تأملات في سورة قريش

اقرأ في هذا المقال


قوله تعالى: ﴿لِإِیلَـٰفِ قُرَیۡشٍ (١)) صدق الله العظيم، والمعنى من أجل ائتلاف قريش، وإظهار نعم الله تعالى عليهم، جعلناهم يألفون رحلة الشتاء والصيف.

والإيلاف: الاجتماع، وهي المؤانسة والاتفاق، وهي توفيق من الله تعالى، ويعنيأن قريشاً كانت مجتمعة، وكان عندها عادة الاجتماع والاتحاد، فمن أجل ائتلافهم أيضاً أهلكنا أصحاب الفيل، كي يدوم هذا الإلف عليهم، قال تعالى: ﴿أَوَلَمۡ یَرَوۡا۟ أَنَّا جَعَلۡنَا حَرَمًا ءَامِنࣰا وَیُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنۡ حَوۡلِهِمۡۚ أَفَبِٱلۡبَـٰطِلِ یُؤۡمِنُونَ وَبِنِعۡمَةِ ٱللَّهِ یَكۡفُرُونَ﴾ صدق الله العظيم[العنكبوت ٦٧].

قال أهل العلم: يُذكر ربنا تبارك وتعالى قريشاً بهذه النعمة العظيمة، والمعنى: يا من جعلهم الله يأمنون ذهاباً وإياباً في رحلة الشتاء والصيف، والناس يعظمونهم ويقولون: أهل حرم الله، ولا يمسونهم بسوء، اعبدوا ربكم وأسلموا له.

ولذلك يُشرع التذكير، بنعم الله خاصة عند حثة على العبادة، فقد ذكرت الملائكة السيدة مريم رضي الله عنها ومن ذلك ما جاء في قوله قوله تعالى: ﴿وَإِذۡ قَالَتِ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ یَـٰمَرۡیَمُ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰكِ وَطَهَّرَكِ وَٱصۡطَفَىٰكِ عَلَىٰ نِسَاۤءِ ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾ صدق الله العظيم [آل عمران ٤٢]، وكذلك عندما أمتن الله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في سورة الضحى عدما قال له: (أَلَمۡ یَجِدۡكَ یَتِیمࣰا فَـَٔاوَىٰ (٦) وَوَجَدَكَ ضَاۤلࣰّا فَهَدَىٰ (٧) وَوَجَدَكَ عَاۤىِٕلࣰا فَأَغۡنَىٰ (٨) فَأَمَّا ٱلۡیَتِیمَ فَلَا تَقۡهَرۡ (٩) وَأَمَّا ٱلسَّاۤىِٕلَ فَلَا تَنۡهَرۡ (١٠) وَأَمَّا بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثۡ (١١)﴾ صدق الله العظيم.

فضل قريش:

كفى به شرفاً أن الله شرَّف قريشاً بأن جعل هذه السورة خاصةً فيهم، لم يشركهم فيها غيرُهم، وقد ثبت في قريش الكثير من الأحاديث:

منه ما قاله رسول الله: “إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا أكبه الله في النار على وجهه ما أقاموا الدين”. وفي صحيح مسلم: “لا يزال الإسلام عزيزا بخلفاء كلهم من قريش”، وكذلك ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الناس تبع لقريش في هذا الشأن، مسلمهم لمسلهم وكافرهم لكافرهم”. وعن بكير بن وهب الجزري قال: “قال لي أنس بن مالك الأنصاري: أحدثك حديثا ما أحدثه كل أحد، كنا في بيت من الأنصار فجاء النبي حتى وقف فأخذ بعضادتي الباب، فقال: ‘الأئمة من قريش، إن لهم عليكم حقا، ولكم عليهم حقا مثل ذلك، ما إن استرحموا فرحموا، وإن عاهدوا أوفوا، وإن حكموا عدلوا’”.


شارك المقالة: