اقرأ في هذا المقال
اتسع العلماء العرب بتعريف المثل وصفاته العامة، فاتجهوا بالدلالة على المثل نحو الاصطلاح، كما استفادوا من كلام أبي عبيد القاسم بن سلاّم في كتابه عن الأمثال حيث قال:”هذا كتاب الأمثال، وهي حكمة العرب في الجاهلية والإسلام، وبها كانت تعارض كلامها، فتبلغ بها ما حاولت من حاجاتها في المنطق، بكناية غير تصريح، فيجتمع لها بذلك ثلاث خلال: إيجاز اللفظ وإصابة المعنى وحسن التشبية”.
مضمون مثل ” رمتني بدائها وانسلت”:
تعتبر المرأة العربية هي من أكثر الأشخاص قولاً للأمثال الشعبية، فقد كانت تترد على ألسنة النساء أكثر من الرجال خصوصاً في الأمثال التي تختص بالحماة وبتعدد الزوجات بالحمل والزواج، وجميعها أمثلة قديمة تعوّد العرب على سردها حتى أصبحت جزء من الموروث الثقافي، وقصد هذا المثل رمي الكلام المؤذي على الآخرين وتعييره بشيء ليس موجود فيه وإنما موجود بالشخص المسيء.
قصة مثل “رمتني بدائها وانسلت”:
كان قديما رجل يدعى سعد ابن زيد بن مناة متزوج من إمرأة جميلة جداً، تدعى رهم بنت الخزرج، وكان هذا الرجل متزوج من قبل نساء أُخريات قبلها، فأنجبت له ولداً أسماه مالك، ولكن الزوجات التي قبلها لم تكن أي واحدة منهن قد ولدت من قبل، فكان الزوجات يحملن الغيض والحقد والغيرة داخلهن اتجاهها، فيقومن بين الحين والآخر بسبها بالألفاظ السيئة والغلط عليها، كما أنهن كانا باستمرار ينادونها بالعفلاء، وهذه الكلمة تعني شيء يكون داخل جسم المرأة التي تحمل وتجهض فلا يكتمل حملها.
وفي مرة من المرات ذهبت رهم إلى والدتها وبدأت تشتكي من أمر مسبتها، فقالت لها أمها أنه إذا قامن بسبها مرة أخرى أن تقوم برد المسبة لهن كما هي، وفي ذات يوم اشتبكت رهم مع إحداهن فقالت رهم: يا عفلاء، فتقهقهت ضرتها وردت عليها بقول: رمتني بدائها وانسلت، أي أخذت بما هو موجود فيها ورمته فيه.
العبرة من مثل ” رمتني بدائها وانسلت”:
هناك بعض الأشخاص يقومون بقذف الناس بما هو ليس فيهم، فيلصقون بهم أشياء موجودة بداخل أنفسهم المريضة، كما يتهم الشخص الخسران أصدقاءه بالخسارة، ويتهم اللص مجتمعه بالسرقة، فالعلماء دائما يؤكدون أنه أكثر الناس إلصاقاً للتهم بالآخرين هم بالحقيقة يتكلمون عن الصفات الموجودة داخلهم، فيقال حينها عيرتني بدائها وانسلت.