المذاهب الأدبية عند العرب والغربيين

اقرأ في هذا المقال


من الممكن تعريف المذهب الأدبي بأنه عبارة عن مجموعة من المعايير التي تتضمن الجمال والأخلاق وإلى جانب الفكر، وهذه المعايير عند بلد محدد في فترة زمنية محددة يعتبر تيار أدبي محدد، ويمتاز هذا التيار بمجموعة من القواعد التي يمضي من خلالها الأدباء في طريقهم، ولقد نشأت هذه المذاهب الأدبية وبدأت تظهر في أوربا وتحديداً في القرن السادس عشر، وفي هذا المقال سنقوم بدراستها.

المذاهب الأدبية في الغرب

1- المذهب الاتباعي أو الكلاسيكي

ويعتبر هذا المذهب هو من أوائل المذاهب التي ظهرت، حيث بدأ في بداية عصر النهضة وذلك في القرن السادس عشر في فرنسا، وكان يستهدف الطبقات الراقية، ولهذا كان ينبغي على الأديب أن يستعمل فيه لغة راقية كذلك، وبعيداً عن الألفاظ السفيهَة.

كما كان يرتكز على إعادة ذكر الآداب القديمة وتقليد القدماء، حيث تم اعتبار الأدب اليوناني هو الأدب المستمر في التداول والذي ينبغي على الأدباء الاستقاء منه، وكان يقوم بالفرض على الأدباء باستعمال قانون الوحدات الثلاث وهي “وحدة الزمان، وحدة المكان، وحدة الموضوع”، ومن أشهر أنصار هذا المذهب هم “راسين، موليير، كورني، ولافونتين”.

2- المذهب الرومانسي أو الإبداعي

وبدأ هذا المذهب بالنشأة في فرنسا بعد نهاية المذهب الكلاسيكي، ومن أشهر خصائص هذا المذهب هي اللجوء إلى الطبيعة، والتي قام رواد هذا المذهب باعتبارها المنفذ الوحيد من مساوئ المجتمع وفساده، كما جعلوا كامل التحكم للقلب وذلك على حساب سلطة العقل.

وامتاز الأدب الإبداعي بأنه يستهدف عموم الشعب وكانت لغته مفهومه من قبل الجميع، كما قام الرومانسيون بالتمرد على المجتمع ومعاييره السائدة واندفعوا إلى الحرية، كما قاموا بإعطاء المرأة مكانة عظيمة فقد كانت عندهم الحبيبة والأم ومصدر الحنان، وطغى على هذا المذهب مشاعر الحزن والاكتئاب والنظرة التشاؤمية في إصلاح فساد العالم، ومن أشهر أنصاره “غوته، ستندال، هوغو، وبوشكين”.

3- المذهب الرمزي

وهو في المرتبة الثالثة من المذاهب الأدبية في الظهور، وبدأ في فرنسا في البداية، ويستعمل هذا المذهب الرموز والإشارة والإيحاء لكي يعبروا عن معلومات لا تقدر اللغة أن تعبر عنها، ولقد قام الرمزيون بالاهتمام بالموسيقى، وتواصل الحواس والإيحاء، كما امتاز هذا المنهج بصفة الغموض، ومن أشر أنصاره هم “ويليام بلاك، وويليام بيتلرياتس“.

4- المذهب الواقعي

بدأ هذا المذهب في روسيا ثم بعد ذلك تم تناقله إلى باقي أماكن أوربا، وتمتاز الواقعية بأنها تقوم على تصوير الواقع تصوير في غاية الدقة بجميع التفاصيل وبصورة حيادية ودون تزييف.

واستعمال اللغة التي يأنسها الناس وكانت اللغة واضحة يفهمها كافة الناس، كما ينبغي على الباحث في هذا المذهب البعد عن التقرير الشخصي.

وكانت الواقعية منقسمة إلى شكلين وهما الواقعية القديمة وبها يقوم الأديب بمحاكاة الواقع ويتكلم عن الماضي ومن وجهة نظرها يكون الماضي أفضل من الزمن الحاضر وهناك نظرة تشاؤمية عن المستقبل، أما الشكل الثاني فهي الواقعية الجديدة فتقوم بوصف الواقع، لكنها لا تعتمد النظرة التشاؤمية من المستقبل بل التفاؤل به، ومن أشهر أنصار الواقعية “مكسيم غوركي، بلزاك، ستندال، وإيميل زولا”.

