اقرأ في هذا المقال
خرجت الأمثال من أفواه الناس العاديين، ليسوا من الشيوخ ولا من الوجهاء الأرستقراطيين، فقالها الحكماء البسيطين من ذوي الطبقات المحرومة والبسيطة.
أحداث دارت حول مثل “الملدوغ يخاف من جرة الحبل”:
حدث قبل رحيل الأمريكان، وقبل انعقاد القمة العربية في عاصمة العراق بغداد، أن قاموا الأمريكان بحملة تطهيرية كاملة لجميع أنحاء العراق، وخصوصاً في المنطقة الغربية؛ حيث كانت تشكل خطراً عليهم، إذ يتجمع فيها المعارضين، ووصلت بهم الأمور إلى نبش القبور، وكما تطرقوا إلى تفتيش البيوت وترويع العائلات؛ من أجل أن يدلوهم على الأماكن التي يتواجد فيها الأفراد المطلوبين منهم.
وفي ذات مرة جاءوا بحملة تفتيش للبيوت، ومن شدة ضغطهم على الابن، قام بنفسه بالتفتيش على والده معهم حتى يقتنعوا بأنه ميت، ولكن أبوا أن يصدقوه، فقال لهم: سأدلكم على مكان والدي، ففرح الضابط ومن معه كثيراً؛ نظراً لأنه كانت تُرصد لهم هدية مجزية وترقية من قبل الحكومة، إذا يجلبوا أي من المطلوبين.
فساروا معه إلى المكان الذي يتواجد فيه والده، وبعد المسير لمدة نصف ساعة بالسيارة، طلب منهم التوقف، وأشار إليهم بيده إلى المكان الذي يوجد فيه والده، فثار غضب الضابط ومن معه، فنعتوه وقالوا له: يا هذا أتسخر منا، إن هذا المكان مقبرة، فكيف سنجد والدك فيها؟
رد الابن عليهم: أنا لم أكذب عليكم قط، فشاهدوا ما هو مكتوب على هذه اللوحة، فهي تحمل اسمه وكنيته، والذي أخافكم هو حبل وليس حية، فلأنكم ملدوغين من المعارضين تخافون من الحبل.
دلالة مثل “الملدوغ يخاف من جرة الحبل”:
طبق هذا المثل نظرية ميكافيلي، التي ترى في أن أي بلد تعاقب الناس معتمداةً على أساس الشك، وليس على أساس اليقين، فالذي يريد أن يبني وطنه، يجب عليه أن يكون مسامحاً للأخرين، ولا يستخدم أسلوب الأنانية في البحث عن الآخرين؛ فهو لا يبحث عن الآخر من أجل الآخر، وإنما من أجل تحقيق ذاته في الآخر.
يعيش الحكام في أعلى هرم ممن ينطبق عليهم هذا المثل، فهم يعيشون في الخوف والهواجس المرئيين، إذ نراهم يتخبطون في سلوكياتهم، لأن الذي يمتلك الخوف يكون غير قادر على اتخاذ القرارات والسلوكيات الصائبة، حيث أنه سببَ لنفسه الحرمان من الراحة وطعم الهدوء اللذان يرسمان الطريق المستقيم السوي الصحيح.
وقد ضُرب هذا المثل في الإنسان الذي يمر بحالات خوف، تترك في نفسه الأثر السلبي، فيصبح درساً له يتذكره في أيامه المقبلة.