يُعتبر الكاتب وأستاذ القانون برنارد شلينك وهو من مواليد دولة ألمانيا من أهم وأبرز الكُتاب الذين ظهروا في مجال كتابة وتأليف الأعمال الأدبية، ومن أهم الروايات التي اشتهر بها هي القارئ، والتي تم تجسيدها إلى العديد من الأفلام السينمائية، كما تمت ترجمتها إلى الغالبية العظمى من اللغات العالمية.
رواية القارئ
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية في ثلاثة أجزاء، وفي كفة الأجزاء كانت جميع الأحداث تسرد على لسان الشخصية الرئيسة وهو رجل يدعى مايكل بيرغ، وقد كانت تدور أحداث كل جزء في فترة زمنية مختلفة عن الأخرى في الماضي، ففي الجزء الأول من الرواية كانت تدور الأحداث فيه ضمن إحدى المدن التي تعرف باسم مدينة ألمانيا الغربية وقد كان الوقت آنذاك في عام م1958، وحين وصل البطل إلى سن الخمسة عشر عاماً من العمر تعرض إلى حادثة بينما كان في طريقه إلى شقته.
وفي تلك الأثناء لاحظت إحدى الفتيات والتي تدعى حنا تلك الحادثة، وقد كانت تلك الفتاة تعمل في قطع وبيع التذاكر، وتبلغ من العمر السادسة والثلاثين عاماً، وهنا قامت بتنظيف جراحه وتضميدها، وبقيت تراقبه وتتبعه في الطريق إلى أن وصل شقته، ومنذ تلك الحادثة مضي مايكل عدة شهور وهو متغيب عن المدرسة؛ وذلك بسبب تسبب تلك الحادثة بإصابته بمرض التهاب الكبد.
وفي أحد الأيام قام مايكل بعمل زيارة لحنا؛ وذلك من أجل أن يشكرها على مساعدتها له أثناء الحادثة، وخلال تلك الزيارة أدرك أنه بدأ ينجذب إليها، وبعد مضي وقت قصير شعر بالحرج وخرج إلى منزله، لكن بعد أيام قليلة جداً عاد وكرر الزيارة، وفي لحظة ما طلبت منه أن يحضر الفحم من القبو، وهنا أصبح مغطى بغبار الفحم، وهنا دعته للاستحمام في شقتها، ومنذ ذلك الوقت بدأ يتردد على شقتها كثيراً، إذ بدأت العلاقات الغرامية بينهم تكبر يوماً عن يوم، إلى أن جاء اليوم الذي رحلت حنا فيه بشكل مفاجئ دون أن تترك أي أثر خلفها. ومنذ ذلك الوقت بقي مايكل يقضي معظم وقته مع أصدقائه في المدرسة، وباستمرار كان يشعر بالذنب، إذ يعتقد أنه فعل شيء كان السبب في رحيلها المفاجئ، وقد بدأت الذكريات التي عاشها مع حنا تسيطر عليه، مما جعلها تفسد كافة العلاقات مع غيرها من النساء.
وفي الجزء الثاني من الرواية وبعد مضي ما يقارب على الثماني سنوات كان مايكل قد بدأ يدرس في إحدى المدارس التي تعنى بالقانون، وفي تلك المدرسة كان مايكل يمثل جزءًا من مجموعة من الطلاب الذين يتابعون ويهتمون بمحاكمة جرائم الحرب، وفي ذلك الوقت كانت هناك مجموعة من النساء في منتصف العمر يقمن بالخدمة في حراسات قوات الأمن الخاصة بأحد الأقمار الصناعية والذي يعود إلى بولندا التي كانت محتلة في ذلك الوقت، إذ تتم محاكمتهن من أجل تعرض ما يقارب ثلاثمئة سيدة من أصول يهودية تحت حمايتهم المزعومة إلى حريق مغلق في الكنيسة، والتي كانت تعرضت للقصف خلال إخلاء المخيم.
وأثناء ذلك كان الأمر الذي أذهل مايكل هو أن حنا كانت واحدة من المدعى عليهم، وهذا الحدث دفع به إلى مجموعة تغيرات المفاجئة من العواطف المعقدة، وهنا صرح أنه شعر بالذنب والاستياء؛ وذلك لأنه وقع في حب مجرمة عديمة الرحمة، وفي ذات الوقت دهش كثيراً مرة أخرى بسبب استعداد حنا لتحمل المسؤولية كاملة عن المشرفين على الحراس الآخرين، على الرغم من أنه كان هناك العديد من الأدلة التي تثبت خلاف ذلك، كما اتهمت بالكتابة حول إطلاق النار، وحين تم مواجهتها بذلك في البداية نفت ذلك، ولكن في النهاية اعترفت به بطريقة مفزعة، وهنا بناءً على حالة الفزع التي أصابت حنا أدرك مايكل أن حنا لديها سراً خفياً، لكنها ترفض الكشف عنه بأي ثمن، وهو أنها كانت فتاة أمية لا تعرف القراءة والكتابة.
وقد كانت تلك الملاحظة تفسر العديد من تصرفات حنا مثل رفضها للتنمية الذي يمكن أن يخرجها من مسؤولية الإشراف على هؤلاء النساء، وكذلك حالة الذعر والهلع التي كانت تعاني منها طوال حياتها؛ وذلك خشية كشف أمرها، وأثناء المحاكمة كان من الواضح أنها انضمت إلى مجموعة النساء صاحبات الوهن والضعف، كما كانت تجعلهن يقرأن لها قبل إرسالهن إلى غرف الغاز، وهنا فكر مايكل في الأمر جلياً فيما إذا كانت سبباً في وفاتهم حتى لا يكشفوا سرها ولكن في النهاية أُدينت وتم الحكم عليه بالسجن مدى الحياة، كما أن مايكل اختار أن لا يكشف سرها، ولكن لا يمكن أن يسيطر على مشاعره وأحاسيسه.
وفي الجزء الثالث من الرواية حاول مايكل مراراً وتكراراً ان يتوصل إلى حل حول المشاعر والأحاسيس التي يحملها بداخله تجاه حنا، كما قد همّ بتسجيل عدة قراءات من الكتب وإرسالهم لها في السجن، ومع مرور السنوات أصبح مايكل رجل مطلق ولديه ابنة من زواجه الذي كان مدته قصيرة جداً، ويوماً بعد يوم بدأت حنا تعلم نفسها القراءة والكتابة بطريقة طفولية وأسلوب بسيط وسهل، وقد كان ذلك عن طريق استعارة الكتب من المكتبة التابعة للسجن، وفي تلك الفترة كانت تكتب لمايكل العديد من الرسائل، إلا أنه لم يتمكن من الرد عليها.
وبعد مرور ما يقارب على الثمانية عشر عاماً، كانت حنا على وشك أن يتم إطلاق سراحها، وعلى إثر ذلك وافق مايكل بعد أن تردد كثيراً أن يبحث لها عن مكان للإقامة والعمل، حيث زارها في السجن في وقت سابق، وفي اليوم الموعود للإفراج عنها في سنة 1984م عزمت على الانتحار وجراء ذلك أصابت مايكل الحسرة، وهنا علم مايكل من السجان أنها كانت باستمرار تقوم بقراءة العديد من الكتب للمجموعة الناجين من محرقة اليهود البارزين، وذلك مثل ايلي ويزل وتاديوش بوروفسكي، بالإضافة إلى تاريخ المخيمات، وقد كان السجان غاضب منه لدرجة كبيرة؛ وذلك بسبب عدم التواصل مع حنا بأي وسيلة أخرى غير الأشرطة السمعية.
وبعد وفاة حنا تركت وصية تبلغه فيها عن واجب ينبغي عليه أن يقوم بتنفيذه، ألا وهو إعطاء كل أموالها وما تملكه إلى الناجين من حريق الكنيسة، وفي النهاية قام مايكل بإجراء زيارة إلى السيدة اليهودية، والتي كانت تقيم في الوقت الحالي في مدينة نيويورك، كانت تلك السيدة تستطيع أن ترى بوضوح صراع المشاعر الرهيب الذي يمر به، وهنا أخبرها عن علاقته العاطفية مع حنا.
بالإضافة إلى أنه كشف عن زواجه القصير الذي لم يكن مبنياً على الحب منذ البداية وابنته التي أصبحت تقيم في مكان بعيد، كانت السيدة متفهمة للموقف، ولكنها لم تتمكن من حل قضية خسارتها لعائلتها، كما رفضت تلك السيدة أن تقبل المدخرات التي تركتها حنا لها وأضافت قائلة: هذا الأمر يعني إعطاء الغفران، وهذا الأمر ليس من الممكن أن أفعله، وقد طلبت منه أن يتبرع بها على النحو الذي يراه مناسب، وبالفعل اختار جمعية خيرية يهودية لمكافحة الأمية تحمل اسم حنا وتبرع بها لها.