تفسير سورة الفتح

اقرأ في هذا المقال


قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: (إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحࣰا مُّبِینࣰا (١) لِّیَغۡفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنۢبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَیُتِمَّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَیۡكَ وَیَهۡدِیَكَ صِرَ ٰ⁠طࣰا مُّسۡتَقِیمࣰا (٢) وَیَنصُرَكَ ٱللَّهُ نَصۡرًا عَزِیزًا (٣) هُوَ ٱلَّذِیۤ أَنزَلَ ٱلسَّكِینَةَ فِی قُلُوبِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ لِیَزۡدَادُوۤا۟ إِیمَـٰنࣰا مَّعَ إِیمَـٰنِهِمۡۗ وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِیمًا حَكِیمࣰا) صدق الله العظيم.

مناسبة التسمية:

أن الله سبحانه وتعالى افتتح السورة بذكر الفتح ، والسورة ذكرت فتوحات كثيرة،  وعطايا عظيمة من الله عز وجل لعباده الصالحين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

مما جاء في فضلها:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس . ثم قرأ قوله تعالى : ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ) صدق الله العظيم، في الترمذي عن أنس قال: أنزلت على النبي ﷺ “ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر” مرجعه من الحديبية، فقال النبي ﷺ:] لقد أنزلت علي آية أحب إلي مما على وجه الأرض [. ثم قرأها النبي ﷺ عليهم، فقالوا: هنيئا مريئا يا رسول الله، لقد بين الله لك ماذا يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فنزلت عليه “ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار- حتى بلغ- فوزا عظيما”.

موافقة أول السورة آخرها:

بدأت السورة الكريمة ببشارة ربانية من الله سبحانه وتعالى للرسول صلى الله عليه وسلم ، وللمؤمنين بدخولهم الجنة قال تعالى: ﴿لِّیُدۡخِلَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِ جَنَّـٰتࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ خَـٰلِدِینَ فِیهَا وَیُكَفِّرَ عَنۡهُمۡ سَیِّـَٔاتِهِمۡۚ وَكَانَ ذَ ٰ⁠لِكَ عِندَ ٱللَّهِ فَوۡزًا عَظِیمࣰا﴾ صدق الله العظيم، وختمت السورة المباركة بوعد للمؤمنين بالجنة ومغفرة الله (مُّحَمَّدࣱ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِینَ مَعَهُۥۤ أَشِدَّاۤءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَاۤءُ بَیۡنَهُمۡۖ تَرَىٰهُمۡ رُكَّعࣰا سُجَّدࣰا یَبۡتَغُونَ فَضۡلࣰا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَ ٰ⁠نࣰاۖ سِیمَاهُمۡ فِی وُجُوهِهِم مِّنۡ أَثَرِ ٱلسُّجُودِۚ ذَ ٰ⁠لِكَ مَثَلُهُمۡ فِی ٱلتَّوۡرَىٰةِۚ وَمَثَلُهُمۡ فِی ٱلۡإِنجِیلِ كَزَرۡعٍ أَخۡرَجَ شَطۡـَٔهُۥ فَـَٔازَرَهُۥ فَٱسۡتَغۡلَظَ فَٱسۡتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِۦ یُعۡجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِیَغِیظَ بِهِمُ ٱلۡكُفَّارَۗ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ مِنۡهُم مَّغۡفِرَةࣰ وَأَجۡرًا عَظِیمَۢا (٢٩)) صدق الله العظيم، وذلك أعظم فتح وفضل من الله سبحانه وتعالى- اللهم ارزقنا جنتك.

المحور الرئيسي للسورة:

الفتوح والعطاء الرباني للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته .

مواضيع السورة المباركة:

  • التكلم عن غفران الذنب للنبي صلى الله عليه وسلم، قال الرازي والذنب هنا أحدى عدة أمور منها: المراد ذنب المؤمنين.
  • ثانيها: المراد ترك الأفضل.
  • ثالثها: الصغائر فإنها جائزة على الأنبياء بالسهو والعمد، وهو يصونهم عن العجب.
  • المسألة الرابعة: ما معنى قوله: ﴿وما تأخر﴾ ؟ وهو أنّه وعد النبي عليه السلام بأنّه لا يذنب بعد النبوة.
  • إنزال السكينة والرحمة على النبي وأصحابه.
  • البشارة بفتحة مكة وهو قول الله تعالى: ﴿لَّقَدۡ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّءۡیَا بِٱلۡحَقِّۖ لَتَدۡخُلُنَّ ٱلۡمَسۡجِدَ ٱلۡحَرَامَ إِن شَاۤءَ ٱللَّهُ ءَامِنِینَ مُحَلِّقِینَ رُءُوسَكُمۡ وَمُقَصِّرِینَ لَا تَخَافُونَۖ فَعَلِمَ مَا لَمۡ تَعۡلَمُوا۟ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَ ٰ⁠لِكَ فَتۡحࣰا قَرِیبًا﴾ صدق الله العظيم.
  • الوعد من الله للنبي وللمؤمنين بإظهار الدين كله.

فوائد ولطائف حول السورة المباركة:

كل من بايع النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة من أهل الجنة، كما جاء عن أُمِّ مُبَشِّرٍ رضي الله عنها: أنَّها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول عند حفصة رضي الله عنها: (لا يدخل النارَ إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد، الذين بايعوا تحتها، قالت: بلى يا رسول الله، فانتهرها، فقالت حفصة: قال تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}(مريم:71)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد قال الله عز وجل: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا}(مريم:72)) رواه مسلم.

قال النووي: “قال العلماء معناه لا يدخلها أحد منهم قطعاً.. وإنما قال إن شاء الله للتبرك لا للشك.

  • كفى فضلاً لصحابة النبي صلى الله عليه وسلم أن الله ذكرهم في الكتب السابقة قال تعالى (مُّحَمَّدࣱ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِینَ مَعَهُۥۤ أَشِدَّاۤءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَاۤءُ بَیۡنَهُمۡۖ تَرَىٰهُمۡ رُكَّعࣰا سُجَّدࣰا یَبۡتَغُونَ فَضۡلࣰا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَ ٰ⁠نࣰاۖ) صدق الله العظيم.
  • الواجب على العبد أن يثق بربه سبحانه وتعالى فيما يقدره له، فكثير يؤخر الله عن العبد، يكون فيه الخير الكثير، وما ذلك إلّا لمصلحة الله يعلمها، قال تعالى: (لَّقَدۡ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّءۡیَا بِٱلۡحَقِّۖ لَتَدۡخُلُنَّ ٱلۡمَسۡجِدَ ٱلۡحَرَامَ إِن شَاۤءَ ٱللَّهُ ءَامِنِینَ مُحَلِّقِینَ رُءُوسَكُمۡ وَمُقَصِّرِینَ لَا تَخَافُونَۖ فَعَلِمَ مَا لَمۡ تَعۡلَمُوا۟ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَ ٰ⁠لِكَ فَتۡحࣰا قَرِیبًا) صدق الله العظيم .

شارك المقالة: