بيلليروفون وأسطورة الكمير

اقرأ في هذا المقال


كان بيلليروفون نجل بوسيدون (Poseidon) الذي امتدت مآثره البطولية إلى اليونان وآسيا الصغرى، وخاض معركة على قمة الحصان المجنح الخالد بيغاسوس واكتسب بيلليروفون شهرة باعتباره قاتل الكيمير والأعداء الأشرار الآخرين.

مغامرات بيلليروفون

بصفته ابنًا لبوسيدون كان مقدّرًا لبيلليروفون العظمة منذ وقت مبكر، وبعد سلسلة من الحوادث والمغامرات في شبابه وجد بيلليروفون نفسه في مملكة ليقيا البعيدة، وهناك حارب الكيمير والأمازون وأعداء مخيفين آخرين، وترجع نجاحات بيلليروفون في جزء كبير منه إلى بيغاسوس الحصان المجنح الخالد الذي روضه بيلليروفون، وفي النهاية ومع ذلك سقط بيليروفون في صالح الآلهة وبسبب فعل فظيع من الغطرسة عوقب بيلليروفون من قبل الآلهة وأصبح منبوذًا.

مغامرة الكمير والمغامرات الأخرى

عندما وصل بيلليروفون إلى ليقيا وسلم رسالة برويتس (Proetus) كان أيوباتس مترددًا في قتل بيلليروفون نفسه، ومثل برويتس لم يرغب في إثارة غضب الآلهة بانتهاك قوانين الضيافة (xenia)، وقرر أيوباتس إرسال بيلليروفون لقتل الكمير والذي اعتبره مهمة مستحيلة، وكان الكمير وحشًا رهيبًا له جسم هجين: جزء منه أسد وجزء ماعز وجزء ثعبان كما أنّه تنفث النار.

علم بيلليروفون أنّه لا يستطيع هزيمة الكمير بدون مساعدة بيغاسوس الحصان المجنح الخالد الذي انبثق من دم ميدوسا مقطوع الرأس، ووفقًا لقصيدة بندار أولمبي 13 (Pindar’s Olympian Ode 13) وهو الرواية القديمة الأكثر اكتمالاً عن أسر بيليروفون لبيغاسوس ساعده أثينا والنبي بولييدوس في مهمته، وفي تقاليد أخرى كان بوسيدون والد بيلليروفون هو الذي أعطاه بيغاسوس، وباستخدام بيغاسوس تمكن بيلليروفون من مهاجمة الكمير في عرينه الجبلي، وبعد صراع شرس انتصر بيلليروفون وقتل الكيمير.

تفسير أسطورة الكمير

من الممكن أن تكون أسطورة بيلليروفون مبنية على نوع من الواقع التاريخي، ولا تزال منحدرات جبل أوليمبوس في ليقيا تشتعل حتى اليوم بألسنة اللهب من تدفق الغاز الطبيعي (الينار باللغة التركية)، وعلاوة على ذلك من الممكن أن يكون صياد محلي قد قتل بالفعل أسدًا وثعبانًا مزعجين مما أدى إلى ظهور أسطورة قاتل بطل حيث تم دمج الحيوانات في واحد.

يلاحظ روبن لين فوكس أيضًا أن أصل كلمة نار في اللغات السامية كان (chmr)، فهل أصبح هذا المخلوق الناري الوهم؟ وهناك نظرية بديلة مفادها أنّ الكمير كانت تمثل إلهة قديمة مثلت هي نفسها السنة المقدسة التي تم تقسيمها إلى ثلاثة أجزاء ولكل منها رمزها الخاص حيث: أسد للربيع وماعز للصيف وثعبان للشتاء، وقد يرمز بيلليروفون الذي يمثل الإغريق إلى الغزو التاريخي لشعوب كاريان (Carian) القديمة الذين كانوا يعبدون إلهة القمر التي كان رمز تقويمها هو الكمير، وأخيرًا قد يعكس ترويض بيليروفون لبيغاسوس جانبًا آخر من نفس القصة حيث كان الحصان رمزًا لإلهة القمر هذه.

بيلليروفون في التصوير الفني

ظهر بيلليروفون وبيغاسوس والكمير لأول مرة على الفخار الكورنثي من منتصف القرن السابع قبل الميلاد، وتم عرض الثلاثة معًا على لوحة ذات شكل أحمر بواسطة رسام بالتيمور من بوليا في جنوب إيطاليا ويرجع تاريخها إلى النصف الثاني من القرن الرابع قبل الميلاد مما يشير إلى طول عمر القصة في الفن، ويظهر الكيمير بمفرده على الأواني الكورنثية من القرن السابع إلى السادس قبل الميلاد وفي أمفورا من القرن السادس قبل الميلاد من جنوب إتروريا.

كان الكيمير مثل ميدوسا أيضًا عنصرًا زخرفيًا شائعًا في الفن والعمارة، وفي غضون ذلك ظهر بيغاسوس بشكل مشهور على عملات كورنثوس في القرنين السادس والخامس قبل الميلاد، ومن المثير للاهتمام أنّه لا توجد رسومات باقية على الفخار اليوناني لبيلليروفون يقاتل الأمازون أو سوليمو، وكانت قصة بيلليروفون الموضوع الرئيسي لثلاث مسرحيات من قبل اثنين من الكتاب العظماء للمأساة اليونانية وهم: سوفوكليس ويوريبيديس (Euripides) ولكن فقط مخطط أو شظايا متبقية من جميع الأعمال الثلاثة.

ظل بيلليروفون مشهورًا لدى فنانين من الحضارة الأترورية في وسط إيطاليا (القرنان الثامن والثالث قبل الميلاد)، وواحدة من أشهر المنحوتات البرونزية الأترورية هي شيميرا أريتسو (Chimera of Arezzo) والتي تعود إلى القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد، والآن في المتحف الأثري الوطني في فلورنسا يبلغ ارتفاع المخلوق بالحجم الطبيعي 78.5 سم (31 بوصة) ويبلغ طوله 129 سم (50 بوصة)، وتم صبها من البرونز باستخدام تقنية الشمع المفقود.

يتأرجح رأس الماعز البارز من ظهره إلى جانب واحد من الجرح النازف ويمكن رؤية الجرح الثاني في الساق الخلفية للمخلوق، وتشير هذه التفاصيل بقوة إلى أنّ القطعة ربما كانت جزءًا من تكوين أكبر شمل بيلليروفون وبيغاسوس، وأخيرًا كانت أسطورة بيلليروفون وبيغاسوس موضوعًا شائعًا في الفن الروماني -خاصة نقش الأحجار شبه الكريمة وفسيفساء الأرضية- حيث أصبح الحصان المجنح رمزًا للخلود، وتُظهر فسيفساء رائعة من باروندورف يعود تاريخها إلى القرن الثالث الميلادي بيلليروفون ممتلئًا بالرماح في وضع يشبه بشكل ملحوظ الرسوم اللاحقة للقديس جورج وهو يذبح التنين.


شارك المقالة: