قصة امرأة محترمة كتبتها الكاتبة كيت شوبين بالألمانية: (Aus den Akten einer anständigen Frau) هي قصة تم تكييفها في فيلم كوميدي ألماني صامت عام 1920 من إخراج فرانز هوفر وبطولة مارجيت بارناي وأولغا إنجل وفريد إيملر.
تتعمق كيت شوبان في نفسية السيدة بارودا، وهي امرأة ثرية لديها زوج محب، فتقع في الإغراء من جوفرنيل وهو زائر مهذب ومتواضع إلى مزرعة بارودا حيث تم جذب السيدة بارودا في وقت مبكر من القصة باحتمالية التغيير من حياة أكثر هدوءًا وأكثر اعتيادية، ولكن بينما تستسلم السيدة بارودا لرغباتها بسهولة نسبية إلا أنّها تدرك على الفور ما تريده حقًا وتكافح في النهاية مع القيود المفروضة على هويتها باعتبارها “امرأة محترمة”.
الشخصيات:
- السيدة بارودا.
- جوفرنيل.
- غاستون بارودا.
قصة السيدة بارواد:
تدور أحداث القصة حول السيدة بارودا التي تشعر بخيبة أمل إلى حد ما عندما علمت أن صديق زوجها السيد جافرنيل يخطط لقضاء أسبوع أو أسبوعين في مزرعتهم، حيث كانوا مشغولين طوال الشتاء بالعمل، وقد خططت لفترة راحة وجلوس مع زوجها غاستون بارودا بعد انتهاء أعمالهم، وهي لم تقابل جوفرنيل مطلقًا، رغم أنها تعلم أنه كان هو وزوجها صديقين في الكلية وأنه الآن يعمل صحفي. لقد تصورت في مخيلتها أنه رجل طويل ونحيف وساخر مع نظارة ويضع يديه في جيوبه ولم تعجبها الصورة التي تكونت في ذهنها، لكن عندما قابلت الرجل لم يكن نحيفاً ولم يكن طويل القامة ولا ساخراً وقد أحبت شخصيته عندما قدم نفسه لأول مرة.
ولكن سبب إعجابها به لم تستطع أن تشرحه لنفسها، كما أنّها لم تستطع أن تكتشف فيه أيًا من تلك الصفات الرائعة والواعدة التي طالما أكدها لها زوجها غاستون على أنه يمتلكها، فعلى العكس من ذلك، فقد جلس صامتًا ومتقبلًا شغفها في الثرثرة لتجعله يشعر وكأنه في بيته وفي كرم ضيافة زوجها جاستون، ولكنّه كان قليل الكلام وكان أسلوبه مهذبًا تجاهها بقدر ما تتطلبه المرأة الأكثر تشددًا، لكنه لم يقدم أي تعليق على حديثها يظهر فيه موافقتها أو حتى احترامها.
وبمجرد أن استقر في المزرعة بدا أنه يحب الجلوس على الممر العريض في ظل أحد أعمدة المنزل الكبيرة، يدخّن سيجاره بتكاسل ويستمع باهتمام لتجربة غاستون في زارعة السكر، وكان عندما يحس بالهواء الذي يجتاح حقل السكر يداعبه بلمسته المخملية الدافئة ورائحتة الجميلة يقول: هذا ما أسميه الحياة، حيث كان ينطق تلك العبارة برضا عميق كتعبير منه عن محبته للأجواء الريفية في الحقول، وكان يسعده علاقتة المألوفة مع الكلاب الكبيرة التي كانت تتجمع حوله وتفرك نفسها بساقيه، ولكنّه لم يكن مهتمًا بالصيد، ولم يُظهر أي رغبة في الخروج وقتل الحيوانات عندما اقترح غاستون القيام بذلك.
حيرت شخصية جوفرنيل السيدة بارودا، لكنها كانت تحبه، في الواقع كان رجلاً محبوبًا وغير مؤذٍ وبعد أيام قليلة، عندما لم تستطع فهمه بشكل أفضل مما كانت عليه في البداية استسلمت للحيرة ولكنّها ظلت منزعجة وبسبب تعكر مزاجها ، كانت تترك زوجها وضيفها في الغالب وحدهما معًا. وبعد شعورها بعد فترة بالملل من خروجهما المستمر وبقائها وحدها قررت مرافقتهما في نزهاتهما البطيئة إلى الطاحونة والسير على طول الحقول، لقد سعت بإصرار إلى اختراق ما كانت تعتقد أنّه يشبه المحمية التي بناها السيد جوفرنيل حول شخصيته دون وعي.
وذات يوم سألت زوجها: متى يذهب صديقك؟ من ناحيتي، إنه يتعبني بشكل مخيف، فأجابها زوجها ليس لمدة أسبوع بعد يا عزيزي، لا أستطيع أن أفهم، إنه لا يسبب لك أي مشكلة، وبدأ الاثنان حديثاً محتداً حول الرجل، حين أخبرته الزوجه أنّها توقعت أن صديقه ذكياً كما وصفه، فرد زوجها أنّه كذلك لكن الرجل المسكين منهك بسبب الإرهاق من العمل لهذا طلب منها أن تدعه يأخذ قسطاً من الراحة.
فردت عليه: كنت تقول أنه رجل ذو أفكار وكنت أتوقع أن يكون مثيرًا للاهتمام ولكنّه حوّل حياتنا إلى مزيد من الملل، لذلك على الأقل أنا ذاهبة إلى المدينة في الصباح لأعيش الأجواء الربيعية في بيت عمتي وعنما يرحل السيد جافرنيل تستطيع أن تأتي وتأخذني سأكون عند عمتي، وفي تلك الليلة عندما كانت تفكر بالرحيل، ذهبت وجلست بمفردها على مقعد تحت شجرة بلوط كبيرة على حافة ممشى الحصى.
لم تعرف أبدًا أفكارها أو نواياها في ظل هذا التشوش الشديد ولم تستطع جمع شيء من أفكارها سوى الشعور بضرورة واضحة لمغادرة منزلها في الصباح، وفجأة سمعت السيدة بارودا وقع أقدام وهي تدق الحصى، ولكنها لم تميز في الظلام سوى النقطة الحمراء التي تظهر من السيجار المشتعل، ثمّ عرفت أنه كان جافرينيل، لأن زوجها لا يدخن حيث كانت تأمل أن تبقى دون أن يلاحظها أحد، ولكن ثوبها الأبيض كشفها له حين اقترب منها ورمى سيجاره وجلس على المقعد بجانبها، دون تفكير في أنها قد تعترض على وجوده.
فقال لها: لقد قال لي زوجك أن أحضر لك هذا يا سيدة بارودا، وسلمها وشاحًا أبيض كانت تغطي به رأسها وكتفيها أحيانًا، ثمّ قام بالتحدث ببعض الملاحظات المألوفة حول التأثير السيء لهواء الليل في هذا الموسم، ثم مد نظره إلى الظلام وقال: ليلة الرياح الجنوبية – ليلة النجوم القليلة الكبيرة. بينما كانت المرأة ما زلت تومئ برأسها ولم ترد على هذه العبارات أو تعلق عليها، والتي في الواقع بدا من حديثه وكأنّها لم تكن موجهة إليها.
لم يكن جافرنيل رجلاً خجولًا بأي حال من الأحوال، حيث كان جالسًا بجانب السيدة بارودا وقد ذاب صمته في ذلك الوقت ثمّ تحدث بحرية في طريقة لم تكن مزعجة لسماعها، حيث تحدث عن أيام الكلية القديمة عندما كان هو وجاستون على علاقة جيدة ببعضهما البعض في الأيام السابقة عندما كانت لديهم الكثير من الطموحات الكبيرة والآمال العظيمة، أمّا الآن لم يبقى منها على الأقل سوى فلسفة بسيطة حول ما يجري حولهم في هذه الحياة مع اختفاء الآمال والطموحات التي تلاشت بألم الواقع.
لقد أدركت بعقلها بشكل غامض ما كان يقوله، وأثّر كلامه عليها بطريقة لم تتوقعها حيث لم تكن تفكر في كلماته، بل كانت تغرق فقط نغمات صوته، أرادت أن تمد يدها في الظلام وأن تلمسه بأطراف أصابعها على وجهه وأرادت أن تقترب منه وتهمس في أذنه بأنّ شعورها بالغضب تجاهه ما هو إلا طريقة لإخفاء مشاعرها القوية، كما كانت ستفعل لو لم تكن امرأة محترمة، وكلما زادت قوة الدافع لتقترب منه ابتعدت عنه في الواقع وحالما استطاعت أن تفعل ذلك دون أن تبدو وقاحة شديدة منها، قامت وتركته هناك وحيدًا.
وقبل أن تصل إلى المنزل، أشعل جوفيرنايل سيجارًا جديدًا، وبقيت السيدة بارودا منشغلةً بالتفكير أكثر من مرة في تلك الليلة لإخبار زوجها، الذي كان أيضًا صديقها بهذه الحماقة التي استولت عليها. لكنها لم تستسلم لتلك الأفكار فهي إلى جانب كونها امرأة محترمة، كانت امرأة عاقلة للغاية وعرفت أن هناك بعض المعارك في الحياة التي يجب أن يخوضها الإنسان بمفرده.
وعندما قام غاستون في الصباح، كانت زوجته قد رحلت بالفعل حيث كانت قد ركبت قطارًا في الصباح الباكر إلى المدينة، ولم تعد إلا بعد ذهاب جوفرنيل من تحت سقف بيتها، ثمّ كان هناك بعض الحديث من زوجها عن عودة صديقه خلال الصيف التالي ولكنّ زوجته أظهرت مقاومةً شديدة للفكرة.
وبعد فترة، قبل نهاية العام اقترحت على زوجها فكرة بنفسها وهي أن يدعو جافنريل لزيارتهم مرة أخرى حينها كان زوجها متفاجئًا وسعيدًا بالاقتراح الذي جاء منها وأخبرها بعمق سعادته أنها قد تغلبت أخيرًا على كرهها لصديقه حيث أنّه لم يكن يستحق ذلك، فقالت له ضاحكة بعد أن قامت بمعانقته: لقد تغلبت على كل شيء! سترى. هذه المرة سأكون لطيفةً جدًا معه.