رواية الرجل المسكون وصفقة الشبح

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر هذه الرواية من الأعمال الأدبية الصادرة عن الأديب تشارلز ديكنز، وتم العمل على نشرها عام 1848م، وتناولت في مضمونها الحديث حول أستاذ كان يعيش حياة تسيطر عليها ذكريات الماضي الأليمة، إلى أن جاء ذلك اليوم الذي ظهر بها أمامه شبح ساعده في نسيان تلك الذكريات، إلّا أنه اكتشف أن ذلك النسيان هو في الحقيقة لعنة تصيب البشر.

الشخصيات

  • المعلم ريدلو
  • السيد سودجر
  • والد السيد سودجر
  • الشبح
  • الخادمة ميلي ويليام
  • العامل لدى سودجر هولي
  • السيد دينهام
  • لسيدة تتربي
  • الطفل الذي ظهر من الهبة
  • الممرضة ميلي

رواية الرجل المسكون وصفقة الشبح

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية في مملكة بريطانيا العظمى، حيث أنه في واحدة من المدن كان في يوم من الأيام يقيم رجل يدعى ريدلو، وهو يعمل في مجال التدريس ومتخصص في علم الكيمياء، كان ريدلو يعش حياة انطوائية بعض الشيء وباستمرار يقضي معظم وقته وهو يفكر في الأخطاء التي ارتكبها في الماضي، وحينما يسيطر عليه التفكير في تلك الأخطاء تسيطر عليه حالة من الحزن الشديد، وبقي على تلك الحال فترة لا بأس بها.

وعند اقتراب العطلة الصيفية قرر ريدلو أن يقوم بالبحث عن عمل يشغله عن تلك الحالة التي تعتريه بين الحين والآخر، وبالفعل لم يمضي طويلاً حتى حصل ريدلو على عمل لدى سيد يدعى سودجر ووالده الذي يبلغ من العمر السبعة والثمانون عامًا، وقد كان طبيعة العمل هو أن يقوم بتقديم المساعدة لوالده العجوز والعناية به، ومساعدة الطاهية وتدعى ميلي ويليام في أعمال المطبخ، بالإضافة إلى القيام بالاعتناء بالغرف وتزيينها بمساعدة عامل في المنزل يدعى هولي.

وبعد أن قام ريدلو في العمل في ذلك المنزل يوماً بعد يوم كانت تتردد على أفكاره تلك الذكريات الأليمة والبائسة من الماضي، وذات ليلة حينما عاد إلى منزله بدأت تطارده روح، وتلك الروح لم تبدو وكأنها شبحًا كتلك الأشباح المريبة التي كانت تظهر في الخرافات والأساطير، وإنما كان يبدو وكأنه توأم لريدلو إذ كان مصور على شكله تماماً ويشبهه في كافة الملامح والميزات التي يتميز بها، ويبدو وكأنه هو ذاته، بذات العينان اللامعتان والشعر الأشيب، وذلك الشبح التؤام يرتدي اللون القاتم من أي ثياب يرتديها ريدلو.

وأول ما ظهر هذا الشبح اقترح على ريدلو أن يقوم بتخليصه من تلك الحالة التي تستوطنه، وأشار إليه إلى أنه يمتلك قدرة عجيبة وسحرية في جعل الإنسان ينسى الحزن وكامل الأخطاء والمتاعب والمصاعب التي مر بها وعرفها في حياته، وتلك القوى التي يمتلكها تتجسد في مسح وإلغاء الذكرى بشكل نهائي، وبالإضافة إلى كل ذلك وعد الشبح ريدلو بأنه سوف يجعله يحصل على القدرة على منح تلك الهبة التي سوف يقدمها له لأي شخص يقابله، كان ريدلو مترددًا في البداية، ولكنه لم تكن أمامه أي حل من أجل التخلص من تلك الذكريات، وهذا ما دفع به إلى الموافقة في النهاية.

وفي تلك الأثناء وبعد أن منح الشبح هبته لريدلو، ظهر بشكل مفاجئ أمام ريدلو طفل يرتدي ملابس خرقاء وبالية وقدماه عارية دون أي حذاء في منزل ريدلو، في البداية كان ذلك الطفل مرعوب من ريدلو، لكنه بعد فترة قصيرة أصبح رفيقه غير الراغب في تلك الرفقة.

وفي ذلك الوقت كانت هناك عائلة تعرف باسم عائلة السيد دينهام، تلك العائلة كانت لا تمتلك مأوى على الاطلاق، وكل ما تمتلكه هو متجر يحتوي على مجموعة من التحف التراثية القديمة، وتلك التحف كانت العائلة قد حصلت عليها من محلات بيع تُعنى بتلك التجارة وكسدت بها، وهذا المتجر كان هو كل شيء لتلك العائلة، ففيه يبيتون ويتناولون طعامهم وشرابهم، وكل من السيد دينهام والسيدة تتربي لديهم الكثير من الأطفال ويعيون حالة فقر بائسة، وفي أحد الأيام بينما السيدة تتربي عائدة للمتجر المنزل من السوق كانت تتحدث في نفسها وتشير إلى أنها تشعر بالخزي من تلك الحياة التي تعيشها مع زوجها وتمنت أنها لم تتزوج من السيد دينهام أبدًا، إذ أن أثقلت على كاهلها الأشياء عديدة لم تعد تستطيع تحملها.

وفي تلك الأثناء تبعها ريدلو حتى وصل معها إلى داخل المنزل وهناك أذهل الزوجين، وأول ما قام به هو أن وجه سؤال إلى السيد دينهام ظهر له وسأله عن حدود المتجر، وحصل منه على بعض المعلومات عنهم، كان في الأصل السيد دينهام هو من الطلاب الذين درسهم ريدلو، ولكن في ذلك الوقت كان السيد دينهام في وعكة صحية شديدة، وبعد أن رأى ريدلو حاله عاد إلى المنزل وهو يفكر بالحالة التي وصل إليها، ومن هنا قرر أن يقوم بزيارته في اليوم التالي، وفي زيارته الثانية منحه ريدلو موهبة نسيان كل ما كل المعاناة التي عاشها في حياته.

كما أوعز بواحدة من الفتيات وتدعى ميلي وتعمل في مجال التمريض من أجل الحضور إلى منزل السيد دينهام من أجل تقديم الرعاية والاهتمام له، ولكن في لحظة ما بدأ ريدلو يدرك أن هديته هي أكثر من لعنة، إذ أن توسل إليه السيد دينهام من أجل مساعدته على الاختباء والاختفاء عن الأنظار؛ وذلك لأنه لا يريد تلك اللعنة مع الوقت تصاب بها الفتاة ميلي بنسيان مشاكلها؛ وذلك خشية من تمردها بعد أن تنسى آلامها، وأشار إلى أن النفس البشري حينما تنسى آلامها لا يمكن لأحد يعلم ما سوف يقوم به.

وفي تلك الأثناء بدأ يشعر ريدلو بالرعب من مدى تحول الناس عندما ينسون الألم في حياتهم، وبشكل مفاجئ ظهر ذلك الطفل المشرد الذي ظهر لريدلو في البداية وقاده إلى منزل السيد سودجر، وهذ الطفل أكثر ما كان يميزه أنه ليس لملابسه أي جيوب، وهذا ما كان يجعله يقوم بحفظ العملات المعدنية في فمه، وحينما وصل ريدلو إلى السيد سودجر يقوم بشكل غامض بطرح ريدلو هديته في ذلك المنزل، إذ انتقل والد السيد سودجر من التنغيم على ابنه السيد سودجر والذي كان يعاني من مرض قاتل إلى عدم التعرف عليه على الإطلاق.

وفي النهاية شعر ريدلو بالاشمئزاز من حالة البؤس الذي تسبب فيه؛ وذلك بسبب نسيان الرجل العجوز لابنه، هنا يقوم بالتوسل للشبح من أجل إزالة الهبة من كل شخص أصيب بها، حتى لو كان ذلك يعني أن ريدلو سوف يبقى منسيًا، وأخيراً شرح له الشبح أن الطفل حافي القدمين هو تجسيد للعنة النسيان لريدلو، فعندما لا تتذكر البشرية أحزانها، فإنها تصبح عقيمة ووحشية، والطفل هو أكبر مثال لما تجنيه اللامبالاة.

فيشفق ريدلو على الطفل ويقوم بتغطيته أثناء نومه، وبذلك رفعت اللعنة، وكل شخصية استعادة ذكرياتها، كما يعتذر السيد دينهام للممرضة ميلي لكونها عانت كثيراً بسببه، وهنا أدرك ريدلو أن يوم عيد الميلاد هو وقت محدد في كل السنة، وفي ذلك اليوم يجب أن تنشط معنا ذكرى كل حزن وخطأ ومتاعب يمكن معالجتها في العالم من حولنا، وأخيراً صنع السلام مع ذكرياته المؤلمة.

العبرة من الرواية هي لا يكون هناك طعم للغنى إذا ما عانى الإنسان من الفقر، ولا يكون هناك طعم للسعادة إذا ما ذاق الإنسان طعم الألم.


شارك المقالة: