يُعتبر الأديب الأمريكي جون ستابينيك من أهم وأبرز الأدباء الأمريكيين، حيث أنه كان قد ساهم لدرجة كبيرة في النهوض بالأدب الأمريكي، وقد لاقت أعماله الأدبية شهرة واسعة حول العالم أجمع، ومن أكثير الروايات التي حققت نسبة مبيعات عالية وشهرة واسعة حول العالم هي رواية البحث عن إله مجهول، والتي جسدت إلى عدة أفلام سينمائية عالمية، كما تمت ترجمتها إلى الغالبية العظمى من اللغات العالمية الشهيرة.
رواية البحث عن إله مجهول
في البداية تدور الوقائع والأحداث حول أحد الشخصيات الأساسية في الرواية وهو رجل يدعى جوزيف واين، وقد كان جوزيف من الأشخاص الذين يعملون في مجال الزراعة، إذ نشأ وترعرع منذ مرحلة الطفولة في إحدى المزارع التي تعود ملكيتها إلى والده، وقد كان ترتيبه بين أخوته رقم ثلاثة، حيث أن هناك شقيقان اثنان أكبر منه الأول يدعى بيرتون والثاني يدعى توماس، وقد كان الأثنان متزوجان من قبل، وكان هناك أخ أصغر منه يدعى بنجي، وحينما كان جوزيف قد أصبح في مقتبل العمر كان على الدوام يشعر بأن هناك ارتباط وثيق بينه وبين الأرض.
وفي أحد الأيام فكر جوزيف في الانتقال إلى ولاية كاليفورنيا؛ وذلك من أجل تكوين بيت خاص به وتأسيس أسرة، وحينما علم والده والذي يدعى جون بذلك توسل إليه بأن يكف عن ذلك القرار، ولكنه استسلم في النهاية تلبية لرغبة ابنه، حيث أدرك مدى الشغف الذي يعتري جوزيف، وهنا قام بمنحة مباركته، وفي أثناء طريقه باتجاه الغرب التقى جوزيف بسيد عجوز والذي بدوره أخذ بتشجيعه على تأسيس بيت وإقامة احتفال بمجرد إتمام تأسيسه، وبعد فترة من التجوال في الولاية يدخل ويسجل جوزيف مقر سكن له في منطقة تعرف بوادي نويسترا سنيورا، وفي ذلك الوادي يقوم ببناء البيت تحت شجرة من البلوط، كانت تلك الشجرة ضخمة إلى حد كبير، وقد كان من الواضح أنه يشير ويرمز بها إلى والده.
وبينما كان يقوم جوزيف ببناء المنزل كان يساعده في العمل شخص من أصول هندية مكسيكية ويعرف باسم خوانيتو، والذي بدوره قام بتقديم عرض له، وذلك العرض يتمثل في أن يكون راعي بقر لديه مقابل أن يُكوّن علاقة صداقة معه، وفي ذلك الوقت يسمع جوزيف عما يُعرف بسنوات الجفاف، إذ على ما يبدو أن ذلك الجفاف يستمر لفترة طويلة ودوري، إذ يأتي بين وقت وآخر، وقد كان بمثابة لعنة على كافة المزارعين في تلك المنطقة، وعلى الرغم من ذلك كان جوزيف مقتنع بأنها لن تعود مرة أخرى.
وفي تلك الأثناء أرسل خلف إخوانه وأخبرهم بأن يأتوا وينضموا إليه ويعيشوا معه في تلك المنطقة واستملاك الأرض التي بجواره، وبينما كانوا يتفقدون وضع الأرض التي حصلوا عليها، يجد كل من جوزيف وخوانيتو راعي الأبقار صخرة مكسوّة بالطحالب وبجانبها نبع عميق في وسط غابة مليئة بالصنوبر، وتلك الصخرة كان لها هالة كبيرة تجعل كل من يشاهدها يتأكد من أنها مقدّسة، لكنها في ذات الوقت كانت الصخرة مخيفة.
ومع مرور الوقت تقابل جوزيف مع فتاة شابة تدعى إليزابيث، وقد كانت إليزابيث تعمل مدرسة في مدينة مونتيري، وبعد إجراء عدة محاولات في طلب الزواج منها حظي جوزيف أخيراً بموافقة على طلبه وإقامة حفلة الزواج لهما، وحينما يعودان إلى المزرعة بعد حفل الزفاف، اندهشا من أن بنجي قد تعرّض للطعن، حيث توفى على يد صديق جوزيف خوانيتو، إذ أمسك به وهو يقوم بمحاولة إقامة علاقة غرامية مع زوجته، وفي مساء ذات اليوم عندما يجتمع جوزيف مع خوانيتو عند الصخرة المقدسة، يقوم خوانيتو بالطلب من جوزيف أن يشرع في قتله انتقامًا لشقيقه لكن جوزيف رفض ذلك تماماً، إذ كانت الغاية من ذلك في أن جوزيف يريد إقناعه بأن الأمر كان مجرد حادثة؛ وذلك حتى يتمكن خوانيتو من البقاء إلى جانبه.
لكن على الرغم من ذلك يعزم خوانيتو على مغادرة المزرعة، ويوعد جوزيف أنه سوف يعود بمجرد أن يقوم بالتكفير عن ذنبه، وبانضمام إليزابيث إلى المزرعة تلتقي مع زوجة توماس والتي تدعى راما، والتي بدورها كانت تقدم لها المساعدة في الكثير من الأوقات وعلى وجه الخصوص في وقت ولادة أول طفل لها، ومع مرور الأيام بدأت المزرعة تزدهر لبعض الوقت وهنا كانت إليزابيث حامل بطفل آخر، وفي ذلك الحين يصبح شقيق جوزيف بيرتون، والذي كان يتبع الديانة المسيحية ومتدين ومتشدد بها إلى حد كبير يهتم بشكل متزايد بأنشطة جوزيف مع الشجرة، إذ بعد مشاهدته إليها يقدم لها القرابين.
وبعد مرور فترة من الوقت تذكر جوزيف الوعد الذي قدمه إلى العجوز أول ما قدم إلى الولاية، وعلى أثر ذلك تصبح المزرعة رمزاً للاحتفال بليلة رأس السنة، بعد رؤية كافة الأنشطة الوثنية التي تقام في الاحتفال، يعزم بيرتون على مغادرة المزرعة، وبعد مغادرته يدرك كل من الأخوين المتبقيين أن بيرتون كان في السابق قد عمل حفرة حول جذور الشجرة؛ وذلك من أجل قتلها، وعند حلول فصل الشتاء والذي كان البرد فيه قارس إلى حد كبير، إذ تسبب بموت غالبية المحاصيل؛ وذلك بسبب بدء الجفاف الشديد، وهنا يخشى الجميع من أن تعود سنوات الجفاف من جديد، وعلى الرغم من كل ما يحصل كان بقي جوزيف مؤمن بالأرض إلى درجة كبيرة ويرفض مغادرتها.
ومع مرور الأيام يقوم كل من جوزيف وإليزابيث بعمل زيارة وفسحة حول الصخرة المقدسة؛ وذلك من أجل التهدئة من المخاوف التي تعتري إليزابيث، وهناك تقوم إليزابيث بالصعود فوق الصخرة والتي كانت مغطاة بالطحالب، وفي تلك الأثناء تنزلق إليزابيث وتسقط عن الصخرة، مما يؤدي إلى حدوث كسر في منطقة الرقبة عندها، وهذا الكسر قد تسبب بوفاتها على الفور، وهنا يرجع جوزيف إلى المنزل مصاب بصدمة كبيرة جراء ما حصل، وقد كان يحمل جسد إليزابيث بين يديه مما أثار صدمة الجميع.
وفي ذلك الوقت تلاحظ راما مدى حالة الاضطراب التي تعتري جوزيف، وعلى أثر ذلك تنام في مكان قريب منه من أجل تلبية احتياجاته، ثم بعد ذلك يقوم جوزيف بإعطاء ابنه البكر لراما؛ وذلك من أجل تقديم الاهتمام والرعاية له، ومرور بعض الأيام يفرض الجفاف تدابير يائسة على جميع المزارعين في الوادي، يكشف كل من جوزيف وتوماس أن هناك ساحل وأنه من الممكن أن يتوصلوا لمعرفة أي شيء وأي طريقة تمكنهم من البقاء في المزرعة، وعند الوصول إلى ذلك الساحل يقابلان أحد الرجال الذين يقومون بتقديم تضحيات بمخلوقات صغيرة كقربان للشمس في كل ليلة عند غروبها، وهنا يشعر جوزيف بأن هناك ارتباط معه.
وعند العودة يقرر جوزيف وتوماس أن يقوما باصطحاب الماشية إلى منطقة تعرف باسم سان خواكين؛ وذلك من أجل إيجاد مراعي خضراء، وفي آخر لحظة يقرر جوزيف البقاء في تلك المنطقة، ولكنه يشعر أن جميع الأرض قد تخلت عنه سوى بستان الصنوبر والنبع الصغير المجاور له والصخرة المكسوة بالطحالب، ومن هنا يعتقد جوزيف أن الصخرة المكسوة بالطحالب هي في الحقيقة بمثابة قلب الأرض، وطالما أنها على قيد الحياة من المستحيل للأرض أن تموت، وعلى أثر ذلك ينتقل للعيش بجوار الصخرة ويبقى في مراقبة الجدول، إذ كان يراه أنه يجف ببطء وهنا كان يقوم بإلقاء الماء على الصخرة باستمرار؛ وذلك من أجل إبقاء الصخرة رطبة وحيّة.
وفي تلك الأثناء يرجع خوانيتو إلى الوادي، ويقوم حينها بإقناع جوزيف أن يقوم بزيارة إلى كاهن الوادي؛ وذلك من أجل الحصول على مساعدته في إنهاء الجفاف، لكن الكاهن يرفض الصلاة من أجل طلب المطر، وقد برر ذلك بقوله إن اختصاصه هو إنقاذ أرواح البشر فقط وليس غير ذلك، وهنا يرجع جوزيف مهزوم إلى الصخرة، حيث وجد أن الجدول قد جف تماماً وأن الصخرة على وشك أن تموت، يدخل جوزيف في حيرة من أمره ويدرك حينها أنه قلب الأرض، فيعزم على التضحية بنفسه من خلال قيامه بجرح معصميه؛ وذلك من أجل ريّ الصخرة من دمائه، وبينما كان يحتضر وهو معتلي الصخرة المقدسة، شعر أن المطر قد بدأ بالهطول من جديد.