يُعتبر الكاتب والمؤلف فرانز كافكا وهو من مواليد دولة التشيك من أهم وأبرز الأدباء الذين ظهروا في القرن الثامن والتاسع عشر، حيث أنه صدر عنه العديد من الروايات والقصص القصيرة، وما كان يميز كتاباته هو أنها تصدر باللغة الألمانية، كما تم تصنيفها على أنها من الروايات الكابوسية والعجيبة، ومن أكثر الروايات التي حققت له شهرة واسعة حول العالم ونسبة مبيعات عالية هي المسخ، حيث أنه تم تجسيدها في العديد من الأفلام السينمائية كما تُرجمت إلى الغالبية العظمى من اللغات العالمية، وقد تم العمل على إصدارها لأول مرة سنة 1915م.
نبذة عن الرواية
تم اعتماد الرواية من قِبل الأدباء والنقاد على أنها من أشهر الأعمال الأدبية التي برزت في القرن العشرين وكان لها تأثيراً كبيراً على مجموعة القراء، كما تم اعتمادها وتدريسها في الكثير من الجامعات والكليات في المجتمعات الأوروبية، كما تم وصفها على أنها من القليل أن يحظى القراء بمثل هذه الإبداعات الرائعة، وأنها من أفضل الأعمال التي تضمنت استخدام أسلوب الخيال الشعري فيها، كما أشار الكاتب من خلال سرد أحداث الرواية إلى أن الإنسان حينما يصل إلى حالة الشعور بالاغتراب فإنه تتشوش وتتخبط بداخله كافة المشاعر والأحاسيس، إذ يصبح كل همه هو الخروج من تلك الحالة بأي طريقة كانت، حتى ولو وصل به الأمر إلى الانتحار والموت.
رواية المسخ
في البداية تدور وقائع وأحداث الرواية حول أحد الأشخاص الذين يعملون في مجال التجارة، وكما هو معروف للجميع أن مهنة التجارة يبقى صاحبها على الدوام في حالة سفر دائمة، وهذا التاجر يدعى السيد جريجور، حيث أنه في أحد الأيام وبينما هو عائد من إحدى السفرات الشاقة والمتعبة من مكان بعيد ووصل إلى منزله سرعان ما خلد إلى النوم، وحينما استيقظ من نومه وجد نفسه أنه قد تحول إلى إحدى أنواع الحشرات البشعة، وقد كانت تلك الحشرة كبيرة الحجم، وعلى أثر ذلك التغيير الجذري في جسد التاجر، والذي وضعه الكاتب في المقدمة كان قد قدم للقارئ صدمة كبيرة بهذا الأمر العجيب من التحولات.
إذ أن التاجر كان مجرد تاجر بسيط جداً يعمل في تلك المهنة البائسة، يضطر التاجر في كل صباح للاستيقاظ باكراً من أجل أن يلحق برحلة القطار؛ وذلك من أجل أن يتجول بين المدن ويبيع البضاعة، فقد كان بائع متجول، وقد كان الشقاء يلازمه بشكل يومي، فقد كان بالكاد أن يُحصل له دخل بسيط يستطيع به أن يجلب به لقمة العيش إلى عائلته، وبهذا الحدث غير الواقعي ومن غير الممكن قبوله في مجريات الأحداث الواقعية، حيث أراد الكاتب من خلال تلك الرواية أن يوهم القارئ ودفعه إلى تصديق هذا الكابوس، وحين وجد التاجر نفسه على هذا الحال كان يتمنى أن يكون ذلك الوضع مجرد كابوس مزعج فقط لا أكثر، كما يتمنى أن ما يستيقظ منه سريعاً.
لكنه مع مرور الوقت تأكد أنه من غير الممكن أن يعود كما كان، حيث أن الأحداث الحياتية بدأت بالسير أمامه، وهنا كان يحاول مراراً وتكراراً تحريك أطرافه المفصلية والتي كانت مثل أطراف الحشرات تماماً حتى يعود إلى طبيعته البشرية، ولكن جميع محاولاته باءت بالفشل، وعند محاولته للنهوض من فراشه كان يشعر بالألم الشديد، وحينما يحاول أن يتكلم مع عائلته ويرد عليهم حين يقلقون بسبب نومه الطويل وتأخره في النوم، حيث أنه في ذلك الوقت كان يصدر عنه صوت حاد ورفيع، والذي كان لم يسمعه أحد فهو بالتأكيد كان صوت غير بشري.
ولا تقتصر معاناة هذا التاجر البائس على عجزه عن عدم ممارسته إلى الحياة الطبيعية جراء هذا التحول القدري والمصيري، بل تعدت المأساة إلى موقف العائلة السلبي معه، ولكن من كان قريب منه ويجلس بجانبه في نومه هي شقيقته، والتي كانت تواسيه في تلك المحنة، ولكن حين تبتعد عنه مع مرور الوقت تتفاقم بداخله المشاعر وتختلج بداخله التفكير في الوجودية، وتلك الحالة التي أصيب بها ثم دفعت به إلى الذهاب بعيداً والاختفاء عن أعين الجميع، كما كانت عائلته ترغب في التخلص منه، فالعلاقة المادية التي كانت تربطهم به قد انقطعت وأصبح لا فائدة منه، وهنا أول ما خطر على تفكير ذلك التاجر هو الإقدام على الانتحار، حيث أنه أصبح يشعر بحالة اغتراب عن الجميع، وبالفعل قام التاجر في النهاية بالانتحار وتوفي.