إن النظر في الكثير من كتب المعرفة والعلوم المختلفة، لا يكلف الإنسان الكثير ولا يستغرق فيه الكثير من الوقت، ولكن الفائدة التي تعود عليه تتعدى اتساع المدى، فيتسع أفقه ويزيد فهمه، ويسهل عليها الإطلاع والبحث في مختلف العلوم.
أحداث دارت حول مثل “باللطف تفتح جميع الأبواب”:
يقال قديماً في المجتمعات الأجنبية كان هناك أستاذ من أستاذة الجامعة، بدأ مسيرته العلمية كطالب، فقد كان مجتهداً جداً، ولكنه يقوم بحفظ الشيء المقرر له فقط؛ فلا يتطرق لفتح شيء خارج نطاق تخصصه، ولم يدور في نفسه فتح أي كتب للمطالعة خارج النطاق، فعندما كان يواجه أي إشكال لا يبحث عن حل له في كتب أخرى.
فعند وصوله إلى وقت الامتحان كان يحصل على درجات عالية، مما مكنه ليعمل معيد في نفس الجامعة، ومن ثم سار في طريق الماجستير والدكتوراة، والمتعجب منه أنه في كل هذه الطريق لم يحيد عن منهجه، ثم حصر دراسته في المقررات دون الاستناد على أي مراجع، ولا يتطرق إلى النظر في المصادر.
ترفع في الدرجات والمناصب حتى أصبح كالعلم في تخصصه، ووصل لدرجة أنه كان عليه وضع المصنفات؛ لتأليف الكتب في مجال تخصصه؛ لكي يستفيد منها الأجيال القادمة، وعند إصدار الكتب، نظر الناس فيها، فتشتت أفعالهم واتجاهاتهم وآرائهم، والطلبة اختلف كل واحد في رأيه حسب شيخه، والشيوخ انقسموا إلى قادح ومادح كلن حسب أهواءه وأغراضه وعلمه، والبقية مالوا مع كل ريح.
نظر الحكماء إلى كتبه فقالوا فيه هذا المثل، حيث شبهوا هذا الرجل كأنه في غرفةً صغيرةً، فيها أبواب كثيرة، فاختار باب وفتحه فوجد غرفة أخرى تحتوي على أبواب كثيرة وورقة، فقرأ الورقة واختار باب وفتحه، فرأى ورقة كذلك قام بقراءتها وفتح أحد الأبواب، وعندما أحس بالتعب رجع إلى مكانه الأول، فوجد من يقول له: ارسم خريطة للمكان الذي تتواجد فيه.
فمن الطبيعي أن يدرك أن وراء كل باب، أبوابٌ كثيرةٌ وطرق أخرى لا يعرف منها شيئاً، فما قام به سوى قراءة ثلاثة ورقات، فظن نفسه عالم، وربما يكون غيره قرأ مجرد ورقة واحدةً، لكنه كان قادر على فتح جميع الأبواب.
دلالة مثل “باللطف تفتح جميع الأبواب”:
انحصار الشخص في تخصصه لا يعني الانقطاع عن الشيء الذي يتخصص به، ولكنه يقصد به الإحاطة بكل ما يلم بالتخصص، وفي الوقت الحالي نجد من يدعي معرفته في شيء يكون مستند فيه على قراءة الكتب، ولم يتطرق للإطلاع على غيرها من الكتب التي تحيط بكامل المعرفة.
