تأملات في سورة العلق :
قوله تعالى: ﴿ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِی خَلَقَ﴾ صدق الله العظيم[العلق ١] يعني: اقرأ مبتدئاً القراءة باسم الله الرحمن الرحيم، (بِٱسۡمِ رَبِّكَ)، ومن هنا قال الشافعي رحمه الله تعالى: هي آية في الفاتحة، وقد احتج بما رواه الدراقطني، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِذا قَرَأْتمْ الحمدُ فاقرؤوا بِسم الله الرَّحمَن الرَّحِيم، إِنَّهَا أم الْقُرْآن، وأم الكتاب، والسبع المثاني، وبسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم إِحْدَى آياتها.
والمالكية وبعض أهل العلم قالوا: ليست آية من القرآن الكريم، والمقصود بقوله تعالى: ﴿ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِی خَلَقَ﴾ اقرأ مفتتحاً القراءة باسم ربك أي (بسم الله الرحمن الرحيم) أو اقرأ باسم ربك مستعيناً به جل جلاله، الذي خلق الخلق كلهم.
قوله تعالى: ﴿خَلَقَ ٱلۡإِنسَـٰنَ مِنۡ عَلَقٍ﴾ صدق الله العظيم [العلق ٢] والإنسان المراد به هنا ذرية آدم، وليس آدم، أمّا آدم خُلق ممّا وُصف لنا، خلقه الله تعالى من تراب عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خُلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم ممّا وصف لكم.
والعلق: هي قطعة الدم المتماسك، سُميت علقاً لأنّها تعلق بأي شيء تمر عليه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنّ أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد.
قوله تعالى: ﴿ٱقۡرَأۡ وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ﴾ صدق الله العظيم[العلق ٣] صيغة – أفعل- يعني ربك جل جلاله هو أكرم الأكرمين، تبارك وتعالى، وكرمُ الله ليس له منتهى، قال تعالى: ﴿وَإِن تَعُدُّوا۟ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ لَا تُحۡصُوهَاۤۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورࣱ رَّحِیمࣱ﴾ صدق الله العظيم[النحل ١٨].
قوله تعالى: ﴿ٱلَّذِی عَلَّمَ بِٱلۡقَلَمِ﴾ صدق الله العظيم[العلق ٤] وهذه منّةٌ عظيمة من الله تعالى، حيث نص عليها في كتابه، أنّه علَّم عباده بالقلم، أنّه علمهم القراءة والكتابة بالقلم القراءة والكتابة بالقلم، وسُمي القلم قلماً لأنّه يقلم- أي يُبرح ويُزاح عنه حتى يُكتب به – جاء في الحديث : إن أول ما خلق الله القلم ثم قال له اكتب، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة.
قوله تعالى: ﴿عَلَّمَ ٱلۡإِنسَـٰنَ مَا لَمۡ یَعۡلَمۡ﴾ صدق الله العظيم[العلق ٥] وهذا لا شك في أنّه يدخل فيه جميع الناس بجميع الأعمار.
قوله تعالى: ﴿كَلَّاۤ إِنَّ ٱلۡإِنسَـٰنَ لَیَطۡغَىٰۤ﴾ صدق الله العظيم[العلق ٦] وهذا ضابط لعموم طغيان الناس، فمتى يطغى الإنسان؟ ﴿أَن رَّءَاهُ ٱسۡتَغۡنَىٰۤ﴾ ومن أصدق من الله قيلاً؟ كلما كان المرء ضعيفاً وفقيراً كلما كان مستكيناً يحب الله ويواظب على الصلاة.