رواية الحب في زمن الكوليرا - Love in the Time of Cholera Novel

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر الرواية المشار إليها من الروايات التي لاقت صيتاً كبيراً حال صدورها في سنة 1985م، وهي من تأليف الكاتب والأديب (غابرييل غارسيا ماركيز)، وهو من مواليد دولة كولومبيا، عمل في العديد من المجالات مثل مجال السياسة ومجال الصحافة، كتب مجموعة من القصص القصيرة والروايات التي برزت على مستوى العالم، وترجمت إلى العديد من اللغات العالمية، وتم العمل على تلك الرواية من أجل ترجمتها إلى فيلم سينمائي، وبالفعل تم ذلك تحت العنوان ذاته.

رواية الحب في زمن الكوليرا

في البداية كانت تندرج الرواية حول علاقة عاطفية غريبة من نوعها، إذ كانت تلك العلاقة واقعة بين رجل وامرأة منذ أن كانوا في سن المراهقة إلى أن وصل بهم العمر إلى السبعين، حيث توجه الكاتب بالرواية حول الحديث عن العديد من المجريات والأحداث التي زامنت تلك العلاقة، وأول ما بدأ به من الأحداث هو الحديث عن موضوع الحروب الأهلية التي بدأ في تلك الفترة في مدينة الكاريبي.

كما توجه الكاتب للحديث حول التطورات والتقدم الذي حصل في مجال التكنولوجيا، ومدى تأثيره على الناس بشكل خاص وعلى المجتمع بشكل عام، كما تناول موضوع الأثار التي ترتبت على نهر مجدولينا جراء التكنولوجيا المتقدمة، فالكاتب أخذ الحديث عن الفترة الواقعة ما بين العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر حتى وصل إلى بدايات القرن العشرين.

الرواية كانت تتطرق إلى التفصيل الدقيق حول الأحوال التي تدور في تلك المنطقة بشكل عميق وكبير، فقد تناولت العديد من الجوانب للمنطقة وذلك مثل الحديث عن الأوضاع الاقتصادية والجانب الأدبي، كما نظرت للمنطقة من الناحية الديموغرافية، وذلك دون إحداث أي تأثير على السرد التسلسلي للوقائع، فكانت كان السرد منتظم للغاية في ترتيب الأحداث.

في البداية تدور أحداث الرواية في فترة القرن التاسع عشر حول شخص يعمل في  مجال التلغراف كعامل، فهو شخص فقير الحال، حيث كان يسكن في إحدى المدن الصغيرة في منطقة الكاريبي، كان مرتبط بعلاقة عاطفية مع إحدى الفتيات التي تمتاز بالحسن والجمال الفائق، إذ كانوا قاطعين عهد على أنفسهم بأن يتزوجا، وأن لا يرتبط أي منهم بشخص آخر، وأن يبقوا على العهد مهما دارت حولهم ظروف وتغيرات فقد كانت المشاعر المليئة بالحب تنبع من كلا الطرفين، ولكن ما حدث لهم هو أن تغيرت الأحوال وتبدلت الظروف من حولها، حتى وصل بهم الأمر إلى أن بعد مرور عدة سنوات، جاء طبيب شاب وتقدم لطلب يد الفتاة فتزوجت منه.

وفي تلك الأثناء شعر عامل التلغراف بحرقة وصدمة كبيرة في قلبه، لقد فقد الحب الذي طالما حلم بتكليله بالزواج، عندها قطع العامل عهداً على نفسه بأن يثابر ويجتهد في عمله حتى يحصل على الكثير من النقود، وأن يبقى يجتهد حتى يلمع اسمه في أي طريقة كانت، ومن أجل أن يتمكن من جمع الأموال والثروة التي توصله إلى الفتاة التي عشقها، فهو لم يتمكن في يوم من الأيام أن يتغاضى عن التفكير بها ولم يقوى على نسيانها، وبالفعل بقي يعمل ويجتهد لفترة طويلة من السنوات، والتي قدرت بخمسين عاماً، وبقي ينتظر حتى يدافع عن حبه ويتحدى كامل الظروف والعوائق.

العزيمة والإرادة التي كانت موجودة داخل عامل التلغراف العاشق في أن يحقق حلمه ويصل إلى حبيبته بعد العديد من السنين، هو ما كان المحور الرئيسي في سرد الوقائع، فقد كانت نظرة الناس في المجتمع من حوله إليه أنه من المعجزات أن يصل إلى محبوبته وتحقيق حلمه، لكن إصراره وتحديه للظروف هو ما كان محط الأنظار.

وفي يوم من الأيام توفي الطبيب زوج عشيقته، حينها عزم على الذهاب لرؤيتها فوجدها قد أصبحت امرأة كبيرة في السن، لكنه لم يتردد وعلى الفور طلب يدها للزواج، وفي تلك اللحظات قامت السيدة مفزعة من طلبه، إذ سرعان ما قامت بتوبيخه والطلب منه على الفرو مغادرة بيتها، لكن كل تلك الأمور لم تهبط من عزيمته وإصراره، ففكر في طريقة عقلانية يتمكن من خلالها الحصول على علاقة صداقة فيما بينهم، فلم تعد الرسائل التي كانت بينهم في الماضي له تأثير على امرأة في ذلك العمر، فقد بلغت سن الشيخوخة.

بدأ بتوجيه العديد من الرسائل لها، وقد كانت يتمحور الكلام فيها حول التأمل والتفكر في الحياة وكيف أن يكون الإنسان وحيداً في سن متقدم من العمر، فكل إنسان يبلغ سن الشيخوخة يحتاج إلى رفيق درب له يتحدث معه ويمد له العون والمساعدة وقت الحاجة، كما تطرق في نهاية الرسائل الحديث حول أهمية الزواج في حياة الإنسان، وهذا ما جعلها تقبل استلام تلك الرسائل، فقد أخرجتها من دائرة التفكير بالوحدة كما جعلتها تتقبل فكرة الموت وفكرة أنها قد وصلت إلى مرحلة متأخرة من العمر، وبدأت قليلاً توافق على علاقة الصداقة بينهم، وما ساعدها أنه في نفس السن العمر.

ولكنه لم يكن يتطلع إليها من هذا الجانب، فهو على الدوام يراها عشيقته وحبيبة عمره، وبالرغم من أنها كانت قد طرأ تغيير كبير على ملامحها نتيجة التقدم في العمر، إلا أن ابنها كان في غاية السعادة لأن والدته قد لاقت من يهتم بها، على العكس تماماً من ابنتها، التي كانت تنظر إلى ذلك الأمر أنه بمنتهى القذارة، فقد كانت تشدد على مسألة العمر، وهذا ما جعل رأيها سبباً في طرد أمها لها من البيت.

تدور الأحداث النهائية للرواية على متن إحدى السفن النهري والتي كانت من ممتلكات العاشق، فقد دعا حبيبته إلى القيام برحلة نهرية احتفالاً بتلك المناسبة، وبينما هما  على متن السفينة اكتشفت العجوز أنها ما زالت تكن له مشاعر الحب، ولكن عمرها هو ما كان يمنعها من البوح بتلك المشاعر له، فكر العاشق في طريقة تجعل الرحلة أطول.

فذاع أن السفينة بها مرض من الأمراض المعدية وهو مرض الكوليرا؛ وذلك من أجل أن يتمكن من التخلص من أكبر عدد من الأشخاص الذين يتواجدوا على متن السفينة، ولكن ما لم يكن في الحسبان هو التدخل السريع للطواقم الصحية والسلطات في ذلك الحين، مما جعل كل خططه تبوء بالفشل فعادت السفينة رافعة العلم الأصفر، وهو ما كان إشارة في ذلك الوقت إلى الأمراض المعدية، لكن هنا كان ينتاب العاشقان شعور أجمل من شعور الحب، وهو الشعور الذي يأتي بعد الحب، وهناك من يصفونه بالعشق، فهو ما يُقصد به المرتبة الأعلى من الحب.

المصدر: Love in the Time of Cholera Novel


شارك المقالة: