليزية في حياتنا اليومية كاستخدام كلمة (LOL) وهي اختصار لكلمة (Laughing out loud) والتي تعني أضحى عالٍ.
وليس هذا فقط فعندما بدأ استخدام الإنترنت ووسائل للتواصل الاجتماعي أدخلنا الكثير من الكلمات والمصطلحات المستخدمة فيهما إلى لغتنا، فعلى سبيل المثال أصبحنا نستخدم كلمة (قوقلها) والتي تعني بالإنجليزية (Google it)، فهي كلمة تعني أن نبحث عن الشيء المقصود والمعني على موقع (Google).
وليس هذا فقط فقد بدأنا بأستخدام الأحرف والأرقام الإنجليزية للدلالة على الأحرف العربية، فمنذ فترة ليست بالقريبة أصبح العديد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي يتحدثون اللغة العربية ولكن يكتبونها بالأحرف الإنجليزية والذي ظهرت تسمية للدلالة على هذه الظاهرة وهي (العربيزي) أو ما بعرف بلغة الشات (Chat Language)، فعلى سبيل المثال تكتب جملة أنا بخير بهذه الطريقة (Ana b5er) وهكذا. فتعد تلك اللغة أو الأسلوب المستخدم بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن حاجاتهم وكلامهم أحد أهم الظواهر المؤثرة على لغتنا العربية.
تحذف كذلك العديد من أدوات الربط من قبل العمالة الوافدة، فعلى سبيل المثال بدلاً من أن يقولوا (أنا في البيت أو أنا بالبيت) يقولوا (أنا بيت). كما أنهم يحذفون ويستبدلون العديد من الضمائر؛ فعلى سبيل المثال بدلاً من أن يقولوا (أنا أتحدث معك بالفصحى أو أنا بحكي معك بالعامية) يقولوا (أنا أحكي أنت).
وفيما يتعلق بنفي كلامهم فأنهم لا يستخدمون أدوات النفي المستخدمة من قبل متحدث اللغة العربية، فعلى سبيل المثال بدلاً من أن يقولوا (هو ليس في البيت) يقولوا (هو ما في بيت).
ويستخدم هؤلاء الوافدون العديد من التراكيب ويقوموا بتجمعها بين مصطلحات عربية وإنجليزية مكونون مزيجاً هجيناً، فعلى سبيل المثال بدلاً من أن يقولوا بالعربية الفصحى (فلتذهب وسأخبرك لاحقاً) أو بالعربية العامية (روح وأنا بحكيلك بعدين) أو ( Go and I will tell you later) بالإنجليزية يقولوا (أنت غو وأنا أحكي بئدين) والعديد العديد غيرها.
فتعد هذه التغيرت التي طرأت على لغتنا مؤشرات تدل على احتمالية انقراض اللغة العربية الفصحى من كلامنا وحياتنا اليومة، فلم نعد نستخدمها إلا في الدراسة.