المذاهب الأدبية عند العرب

تباينت مذاهب الأدب العربي عن المذاهب الأدبية في أوروبا وذلك وفقاً لما قد مر عليها من ظروف من الناحية التاريخية والاجتماعية في كل عصر كما يلي:

أولاً: عصر ما قبل الإسلام

إن الأدب عند العرب لم يظهر فيه مذاهب أدبية مثلما ظهر من المذاهب الأوروبية؛ لأن العرب قد عايشوا ظروف مختلفة في كافة الأبعاد، بالتالي نتيجة ذلك لم تظهر فيه مثل هذه المذاهب.

ولكن من ناحية أخرة نتلمس في الأدب العربي القديم البعض من الاتجاهات الأدبية التي تعكس البعض من الأصول والسمات المشتركة، غير أن الناحية الغالبة عند العرب أنه لم تظهر ولم تنشأ أسسه ولم يتم تصنيفها وكتابتها آنذاك.

ومن المتعارف عليه أنه في عصر ما قبل الإسلام كان للأدب اتجاهين في الشعر وهما اتجاه الطبع: وهو نظم الشعر من خلال الارتجال والحس البديهي، واتجاه الصنعة: وهو إجادة الشعر وجعله منقحاً فكان يتطلب نتيجة ذلك فترة طويلة من الزمن قبل عرضه على الناس.

أما فن القصة فلم يتم تدوينها ولم تحظى الاهتمام عند الفنون الأدبية وقتها؛ لأنها لم تكن عند العرب من أساسيات الأدب مثل الشعر والخطابة والرسائل، ولكنها نمت في العصر العباسي حيث تعددت وكانت غنية من حيث المضمون والأساليب فحينها استطاعت القصص أن تحصل على شهرة كبيرة مثل “ألف ليلة وليلة ورسالة الغفران”.

ثانياً: العصر العباسي

إن الأدب العباسي أيضاً كان لديه اثنين من الاتجاهات في الأدب يقومان على معايير ومبادئ واضحة بشكل أكثر وهما الأول: الاتجاه القديم أو التقليدي أو المحافظ، والآخر هو اتجاه التحديث والإتيان بما هو جديد والتأثر بالثقافات الحديثة التي مرت على هذا العصر.

وهناك عدد من الأدباء قد قاموا بإطلاق مفهوم (الكلاسيكية) على الاتجاه الأول، ومفهوم (والرومانسية) على الاتجاه الثاني، وقد كان لفن القصة في الأدب العربي في العصر العباسي شكلان إما مترجم من ثقافات متعددة مثل(كليلة ودمنة وألف ليلة وليلة)، ومن أمثلة الاتجاه الآخر (المقامات ورسالة الغفران).

ثالثاً: العصر الحديث

أما الأدب العربي في العهد الحديث فمن الممكن النظر له بشكل مختلف ومتباين بشكل جذري عن الأدب العربي في العهد القديم، وبالرغم من أن التواصل بين العهدين لم يحدث فلا يمكن أن نقوم بإغفال تأثير الأدب القديم في الأدب الحديث وإن كانا مختلفين بالجوهر، فالتاريخ يتقدم ويتجدد ويتباين، لكن العلاقات بين مراحله لم تكن مقطوعة، وهناك باحثون يقولون أن الأدب العربي الحديث له اتجاهات أدبية لا تختلف عن الاتجاهات الأدبية في أوروبا وهي “الكلاسيكية، الرومانسية والواقعية”.

بعد هذا السرد للاتجاهات والمذاهب الأدبية عند العرب والغرب في القديم والحديث، من الجدير بالذكر التطرق إلى صدود العرب في القديم عن تقليد المسارح في اليونان مع أنهم كانوا على اتصال بالثقافات الأخرى، فهناك دلائل من التاريخ تشهد بأن العرب قاموا بالاتصال لمدة طويلة بالحضارات اليونانية والرومانية قبل الإسلام وبعد الإسلام.

واجتهد بعض الأدباء والمتأثرين بالاستشراق في تفسير السبب بأن العرب كانوا مقتصرين عن الفن القصصي المسرحي والعرب غير قادرين على التجديد والإبداع والخيال، فقاموا بزعم أن العرب كانوا محدودي الخيال والعاطفة عندهم مهزوزة، وفي الحقيقة أن هذا الزعم لا وجه له من الصحة وليس له أي علاقة بالواقع والصدق، فالعرب بطبيعتهم ثريون بكل معايير الشخصية الكاملة والصورة المثالية والخيال الخصب والتفكير العميق.


شارك المقالة: