تعود الرواية إلى الأديب الأمريكي ويليام فوكنر، وقد تضمنت الكثير من الأساليب السردية، كما لاقت شهرة واسعة حول العالم وحققت نسبة مبيعات عالية، تم العمل على نشرها سنة 1929م، ومنذ انتشارها حظي الكاتب باهتمام النقاد والأدباء.
رواية الصخب والعنف
في البداية كانت وقائع وأحداث الرواية تدور في سبعة أجزاء، وفي الجزء الأول يسرد الأحداث شخص يدعى بنجي كومسون، وقد كان بمثابة مصدر عار لعائلته؛ وذلك لأنه كان مصاباً بضعف في قدراته العقلية، وكل من كان قد قدم له الرعاية والاهتمام بشكل مستمر رغم اختلاف الشخصيات في كل مرحلة حياته هي شقيقته التي تدعى كادي، وهي الأخت الأكبر له، ومدبرة المنزل التي تدعى السيدة ديلسي، حيث امتدت تلك الفترة ما بين 1898-1928م، وقد كان سرد بنجي لسلسلة الأحداث بشكل غير متسلسل من الناحية الزمنية.
حيث تم تقديمتها بأسلوب سيل من الوعي، وقد كان الغرض من ذلك السرد غير المنتظم في قسم بنجي هو الإشارة إلى التحولات الكبيرة التي تحدث، وقد استخدم أحبارًا ملونة؛ وذلك من أجل الدلالة على الفواصل الزمنية في الأحداث، وهذه الخطية تجعل أسلوب هذا الجزء بمثابة تحدي خاص، وعلى الرغم من عدم الترابط الزمني إلا أنه يتطور الأسلوب بين الحين والآخر واتضحت الرؤية غير المتحيزة حول الدوافع الحقيقية للمعظم الشخصيات.
وعلاوة على كل ذلك، فإن التغير الذي حصل في الشخصيات التي قدمت الرعاية إلى بنجي، قد أشارت إلى تغير في الفترات الزمنية؛ وذلك من أجل شخصية لستر وهو الصبي الخادم الذي يقدم له الاهتمام والرعاية في الوقت الحاضر، وشخصية تي بي التي اهتمت به في سنوات المراهقة، شخصية فيرش التي قدمت العناية به في فترة الرضاعة والطفولة، وفي هذا الجزء نرى ثلاثة من الأشياء المحببة إلى بنجي وهم النار وملعب الغولف على الأرض التي كانت تعود ملكيتها إلى عائلة كومسون وشقيقته كادي، ومع بداية سنة 1928م، تم نفي كادي من بيت عائلة كومسون؛ وذلك بسب طلاقها من زوجها؛ لأنه اكتشف أن طفل كادي لم يكن ابنه، ثم بعد ذلك باعت العائلة المرعى المفضل لدى بنجي وهو نادي الغولف المحلي؛ وذلك من أجل تمويل تعليم ابنهم كوينتن في هارفارد.
وفي المشهد الافتتاحي شاهد بنجي بينما كان برفقة لستر مجموعة من لاعبي الغولف في الملعب المجاور، وفي تلك الأثناء كانوا اللاعبين ينطقون باسم كادي، وقد كان ذلك الاسم يعود إلى حامل حافظة مضارب الغولف، وهنا كان قد بدأ عقل بنجي بزوبعة من الذكريات عن شقيقته كادي، مع التركيز على مشهد واحد وهو ما حدث في سنة 1898م حينما توفيت جدتهم، إذ أُجبر الأطفال الأربعة على اللعب في الخارج في أثناء وقت الجنازة؛ وذلك من أجل عدم رؤيتهم لما يجري في الداخل، وفي تلك اللحظة تسلقت كادي إلى شجرة في الفناء.
وبينما كانت تنظر إلى الداخل وينظر أشقائها الثلاثة إليها وينظرون أن تخبرهم بما يحدث في الداخل، وقد كانت تلك الذكرى الأولى إلى بنجي، ومن هنا كان باستمرار يربط كادي بالأشجار، وفي كثير من الأحيان يشير إن لها رائحة مثل رائحة الأشجار، من بين الذكريات المهمة الأخرى في هذا الجزء هي اللحظة التي تم بها تغيير اسمه من ماوري إلى بنجي حينما تم اكتشاف إعاقته، وذكرى زواج شقيقته وطلاقها.
ويبدأ الجزء الثاني من الرواية في سنة 1910م حينما يتم إعطاء الشاب كوينتن وهو من أذكى أبناء كومسون، شرف سرد الجزء الثاني، حيث كان سرده تقني جداً على غرار الجزء الأول، وقد كان كوينتين في تلك الفترة ما زال طالب جديد في جامعة هارفارد، وفي أحد الأيام وبينما كان يتجول في شوارع مدينة كامبريدج، كان تفكيره مرتكز على الموت، ويتذر أنه كيف الجميع قد قاطع كادي، وعلى الرغم من تشابك بعض الخيوط في تفكيره الذي انقسم بين وجوده في جامعة هارفارد وذكرياته القديمة، إلا أن كوينين يتمكن من تمييزها بشكل واضح.
كان همّه الوحيد هو أن تظهر براءة كادي، حيث أنه كان مهووس بالمثالية الجنوبية التي يشار بها إلى النخوة والشهامة وحماية النساء بشدة، وحينما انخرطت كادي في الفساد الأخلاقي، هنا بدأ يشعر كوينتين بالهلع والذعر، وهذا ما جعله يلجأ إلى أبيه من أجل أن يحصل على المساعدة والنصيحة، لكن والده قال أن الوقت كفيل بعلاج كل شيء، ومن هنا قضى كوينتين معظم وقته في محاولة إثبات أن رأي والده خاطئ، وقبل مغادرة كوينتين إلى جامعة هارفارد بفترة قصيرة سمع أن كادي حامل من رجل لا تعرفه، وهنا اعتقد أنه من الممكن أن يكون من يدعى دالتون أميس، وعلى أثر ذلك سرعان ما تقاتل معه، وانتهى الأمر بهزيمة كوينتين، وهنا قررت كادي عدم مخاطبة دالتون على الاطلاق.
شعر كوينتين بحاجته إلى تحمل مسؤولية الخطيئة التي ارتكبتها كادي، وبعد مرور فترة قصيرة تزوجت كادي من رجل يدعى هربرت هيد، والذي رآه كوينتين مثير جداً للاشمئزاز، لكن أصرت كادي على ذلك الزواج، حيث أن من الواجب عليها أن تتزوج قبل أن يحين موعد ولادة طفلها، وفي أحد الأيام اكتشف هربرت أن الطفل ليس ابنه في الحقيقة وهذا ما جعله يقوم بطرد كادي وابنتها، وهنا أكمل كوينتين تجواله في المدينة تاركًا خلفه دروسه، وقد استسلم إلى حزنه بسبب خسارة كادي.
وفي تلك الأثناء التقى بإحدى الفتيات المهاجرات من دولة إيطاليا، وقد كانت فتاة صغيرة لا تتكلم الإنجليزية، ومن هنا كان يناديها بأختي، وقضي باقي يومه في محاولة التواصل معها والعناية بها، لكن دون فائدة، وهنا فكر بكل حزن جراء سقوط الجنوب بعد الحرب الأهلية الأمريكية، وفي نهاية الجزء مات منتحراً؛ وذلك من أجل التخلص من العذاب الذي يعيشه بسبب أفكاره وعواطفه المتضاربة.
وفي الجزء الثالث والذي يقوم بسرد أحداثه الطفل الذي يدعى جيسون، وهو الطفل الثالث والأقرب إلى قلب والدته التي تدعى كارولين، وقد تناول الأحداث في اليوم الذي يسبق جزء بنجي والذي كان يعرف بيوم الجمعة العظيمة، فمن بين الأشقاء الثلاثة كان جيسون هو الأكثر وضوحًا، حيث باستمرار كان يعكس رغبته الفردية في الحصول على المال الثروة، وتجلت هذه الرغبة بشكل واضح في استثماراته السيئة في تجارة القطن.
إذ كان في تلك الفترة تدهور المالي في الجنوب، وبحلول سنة 1928، وفي ذلك الوقت كان جيسون هو الأساس الاقتصادي لعائلته بعد وفاة والده، وهو من يقدم الدعم إلى والدته وبنجي وابنة كادي وكذلك خدم العائلة، ولكنه على الرغم من كل ما يقدمه إلى أنه لا يعرف أي نوع من أنواع المشاعر العاطفية، وقد أوصل به الأمر إلى الحد الذي يقوم بابتزاز كادي من أجل أن توافق على جعله الوصي الوحيد لابنتها؛ وذلك من أجل اختلاس الأموال التي ترسلها كادي إلى ابنتها.
وفي الجزء الأخير من الرواية يتم التركيز على مدبرة المنزل ديلسي، والتي كانت تلك الأم القوية لأسرة الخدم الذين يتمتعون ببشرة سوداء، فقد كانت على النقيض تماماً من أسرة كومسون، فبينما كانت عائلة كومسون تتدهور كانت ديلسي استمدت الكثير من القوة من إيمانها، وفي يوم عيد الفصح أخذت ديلسي عائلتها وبنجي إلى كنيسة الملونين، إذ شعرت بعواقب الانحطاط والفساد التي عاشها السيد كومسون لعقود، وفي تلك الأثناء أساء معاملة ديلسي وتم استغلالها، ومع كل ذلك بقيت مخلصة، وبمساعدة حفيدها لستر اهتمت ببنجي وأخذته إلى الكنيسة، وقد دفعها الموعظة إلى البكاء على عائلة كومسون.
وفي النهاية وصل التوتر بين جيسون وابنة كادي إلى النهاية الحتمية، إذ هربت ابنة كادي مع عامل السيرك، بعد أن سرقت جميع الأموال المخبأة في خزانة جيسون، وحين أدرك جيسون السرقة قام بإبلاغ الشرطة، لكن ذلك قاده إلى الاعتراف باختلاس أموال ابنة كادي، وهذا ما جعله يتنازل عن القضية.