تُعتبر هذه الرواية أروع الروايات التي ظهر بها عنصر التشويق للقارئ، كما صنفت من أهم الروايات التي كتبت في الأدب سواء كان ذلك على مستوى الأدب الأرجنتيني أو على مستوى الأدب العالمي، حيث قام المؤلف بدمج بين جانب من الخيال مع بعض مشاعر الحزن والفكاهة في آن واحد، وقد تم تأليف الرواية على يد الأديب والمؤلف فرناندو سورنتينو، وهو من مواليد دولة الأرجنتين، إذ يُعد من أهم الكُتاب وأبرزهم في تلك الفترة.
نبذة عن الرواية
تمت ترجمة الغالبية العظمى من رواياته إلى العديد من اللغات المتنوعة؛ وذلك لما يميزها من طغيان عنصر السخرية والفكاهة عليها، بالإضافة إلى أنها كانت تتناسب مع كافة الفئات العمرية، فما تميز به المؤلف هو كتابة روايات تناسب الشباب ورايات تناسب الأطفال، حيث تحدث الكاتب من خلال الرواية عن أحد أنوا الأمراض الغريبة التي قد تصيب الإنسان، ومن تلك الأمراض ما أصيب به هو نفسه، فقد تعرض للإصابة بمرض فريد من نوعه وهو بزوغ شكل فيل صغير بأحد أطراف يده، إذ كثيراً ما تم نصحه بالتوجه إلى الطبيب من قِبل أصدقاءه لكن يرفض ذلك، مما يؤدي إلى تطور حالته مع مرور السنوات، فالكاتب يأخذ القارئ إلى مجموعة من الأحداث بطريقة تسلسلية مشوقة.
رواية الجوهر والمظهر
أول ما بدأ به الرواية هو عند اللحظة التي لاحظ بها أحد الشباب وجود شكل فيل صغير في الخنصر من يده الواقعة من الجهة اليسرى، وقد كان ذلك في الخامس والعشرين من شهر يوليو، وفي تلك اللحظة كان يريد أن يبدأ في مشروع كتابي، إذ هو يشاهد وجود قطعة صغيرة من الجلد بارزة على خنصر يده اليسرى، ثم بدأ يدقق بها ويراقبها حتى جاء السابع والعشرين من ذات الشهر، إذ به يرى أن شكل تلك الجلدة قد أصبحت أكبر حجماً بشكل واضح جداً، وهذا ما أثار استغرابه، إذ لم يمضى سوى يومين.
هنا بدأ بحساب حجمها في كل يوم، وحين جاء اليوم الثالث من شهر أغسطس رأى أن تلك الجلدة من الممكن أن يتبين ما هي من خلال استخدام عدسة مكبرة، وحينما شاهدها أوحي إليه أنها على شكل فيل صغير، فقد كان الفيل الأصغر على مستوى العالم، حيث كان شكل فيل متكامل لا ينقصه أي عضو، فقد كان ملتصق في الإصبع الصغير من جهة ذيله، ففي تلك الأثناء نتيجة لصغر حجمه كان يبدو وكأنه سجين للإصبع الصغير، ولكنه بالرغم من كل ذلك كان يمتلك حرية كاملة في الحركة، لكن تلك الحركة كانت تخضع بشكل أساسي لإرادة اليد في الحركة.
وفي أحد الأيام رأى الشاب أن يقوم بعرضه على أصدقاءه ويطلع على الآراء من حوله حول ذلك الأمر، فقد كان مضطرب في تفكيره فتارة يملئه الحيرة والشك، وتارة أخرى يتفاخر بأنه مميز بشيء مختلف عن الآخرين، وعند مشاهدة أصدقائه للفيل شعروا جميعهم بالاشمئزاز من منظر الفيل في إصبعه، مما جعلهم ينصحوه بعرض حالته تلك على طبيب مختص بالجلدية، فمن وجهة نظرهم لا يمكن أن تكون حالة مثل تلك صحية لجسم الإنسان، لكن الكاتب لم يأبه بما يمليه عليه أصدقائه، وعزم على متابعة حالته بنفسه، إذ كرس حياته في متابعة التطورات التي سوف تحصل مع مرور الوقت.
بدأت حياة الألفة بينه وبين الفيل، إذ كان مع حلول نهاية شهر أغسطس، كان الفيل قد كبر حجمه أكثر وأكثر، إذ أصبح طول الخنصر اليد، ومن هنا بدأ يلاحظ جمالية ذلك الأمر، فقد كان أمر ممتع بالنسبة له، فبدأ بالتسلية واللعب معه على مدار اليوم، وأخذ بمداعبته ودغدغته وكأنه طفل صغير، فبدأ يعلمه على أمور تروق له مثل القفز والجري، وتعليمه كيفية القفز على حواجز صغيرة، فقد كان يضع له عيدان من الثقاب أو أي شيء يمثل به الحواجز.
وفي تلك المرحلة رأى أنه ينبغي عليه اختيار اسم للفيل، ففكر في مجموعة من الأسماء التي يتم تداولها للفيلة في حدائق الحيوانات، لكنه لم يرغب في أي اسم من الأسماء مما جعله يطلق عليه الاسم المعتاد له وهو اسم فيل وفقط.
بدأ يهتم بالفيل بشكل أكبر إذ يحضر له الغذاء المناسب، مثل فتات الخبز وأوراق الخس، مجموعة قليل من الأعشاب، وعلى الجهة الأخرى من الطاولة يضع قطع صغيرة من الشكولاتة، ولكن حين يريد الفيل أن يقوم بتناول قطعة الشكولاتة كان يجاهد من أجل الوصول إليها، فهو لا يقوى على الوصول إليها في حال بقية اليد ثابتة، وهذا ما كان يشعره بالراحة حيث أنّ فيل ما هو إلا جزء جسم ضعيف مرتبط بالشاب.
ومع مرور الأيام بدأ الفيل يتطور شيئاً فشيئاً، وحجمه أصبح أكبر، إذ أصبح على قدر حجم الفأر، هنا بدأت السيطرة والتحكم فيه يقل، ونظراً لكبر حجمه بالنسبة إلى الخنصر، كان يجعل الخنصر عاجز عن تثبيته بشكل كامل، فقد كان فيل مدفع بشكل كبير، فقد كان يعتقد الشاب أن ذلك فقط بسبب تطور وكبر حجم جسم الفيل، وبعد مرور بعض الوقت أصبح الفيل بحجم الخروف تماماً، فلم يعد صغيراً.
في الليل كان الشاب ينام على جهة بطنه ويبقي اليد اليسرى له متدلية مع جانب التخت، وذلك حتى يسمح للفيل بالحرية الكاملة دون ضغط، كان الفيل ينام في نفس الوقت معه، وبعد فترة أصبح ينبغي على الشاب أن ينام بشكل ممتد على بطنه، ويضع رأسه على ردفه، وأرجل الشاب على فخذه الفيل، نظراً لكبر حجم الفيل، ثم بعد ذلك جزء واحد فقط من فخذه الفيل كافيه كي يتمدد عليه الشاب، ومع فترور فترة أطول أصبح ذيل الفيل مكان متسع للشاب، وبعدها أصبح الطرف الصغير من الذيل كافي، إلى أن وصل الأمر بالشاب لأن يصبح مثل ثؤلولة صغيرة لا يمكن إدراك تفاصيلها حتى.
هنا بدأ الشاب يرتعب من الفيل؛ وذلك خوفاً من الاضمحلال والتلاشي، فأخذ يغدو بحجم مليمتر من ذيل فيل، ثم بعد ذلك أخذ يتغذى على فتات الخبز وحبوب الذرة البيضاء، هنا انقلبت المعادلة بين الأصل والتابع، فأصبح الشاب هو من يحتل مكانة صغيرة تكاد لا ترى بالعين المجردة على ذيل الفيل، وأصبح هو من يتناول القطع والفتات الصغيرة، وأصبح هنا الزوار يرمون الأكل للفيل دون إدراك أنّ هناك شاب موجود على طرف ذيل الفيل، ودون إدراك أن هناك شخصية كامنة خلف الفيل.