على الرغم من أن العصر الجاهلي مختلف عن باقي العصور، إلا أنه يزخر بمظاهر الحياة التي تحظى باهتمام الباحثين.
المعيشة في الشعر الجاهلي
بالنسبة لنمط المعيشة في العصر الجاهلي فقد كانت القبائل تعيش في الصحراء، ويسعون لمصدر الماء والغذاء، ويسكنون في الخيام، ويتصفون بالفصاحة والبلاغة، وكان طعامهم يعتمد على اللبن والتمر، وفي ترحالهم يعتمدون على النوق والخيل والإبل، وكل هذه المظاهر قام الشعراء بتوظيفها في أشعارهم، وذكروها بكثرة.
ومن أمثال هؤلاء الشعراء قول عمرو بن كلثوم:
ونشرب إن أردنا الماءَ صفوًا ويشربُ غيرُنا كدرًا وطينًا
كما يقول معاوية بن مالك:
“إذا نزل السحابُ بأرض قومٍ رعيناه وإن كانوا غِضابا“
ولقد كان للناس في الجاهلية صفات محمودة، ناتجة من الفطرة السليمة التي يتمتعون بها ومن أمثلتها الكرم، ومن أنماط حياتهم أنهم كانوا يشعلون النار على الرمل ويذكرون هذا في شعرهم، ومن أكرمهم الشاعر المخضرم حاتم الطائي فقد كانت الأمثال تضرب بشدة كرمه ووفائه بالعهود وكان يحمي الجار ويغيث الملهوف وغيرها من الصفات كالشجاعة والصبر والعفاف.
ومن جهة أخرى كان عندهم عادات سيئة، ومن أمثلتها الغزو والحرب والعصبية والسرقة، وكل ذلك تم ذكره في أشعارهم في وصف معيشتهم وحياتهم.
كانت الشجاعة والبأس هي أقوى صفاتهم؛ ويرجع ذلك إلى طبيعة الصحراء القاسية التي عاشوا بها، ومن لم يقم بالحرب كان فريسة للتعرض للهجوم، فكانت المنزلة والمكانة للقوي بينهم دون الضعيف فيقوم بنهب الأموال والإبل والنساء، ويجبره على مغادرة مكانه ودياره.
ومن عادات العرب السيئة التعصب للقبائل، فالشخص الجاهلي على ملّة قبيلته وعاداتهم حتى لو كانوا على خطأ، ونستطيع أن نرى أنه كان الشعر الجاهلي يوظف هذه القبلية ويصفها فيقول دريد بن الصمة في ذلك:
“وهل أنا إلا من غَزِيَّة إن غَوَت غَوَيتُ وإن تَرشُد غَزيَّةُ أرشُدِ”