تفسير سورة القمر

اقرأ في هذا المقال


قال تعالى ﴿ٱقۡتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلۡقَمَرُ (١) وَإِن یَرَوۡا۟ ءَایَةࣰ یُعۡرِضُوا۟ وَیَقُولُوا۟ سِحۡرࣱ مُّسۡتَمِرࣱّ (٢) ﴿وَكَذَّبُوا۟ وَٱتَّبَعُوۤا۟ أَهۡوَاۤءَهُمۡۚ وَكُلُّ أَمۡرࣲ مُّسۡتَقِرࣱّ (٣) وَلَقَدۡ جَاۤءَهُم مِّنَ ٱلۡأَنۢبَاۤءِ مَا فِیهِ مُزۡدَجَرٌ (٤) حِكۡمَةُۢ بَـٰلِغَةࣱۖ فَمَا تُغۡنِ ٱلنُّذُرُ (٥)، صدق الله العظيم.

مناسبة السورة:

لمّا كانت سورة القمر تتكلم عن آيات الله في الكون، وتكذيب الكافرين والمشركين ، افتتحت السورة بذكر آية من أعظم الآيات وهي (انشقاق القمر).

ممّا جاء في فضلها:

كان النبي صلى الله عليه وسلم” يقرأ في عيدي الأضحى والفطر بـ (ق والقرآن المجيد ، واقتربت الساعة وانشق القمر).

سبب النزول:

قال ابن عباس: «اجتمع المشركون إلى رسول الله ﷺ فقالوا: إن كنت صادقاً فشق لنا القمر فرقتين، فقال لهم رسول الله ﷺ: “إن فعلت تؤمنون؟” قالوا: نعم، فسأل رسول الله ﷺ ربه أن يعطيه ما قالوا، فانشق القمر فرقتين، ورسول الله ﷺ ينادي: “يا فلان يا فلان اشهدوا”، وذلك بمكة قبل الهجرة.» وقد روى البخاري ومسلم في “صحيحيهما” من حديث ابن مسعود قال: «انشق القمر على عهد رسول الله ﷺ شقتين، فقال رسول الله ﷺ: “اشهدوا” .».

موافقة أول السورة لآخرها:

بدأت السورة بذكر الآيات التي تنذر وتخوف، فقال تعالى: (وَكَذَّبُوا۟ وَٱتَّبَعُوۤا۟ أَهۡوَاۤءَهُمۡۚ وَكُلُّ أَمۡرࣲ مُّسۡتَقِرࣱّ (٣) وَلَقَدۡ جَاۤءَهُم مِّنَ ٱلۡأَنۢبَاۤءِ مَا فِیهِ مُزۡدَجَرٌ (٤) حِكۡمَةُۢ بَـٰلِغَةࣱۖ فَمَا تُغۡنِ ٱلنُّذُرُ (٥)) صدق الله العظيم، ثم خُتمت السورة ببيان عاقبة من كذب الآيات فقال تعالى (وَلَقَدۡ أَهۡلَكۡنَاۤ أَشۡیَاعَكُمۡ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرࣲ (٥١) وَكُلُّ شَیۡءࣲ فَعَلُوهُ فِی ٱلزُّبُرِ (٥٢)) صدق الله العظيم، لكي تحذّر العباد، في تعاملهم مع الله تعالى، وعدم الاستخاف بأوامره.

المحور الرئيسي للسورة:

سنَّة الله في كل من كذّب بالله وآياته.


مواضيع السورة المباركة:

عرض مواقف المكذبين للأنبياء والرسل، وكيف كان عقابهم، والهدف هو زجر وتخويف العباد عمّا هم فيه من الكفر والضلال، وتوضيح أن الله أحصى كل وأفعال العباد.

فوائد ولطائف في السورة المباركة:

  • تمّ ختم جميع القصص التي ذُكرت بقوله تعالى: ﴿وَلَقَد تَّرَكۡنَـٰهَاۤ ءَایَةࣰ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرࣲ (١٥) فَكَیۡفَ كَانَ عَذَابِی وَنُذُرِ (١٦) وَلَقَدۡ یَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرࣲ (١٧)﴾ صدق الله العظيم، والغرض التذكير والتنبيه للعباد.
  • جميع السور المباركة تكلمت عن تكذيب المشركين للرسل، وعقوبتهم في الدنيا، ولم تأت آية واحدة تذكر عاقبة المؤمنين الصالحين إلّا في آخر السورة بآية واحدة فقط، وهي قوله تعالى: (إِنَّ ٱلۡمُتَّقِینَ فِی جَنَّـٰتࣲ وَنَهَرࣲ (٥٤) فِی مَقۡعَدِ صِدۡقٍ عِندَ مَلِیكࣲ مُّقۡتَدِرِۭ (٥٥)) صدق الله العظيم.
  • من أقوى الأسلحة للمؤمن هو الدعاء؛ والسبب أنّه دليل وعلامة على حاجته وفقره إلى الله تعالى، ومهما قوي الإنسان فهو ضعيف، فهو بحاجة إلى الله قال تعالى ﴿فَدَعَا رَبَّهُۥۤ أَنِّی مَغۡلُوبࣱ فَٱنتَصِرۡ (١٠)﴾ صدق الله العظيم.
  • – (وحملناه على ذات ألواح) أي على سفينة ذات ألواح، (ودسر) قال قتادة: يعني المسامير التي دسرت بها السفينة أي شدت.
  • قوله تعالى (تجري بأعيننا) صدق الله العظيم،  قال القرطبي في تفسيره: أي بمرأى منّا. وقيل: بأمرنا. وقيل: بحفظ منا وكلاءة، ومنه قول الناس للمودع: عين الله عليك، أي حفظه وكلاءته. وقيل: بوحينا.
  • قوله تعالى (سَیُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَیُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ) صدق الله العظيم، من الآيات التي أخبر فيها النبي صلى الله عليه وسلم عن الغيب ، قال سعيد بن جبير قال سعد بن أبي وقاص: لما نزل قوله تعالى: ﴿سيهزم الجمع ويولون الدبر﴾ كنت لا أدري أي الجمع ينهزم، فلمّا كان يوم بدر رأيت النبي ﷺ يثب في الدرع ويقول: اللهم إنّ قريشاً جاءتك تحادك وتحاد رسولك بفخرها وخيلائها فأخنهم الغداة – ثم قال- (سيهزم الجمع ويولون الدبر) فعرفت تأويلها. وهذا من معجزات النبي ﷺ، لأنّه أخبر عن غيب فكان كما أخبر.

قال ابن عباس: كان بين نزول هذه الآية وبين بدر سبع سنين، فالآية على هذا مكية. وفي البخاري عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: لقد أنزل على محمد ﷺ بمكة وإنّي لجارية ألعب: (بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر).

  • قوله تعالى: (فِی مَقۡعَدِ صِدۡقٍ عِندَ مَلِیكࣲ مُّقۡتَدِرِۭ) صدق الله العظيم، قال القرطبي في تفسيره: أي مجلس حق لا لغو فيه ولا تأثيم وهو الجنة (عند مليك مقتدر) أي يقدر على ما يشاء. و (عند) هاهنا عندية القربة والزلفة والمكانة والرتبة والكرامة والمنزلة. قال الصادق: مدح الله المكان الصدق فلا يقعد فيه إلّا أهل الصدق.

شارك المقالة: