تُعتبر الرواية من الروايات التي صدرت عن الكاتب والروائي أرنولد بينيت، وهو من مواليد مملكة بريطانيا العظمى، وقد كان من أبرز الكُتاب الذين ظهروا في القرن الثامن عشر، كما حققت الأعمال الأدبية التي صدرت عنه شهرة واسعة حول العالم، ومن أكثر الروايات التي حققت نسبة مبيعات عالية هي رواية آنا والمدن الخمس، والتي تم تجسيدها إلى العديد من الأفلام السينمائية العالمية، كما تمت ترجمتها إلى الغالبية العظمى من اللغات العالمية ومن ضمنها اللغة العربية، وقد تم العمل على نشرها سنة 1902م.
نبذة عن الرواية
تناولت الرواية في مضمونها الحديث حول فتاة كانت في مقتبل العمر، وتلك الفتاة هي ابنة لرجل ثري وغني يمتلك الكثير من الأموال والممتلكات، ولكنه على الرغم من كل ذلك شخص بخيل واستبدادي، وكانت تلك الفتاة تقيم في إحدى المناطق التي تعرف بمنطقة الفخاريات في إحدى المدن التي تعرف باسم مدينة ستافورد شاير والتي كانت تابعة إلى دولة إنجلترا، كانت نشاطات تلك الفتاة تخضع بصرامة إلى سيطرة الكنيسة الميثودية في تلك الحقبة من الزمن، وقد تحدث الكاتب في الرواية حول حالة النضال التي عاشتها آنا من أجل الحصول على الحرية والاستقلال من قيود والدها.
استخدم الروائي أرنولد بينيت أسماء مستعارة ومن نسج الخيال للأماكن التي اعتمدها في رواياته، ولكن الأسماء كانت مألوفة وفي مجملها كانت فقط خمساً من المدن، وقد كانت أسمائهن من أكثر الأسماء طربًا على الأذن من المدن التي في الحقيقة مسمية على أرض الواقع،
رواية آنا والمدن الخمس
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية حول الشخصية الرئيسية فيها وهي فتاة تدعى آنا، وقد كانت تلك الفتاة تقيم مع شقيقتها التي تدعى غنيس وأبيها الذي كان رجل أرمل لامرأتين ويدعى إي فريم تيراي في إحدى المدن التي تعرف باسم مدينة برسلي، وفي وقت سابق كان والدها يعمل كواعظ وناشط ومدرس في إحدى الحركات التنظيمية التي تعرف باسم الحركة الميثودية، ومع مرور الوقت أصبح رجل طاغية ومتغطرس وصاحب ثراء وأموال فاحش، كما أصبحت تصرفاته وسلوكياته تتميز بالحدة والبخل.
وفي أحد الأيام الذي صادف عيد ميلاد آنا، وقد بلغ عمرها في هذا اليوم الواحد والعشرين عاماً، فاجأ السيد تيراي آنا بتقديم ميراث جدتها كهدية في عيد ميلادها، وقد كان ذلك من الأمور غير المتوقعة بالنسبة لها؛ وذلك لأن الميراث يشمل على عدة طرود من الحصص والعقارات الصناعية والسكنية التي كانت مستأجرة من قِبل أشخاص عدة، والذي كان والد آنا يقوم بادخارها وإعادة استثمارها على مرّ السنين، وفي السجل المدني وبشكل مثبت على الورق أصبحت آنا في الوقت الحالي امرأة غنية وثرية، ولكنها في ذلك الوقت لم تكن تملك أي خبرة أو تجربة سابقة في الأعمال التجارية والمعاملات المالية، وعلاوة على ذلك لم تكن لديها أي خبرة في المصاريف أو النفقات المنزلية التي وكلها بها وبدأ يسلمها إياها والدها في نهاية كل أسبوع.
وبعد أيام قليلة بدأت آنا بعمل زيارات إلى العديد من الممتلكات، وأول ما بدأت به هو إجراء زيارة إلى إحدى المصارف، والتي كانت في ذلك الوقت متهدمة كما قامت بإجراء زيارة إلى أحد المصانع التي تختص بصناعة الفخار، والذي كان في تلك الأثناء تحت إدارة إحدى العائلات التي تعرف باسم عائلة برايس، وعلى وجه الخصوص شخص يدعى تيفوس وشقيقه الذي يدعى ويلي، وقد كانت أعمال عائلة برايس التجارية غارقة بشكل كبير في الديون.
وفي أحد الأيام اعلنوا إفلاسهم وأنهم غير قادرين على دفع الديون، وكل ما كانوا قادرين عليه هو دفع بضعة جنيهات لآنا، وفي وقت لاحق يتم الطلب من آنا إجراء زيارة لمجموعة من المعامل الحديثة والتي كانت مزدهرة ويديرها رجل يدعى هنري، وهنا قدم لها والدها نصيحة بأن تستثمر فيها السيد هنري كشريك نائم، وقد كانت في ذلك الوقت تعلم تمام المعرفة أن هنري الذي تعرفت عليه من خلال أنشطة الكنيسة المشتركة واقع في حبها، ولكنها لم تكن في الحقيقة متأكدة من مشاعرها الخاصة اتجاهه.
وفي ذلك الوقت تتلقى آنا دعوة لزيارة إحدى الجزر التي تعرف باسم جزيرة مان، وقد كانت الدعوة مقدمة من قبل شخص يدعى الدرمان والسيدة وستون؛ وقد كان سبب الدعوة هو أن السيدة وستون كانت ترى أن آنا هي الصديقة الملائمة لابنتهم الوحيدة المدللة والتي تدعى باتريسا، وقد كان السيد هنري قد تم دعوته كذلك إلى الجزيرة، وعند قرب نهاية الزيارة، تمت خطوبة آنا على السيد هنري، وبصدد اقتراب موعد زواجهم، شعرت آنا أنها تضمر كم من المشاعر اتجاه ويلي برايس، ولكن كانت تلك المشاعر والأحاسيس من الأمور السرية التي تحتفظ بها آنا بداخلها، والذي تعرفت عليه من قريب من خلال الحركة الميثودية.
وفي أحد الأيام حين عادت آنا إلى مدينة برلسي، تنصدم جراء معرفتها بأن تيفوس برايس أقدم على الانتحار، ومنذ تلك اللحظة بدأت بإلقاء اللوم على نفسها، ومن هنا بدأ والدها بالضغط على أعمال عائلة برايس التجارية، ولكن قام ويلي بالتواصل معهم وشرح لهم أن الإفلاس هو العامل المسبب في انتحار شقيقه.
وفي ذلك الوقت أصبح من الواضح أنه يتوجب على ويلي الخروج إلى الاعلام وإعلان إفلاسه، ومن هنا سوف يؤمن له الدائنون والتي كان من ضمنهم آنا مال كافي من أجل الهجرة إلى دولة أستراليا، وفي تلك الأثناء حصل هنري على مسكن عائلة برايس، والذي كان من المنازل الشارخة والكبيرة؛ وذلك لأنه أراد أن يكون منزل الزوجية له، على الرغم من أن المنزل كان بحاجه إلى للكثير من الترميمات، ومن هنا اتفق هو وآنا على الزواج في أقرب وقت ممكن، والقيام بإنشاء منزل آخر قريب من أجل شقيقتها غنيس.
وفي النهاية اكتشف هنري أن هناك مجموعة كبيرة من التناقضات في الحسابات الخاصة الكنيسة، وهنا تم الاكتشاف بشكل واضح أن عائلة برايس كانوا في الحقيقة يختلسون الأموال ومردودات الشركات والمصانع؛ وذلك من أجل دعم أعمالهم التجارية التي تعود ملكيتها لهم، وعلى إثر ذلك قرر كل من هنري وآنا معاً أنهم سوف يقومون بتعويض الأموال الناقصة؛ وذلك حتى لا يلقى اللوم على عائلة برايس، ولكن في تلك الأثناء تسربت الأخبار إلى كافة فئات المجتمع، وهنا ضج المجتمع برمته للحديث في ذلك الأمر، وقد استمر الحديث في ذلك الأمر وقت طويل.
وأخيراً قررت آنا أنه لا ينبغي على ويلي أن يغادر مدينة برسلي وهو خاوي اليدين، ولهذا عزمت على تسريب رسالة له، وقد اشترطت عليه أن لا يقوم بقراءتها حتى يصل إلى مدينة ميلبورن، وقد كانت تلك الرسالة تحتوي على شيك بنكي بقيمة مئة جنيه، وتزوجت بعد ذلك آنا من هنري، ولم يصل أي خبر عن ويلي برايس بعد ذلك، وقد تكاثفت الأخبار حول أنه توفي منتحراً.