الندم في القرآن

اقرأ في هذا المقال



الندم في القرآن :

(الندم على الخطأ) يُشبه ألم المرض، وهو مؤذٍ ومزعج، غيرَ أنّه خُلق لحكمة ربانية، تعود على حياة الإنسان بالنفع والفائدة؛ قال تعالى: ﴿لَاۤ أُقۡسِمُ بِیَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِ (١) وَلَاۤ أُقۡسِمُ بِٱلنَّفۡسِ ٱللَّوَّامَةِ (٢) ﴾ [القيامة ] صدق الله العظيم، فالنفس اللوامة التي أقسم الله بها، هي النفس التي يدخل إليها الندم، فألم المرض يُوقظ صاحبه وينبهه على مرضٍ يحتاج للدواء، والندم على الخطأ يُساعد على الانتهاء عن الفعل الخطأ، يقول تعالى: ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِن جَاۤءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإࣲ فَتَبَیَّنُوۤا۟ أَن تُصِیبُوا۟ قَوۡمَۢا بِجَهَـٰلَةࣲ فَتُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَا فَعَلۡتُمۡ نَـٰدِمِینَ﴾ صدق الله العظيم [الحجرات ٦] قال أهل التفسير:  أي: فتندموا على إصابتكم إياهم بالجناية التي تصيبونهم بها.

وكأنّ هذا الندم الذي يلحق المخطىء تحذير كافٍ من الوقوع في الخطأ، جاء عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت : قال صلى الله عليه وسلم :” إنّ التوبة من الذنب الندم “.

والنقد يُبين الأخطاء فيجلب معه الندم، ولذلك؛ يكره كثيرٌ من الناس هذا النقد، فكأن النقدَ يوقظ الندم من جديد، هذا حال صحة النقد، فكيف إذا كان النقد بَغياً وزوراً، والانزعاج النفسي من النقد أمرٌ طبيعي، ولولا هذا الانزعاج لاستوى عند الإنسان الصواب والخطأ، ولم يحرص ويجتهد في تجويد العمل وإتقانه، وكان عمر رضي الله عنه يقول: “رحم الله امرأ أهدى إلي عيوبي” وكان داود الطائي قد اعتزل الناس فقيل له: لم لا تخالط الناس؟ فقال: وماذا أصنع بأقوام يخفون عني عيوبي!!.

وللتعامل الجيد مع النقد وما يرتبط به من نعمة ( الندم )؛ ينبغي أن يسمع الإنسان النقد بأُذُن عقله لا قلبه، فأُّذُن العقل تفيد الخبرة، وأُّذُن القلب تُضعف الهمّة، وينبغي أن تنظر للنقد على أنّه فرصة لتحسين المُستقبل، وليبس حُكماً على الماضي، وينبغي أن يعتدل هذا الندم، فإن الخوفَ من الخطأ إذا زاد، مَنع من العمل ويسمّى ( اليأس )، قال تعالى:  ﴿یَـٰبَنِیَّ ٱذۡهَبُوا۟ فَتَحَسَّسُوا۟ مِن یُوسُفَ وَأَخِیهِ وَلَا تَا۟یۡـَٔسُوا۟ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ لَا یَا۟یۡـَٔسُ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡكَـٰفِرُونَ﴾ صدق الله العظيم [يوسف ٨٧].

إن البيئة التي تبالغ في الندم على الخطأ والخوف منه لا تصنع المُبدعين، وتعاقب العاملين، كما أنّ البيئة التي تستهين بالخطأ ولا تندم عليه تفقد قدرتها على الإتقان والتطوير.


شارك المقالة: