توظيف عنترة بن شداد للطير في الشعر الجاهلي

اقرأ في هذا المقال


من طبيعة البشر أن يقوموا بربط ذاتهم بالمخلوقات التي حولهم، والشاعر الجاهلي في مراحل عيشه قد كون علاقات مع من حوله من الكائنات مثل الحصان والإبل والطيور.

توظيف عنترة بن شداد للطير في الشعر الجاهلي

ظهرت أنواع كثيرة من خطاب الطير والتحدث معه، على تباين أنواع الطيور المتعارف عليها وقتها، ومنها الحمام والغراب والبومة، وكان لكل طير المناجاة الخاصة به حسب الغرض الذي وظف من أجله، ولقد أتت عبارات وأبيات الشعراء لهذه الطيور في مواقف مختلفة فمنها المناجاة والنداء والحوار.

ويقول عنترة بن شداد:

“ومسكن أهلها مـن بطـن جـزع

تبــيض بــه مصــايف الحمــام”

في هذا الشعر إشارة على المحبة والأمان الذي قام أهل المحبوبة بتوفيره؛ حتى أن الحمام كان يبيض في دارهم؛ لأنه يحس بالأمان على البيض والفراخ ولا يعتدي أحد عليها.

وغراب الفراق له العديد من الوصوف في شعر الجاهلية؛ فوصف الشعراء الغراب بالحركة بلا هدف وبشكل عشوائي، ومن ذلك قول عنترة بن شداد العبسي:

“أَلا يا غُراب البينِ لَو كُنت صاحبِي

قَطَعنــا بِــلاَد االلهِ بالــدوران”

عندما فارق عنترة بن شداد أحبابه، صاح الغراب فقام بطرده من العش؛ حتى لا يبيض ويتكاثر وينتهي ويموت ولا يفجع شخص بالنعيق مرة أخرى، يقول عنترة:

“ظَعَنَ الَّذينَ فَراقَهُم أَتَوَقَّعُ

وَجَرى بِبَينِهِمُ الغُرابُ الأَبقَعُ

حَرِقُ الجَناحِ كَأَنَّ لِحيَي رَأسِهِ

جَلَمانِ بِالأَخبارِ هَشَّ مولَعُ

فَزَجَرتُهُ أَلّا يُفَرِّخَ عُشُّهُ

أَبَداً وَيُصبِحَ واحِداً يَتَفَجَّعُ

إِنَّ الَّذينَ نَعَيتَ لي بِفِراقِهِم

هُم أَسهَروا لَيلي التَمامَ فَأَوجَعوا”

ومن الأمثلة على مخاطبة الطير في شعر عنترة بن شداد:

“وَقَد غَنّى عَلى الأَغصانِ طَيرٌ

بِصَوتِ حَنينِهِ يَشفي الغَليلا

بَكى فَأَعَرتُهُ أَجفانَ عَيني

وَناحَ فَزادَ إِعوالي عَويلا

فَقُلتُ لَهُ جَرَحتَ صَميمَ قَلبي

وَأَبدى نَوحُكَ الداءَ الدَخيلا

وَما أَبقَيتَ في جَفني دُموعاً

وَلا جِسماً أَعيشُ بِهِ نَحيلا”


شارك المقالة: