تعريف الأدب في العصر الأموي

اقرأ في هذا المقال


تطور الأدب في الفترة الأموية على خلاف وضعه في بداية الإسلام، حيث انشغلوا بالدعوة الإسلامية والمعارك وإرساء قواعد الدين، أما في الفترة الأموية وبسبب أحداث عديدة مثل نقل الحكم من الحجاز إلى الشام دفع إلى تطور مناحي الحياة وخصوصًا الأدب، وذلك لاندماجه بشعوب جديدة أثرت في تطوره وازدهاره.

الأدب في العصر الأموي

تطور الأدب في هذه الفترة من الزمن على خلاف ما كان عليه في بداية الإسلام لانشغال المسلمين بنشر الإسلام وإرساء قواعده، لكن نهض بعد ذلك في الفترة الأموية التي كانت متأثرة في القرآن الكريم مما انعكس على تطور وإثراء الأدب آنذاك.

وشاع الأدب في جميع البلاد الأموية وبسببِ نقل الحكم من الحجاز إلى بلاد الشام، أصبح هناك اختلاط بثقافات جديدة أثرت الأدب وأدت إلى تطوره وانتشاره.

وكما كان دور الخلفاء واضح في ازدهار الأدب إذ شجعوا عليه وأنفقوا الأموال الكثيرة من أجله واستقبلوا العلماء من جميع الأرجاء، وأجزلوا لهم العطاء تشجيعًا لهم كما قاموا على إنشاء مجالس العلم، وخصصوا لأبنائهم مدرسين ومؤدبين يعلمونهم الآداب جميعها.

عوامل ازدهار الأدب في العصر الأموي

1- بيئة الأدب الأموي: انطلقت في البداية في مكة ويثرب وشهد الأدب في هذه الفترة تطورًا نتيجة المعارضات ثم أنتقل إلى نجد والبادية، ونرى فيه أن الشعر قد ضعف بسبب ضعف العصبية القبلية، وبعد الانتقال إلى بلاد الشام تطور الأدب وظهر فيه العديد من الأدباء والشعراء المتميزين.

2- عودة النزاعات القبلية: بسبب هذه النزاعات بين القبائل ازدهر الأدب، حيث أخذت كل قبيلة تهتم بِشعرائها وعلمائها حتى تكسب ود الخلفاء، ومنهم قبيلة القيسية وكذلك اليمنية.

3- الموالي والثقافات الأعجمية: بعد دخول غير العرب للإسلام واندماجهم مع أهل المشرق أدى ذلك إلى فهم لغتهم والتأثر بها مثل الثقافة الفارسية، كما أنهم تأثروا بلغة كتاب الله، وكل هذا التمازج أدى إلى استخدام أساليب وَمعاني ومفردات جديدة في الأدب المشرقي مما دفعه إلى الازدهار والتطور. 

4- المجالس الأدبية: حيث انتشرت الأماكن التعليمية في هذه الفترة وكان الخلفاء يشجعون على إفاقته وظهر من الخلفاء من برع في مجال الأدب والشعر والنقد أيضًا، وكانوا يشجعون الشعراء على نظم القصائد وَيجزلون لهم العطاء وخصوصًا في أشعار المدح وكذلك هجاء الأعداء.

5- الأسواق: انتشرت في هذه الفترة الأماكن التجارية التي يجتمعون فيها ويتبادلون البضائع وأبرزها سوق عكاظ، وكانت الأسواق أيضًا تعج بالشعراء والأدباء يتباهون بما لديهم.

أغراض الشعر في العصر الأموي

1- المدح: يعد هذا من أبرز الأنواع في هذه الفترة حيث أن الخلفاء شجعوا أهل الشعر على كتابته، وتسابقوا من أجل كسب العطايا من الممدوحين، ومن أبرزهم جرير ويقول مادحًا عبد الملك:

لولا الخليفة والقرآن يقرءُه

ما قام للناس أحكامٌ ولا جُمَعُ

أنت الأمين أمينُ الله لا سرفُ

فيما وليت ولا هيّابةٌ ورع

أنت المبارك يهدي الله شيعته

إذا تفرقت الأهواء والشيع

يا آل مروان إنَّ الله فضَّلكم

فضلًا عظيمًا على من دينُهُ البدِعُ

2- الهجاء: لا يقل هذا النوع مكانةً عن المدح فقد أهتم به بدافع العنصرية القبلية حيث كان للقبائل المتكلمين الذين يتصدون لأعدائها، كما شجع عليه ولاة الأمر وأجزل الهبات لأهله من أجل الإكثار منه وهجاء أعدائه، مثال على ذلك الفرزدق حيث يقول:

إنَّ الذي سمك السَماءَ بَنى لَنا

بَيتاً دَعائِمُهُ أَعَزُّ وَأَطوَلُ

بَيتاً بناه لنا المليك وما بنى 

حكم السماء فإنه لا يُنقلُ

بيتًا زُرَارَةُ محتبٍ بفنائه

وَمُجاشِعٌ وَأَبو الفَوارِسِ نَهشَلُ

يَلِجونَ بَيتَ مُجاشِعٍ وَإِذا اِحتَبوا

بَرَزوا كَأَنَّهُمُ الجِبالُ المثلُ

3- الرثاء: وهو نوع قديم لكنه تطور وشاع في هذه الفترة حيث اشتدت المعارك وزاد أعداد القتلى جراء ذلك، ولذلك رَثى أهل الشعر من قتل بأصدق المشاعر ومن أبرز شعراء الرثاء في هذه الفترة نذكر ليلى الأخيلية التي رثت محبوبها توبة وقالت:

أيا عَيْنُ بَكّي تَوْبَةَ بن حُمَيِّرِ

بسَحٍّ كَفَيْضِ الجَدْوَلِ المُتَفَجّرِ

لِتَبْكِ عَلَيْهِ مِنْ خَفَاجَةٍ نِسْوَةٌ

بماءِ شُؤُونِ العَبْرَةِ المُتَحَدِّرِ

سَمِعْنَ بِهَيْجا أزهَقَتْ فَذَكَرْنَهُ

ولا يَبْعَثُ الأَحْزانَ مِثْلُ التّذَكُّرِ

النثر في العصر الأموي

تطور النثر في هذه الفترة على الرغم من شيوع الكلام المنظوم أكثر وتعلق الناس فيه أكثر من النثر وكان النثر في أغلب المواقف أشد تأثرًا من الكلام المنظوم، حيث احتاج الناس في بعض المواقف إلى المفردات النثرية أكثر من المفردات المنظومة، ومثال على ذلك الخطب والرسائل وغيرها الكثير.

أثر الاندماج الثقافي في النثر الأموي

1- الحضارة الإسلامية: أخذ النثر مفرداته وأفكاره من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، مبتعدًا عن كل أمر مذموم مما أدى إلى النهضة في النثر.

2- الثقافات الأعجمية: اندماج أهل المشرق مع غيرهم في الفترة الأموية متبادلين الثقافات فيما بينهم حيث أخذ العرب منهم ما يتناسب الطبع المشرقي وترك غير ذلك.

صفات النثر في العصر الأموي

1- الصفة الإسلامية: حيث أنهم اتبعوا تعاليم الإسلام والتزموا بها، واقتبسوا من القرآن الكريم.

2- اختيار المفردات القوية: حيث اهتم الكاتب على انتقاء المفردات التي لها تأثير على الأذهان وتخطف القلوب وَتأسرها.

3- اختيار الأساليب المؤثرة: ويكون بسرد المفردات والتراكيب بطريقة مؤثرة تتناسب مع الموقف الذي قيلت فيه.

4- التنوع بين الطول والقصر: حيث كانت الرسائل التي ترتبط بالسياسة طويلة وعلى العكس منها كانت الكتابات الأخرى.

فنون النثر في العصر الأموي

1- الخطابة: هي حديث يعجُ بالسجع والمحسنات البديعية يتم القائها أمام الناس، وظهر في هذه الفترة العديد من أنواع الخطب مثل الدينية والسياسية وغيرها.

2- المناظرات: وهي تقوم بين جهتين بينهما نزاع حول شيء معين، وكانت تقوم بين الشعراء وأهل النحو أيضًا مثل مناظرة ابن إسحق والفرزدق.

3- فن الرسائل: وهي من أهم الكتابات في هذه الفترة والتي كانت تخدم سياسة الخلفاء وعلاقتهم بولاة الأمر في تلك الفترة.

أعلام النثر في العصر الأموي

1- عبد الحميد الكاتب.

2- زياد بن أبيه.

3- الحجاج بن يوسف الثقفي.

نموذج من النثر في العصر الأموي

قول الحجاج في خطبة له: ” أما والله إني لأحمل الشر بثقله وأحذوه بنعله وأجزيه بمثله، والله يا أهل العراق إني لأرى رؤوسًا قد أينعت وحان قطافها، وإني لصاحبها، والله لكأني أنظر إلى الدماء بين العمائم واللحى.”

وفي النهاية نستنتج أن الأدب في هذه الفترة ازدهر بخلاف ما كان عليه في بداية الإسلام وسبب الاندماج مع العجم وتبادل الثقافات، كل ذلك أثرى الأدب في جميع المجالات الأدبية وبرز فيها العديد من الأدباء أمثال الحجاج، والفرزدق وغيرهم الكثير.


شارك المقالة: