تُعتبر الرواية من الروايات التي صدرت عن الكاتبة والمؤلفة لويس لوري وهي من مواليد الولايات المتحدة الأمريكية، وقد صدر عنها العديد من الأعمال الأدبية المميزة، وقد تم ترجمة الرواية إلى الغالبية العظمى من اللغات العالمية ومن ضمنها اللغة العربية، ولكن في الكثير من الأحيان كانت تحت عنوان المانح.
رواية المعطي
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية حول الشخصية الرئيسية وهو فتى يدعى جونسا، وقد كان جونسا يبلغ من العمر في ذلك الوقت الثاني عشر عاماً، ويقيم في إحدى المجتمعات المنفردة والمعزولة عن العالم من حولها، ولا يحيط بها سوى عدد قليل من البلدات الصغيرة المماثلة لها، وفي تلك القرية كان هناك لكل فرد دور معين يسند إليه، بدءًا من الأطفال الصغار في العمر حتى كبار السن.
وفي أحد الأيام كان قد اقترب الحفل السنوي المعتاد، وهنا بدأ جونسا يشعر بالقلق والتوتر، حيث سوف يتم كالعادة تكليفه بعمل صعب، وهنا بدأ يسعى للحصول على مجموعة من التطمينات الصادرة عن والده، والذي بدوره كان يعتني بالأطفال الجدد، حيث يتم تعديلهم من الناحية الوراثية والبيولوجية؛ وبالتالي تأكد جونسا أنه في الحقيقة والديه لا يرتبطان به من الناحية البيولوجية، ومنذ أن كان صغيراً في العمر تم تعليمه على يد مجموعة من الحكماء أن الذين يخصصون للأطفال وظائفهم هم من يشار إليهم أنهم دائمًا على حق.
وفي اليوم المقرر به عمل الاحتفال تجمع جونسا مع عدد من أصدقائه في الفصل من الذين كانوا في ذات ترتيب الميلاد، كما كان هناك جماعة كبيرة حاضرة ويرأسهم رئيس الشيوخ، وحينما جاء دور جونسا أصيب بحالة من الذهول والرهبة، وبينما كان يتجلى بشكل واضح بين الجموع إلى أن جاءت اللحظة التي أصبح فيها بمفرده، وهنا بدأ يشرح الزعيم أن جونسا لم يتم تكليفه بأي مهمة عادية في هذه المرة، ولكن تم اختياره ليكون المتلقي التالي للذاكرة؛ وذلك من أجل أن يتم تدريبه من قبل المتلقي الحالي، حيث كان المتلقي الحالي جالس بين الحكماء ويحدق بجونسا، وكل ما يعرف عنه أنه صاحب العيون الشاحبة.
وقد كان يتميز منصب المتلقي بمكانة ومسؤولية ذات مستوى عالي، وحين تم وضع جونسا في تلك المكانة سرعان ما وجد نفسه بعيد كل البعد عن جميع أصدقائه في الفصل، بما في ذلك زملائه المقربين، وقد كانت القواعد التي يتلقاها جونسا تفصله كل يوم أكثر فأكثر عن زملائه؛ وذلك لأنها لا تسمح له باللعب مع أصدقائه، كما كان يتم الطلب منه على الدوام المحافظة على سرية تدريبه، كما سمحوا له بالكذب وحجب كافة مشاعره عن أسرته، حيث أن كل تلك الأشياء غير مسموح بها بشكل عام في ذلك المجتمع الصارم.
وبمجرد أن بدأ الفتى التدريب، يتم بشكل واضح من خلال تدريبه إبراز تفرده؛ وقد كان السبب خلف ذلك أنه أصبح متلقي للذاكرة وبذلك يصبح فرد يتحمل على عاتقه عبء كبير من الذكريات حول كل أحداث التاريخ، وهو الوحيد المسموح له بالوصول إلى كافة الكتب على خلاف الكتب المدرسية بالإضافة إلى كتاب القواعد الذي يصدر لكل أسرة، وقد كان المتلقي الحالي طلب من جونسا أن يناديه بالمانح، وهنا بدأ عملية نقل تلك الذكريات إلى جونسا.
وبما أن الإنسان الطبيعي في المجتمع لا يعلم شيئًا عن الماضي، كانت تلك الذكريات هي العنصر الوحيد في المجتمع الذي سمح له بالوصول إلى كتب عن الماضي، وقد تم استخدام وجهة نظر المتلقي من أجل تقديم المشورة لمجلس الحكماء، وقد كانت الذكرى الأولى هي الانزلاق على تلة مغطاة بالثلوج على زلاجة، وقد تمت الصدمة بحقيقة أن جونسا لم يرى فيها أي مزلجة أو ثلج أو تلة، كما أظهر المانح لجونسا قوس قزح ولكن بشكل غير ممتع، كما قدم المعطي لجونسا مجموعة من الذكريات حول الجوع والحرب، كما كان هناك في الحقيقة يكمن خلف المانح متدربة جديدة تدعى روزماري.
وفي تلك الأثناء كان يشعر والد جونسا بمزيد من مشاعر القلق والتوتر بشأن رضيع موجود في مركز الرعاية، حيث أن ذلك الطفل كان لدية مشكلة في النمو، وقد حصل على إذن خاص من أجل إعادته تأهيله، وقد كان ذلك الطفل يطلق عليه اسم جبرائيل، ومن هنا بدأ ينمو بشكل قوي إلى درجة كافية من أجل أن يتم تخصيصه لإحدى العائلات، وقد كان ذلك الطفل كذلك يمتلك عيون شاحبة حاله كحال جونسا والمانح.
ومع مرور الوقت أصبح جونسا مرتبط بالطفل إلى درجة كبيرة، وعلى وجه الخصوص في تلك اللحظة التي يجد بها أنه متمكن من تقديم الذكريات، وفي تلك الأثناء كان يتم تتبع حالة القوة لدى الطفل، ففي حال لم تزداد قوته، فسوف يتم تحريره من المجتمع ضمن خطاب مشترك، كما سوف يتم نقله إلى مكان آخر، وفي ذات الوقت أطلق والد جونسا أصغر توأم حديثي الولادة، كما قام بحقن طفل مصاب بمادة سامة قبل أن يتم وضع جثته في مرمى القمامة.
وعلى إثر ذلك تم اعتبار والد جونسا إنسان قاتل، ولهذا رفض جونسا في البداية العودة إلى منزل والديه، لكن المانح أقنعه أنه بدون الذكريات لا يمكن لأفراد المجتمع معرفة أن ما تم تدريبهم على القيام به هو أمر خطأ، ومع مرور الوقت لم تعد روزماري قادرة على تحمل ذكريات الماضي المظلمة وهذا ما دفع بها إلى الانتحار من خلال تناول مادة سامة، وبعد فترة وجيزة توصل كل من جونسا والمانح إلى فهم أن وقت التغيير قد حان، وأن المجتمع قد ضل طريقه وهنا ينبغي عليه أن يسترجع ذكرياته.
وقد كانت الطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك الأمر هي أن يغادر جونسا المكان بأكمله، وفي ذلك الوقت سوف تعود الذكريات التي حصل عليها إلى فئات المجتمع، كما فعلت الذكريات ذات النسبة القليلة التي قدمتها روزماري، ولكن طلب جونسا أن يفر المانح معه، لكن المعطي أصر على أنه سوف يكون مطلوب بين فئات المجتمع؛ وذلك من أجل تقديم المساعدة لهم في إدارة الذكريات، أو أنهم سوف يقضون على أنفسهم بمجرد إعادة تأسيس المجتمع وفقًا لخطوط جديدة، كما كان يخطط المانح من أجل الانضمام إلى ابنته روزماري في الموت.
وفي النهاية ابتكر المانح قطعة أرض هرب من خلالها جونسا إلى خارج حدود المجتمعات، وهنا كان سوف يجعل المانح الأمر وكأنه يبدو كما لو أن جونسا قد غرق في النهر؛ وذلك من أجل أن تكون عملية البحث عنه محدودة، ولكن فشلت الخطة حينما وصل إلى مسامع جونسا أنه سوف يتم إطلاق سراح جبرائيل في صباح اليوم التالي، وهنا شعر أنه ليس لديه خيار سوى الهروب مع الرضيع، ولكن هروبهم كان محاط بالمخاطر والمخاوف.
وحين اقترب الاثنان من الموت جراء البرد والجوع عند وصلوهم إلى الحدود، هنا اعتقد جونسا أنه ينبغي أن يكون في مكان آخر، وذلك من خلال استخدامه لقدرته على رؤية ما وراءه، وهنا وجد زلاجة تنتظره على إحدى القمم المغطاة بالثلوج، وأخيراً ركب هو وجبرائيل الزلاجة وتوجهوا نحو منزل مليء بالأضواء الملونة والدفء والحب وشجرة عيد الميلاد، ولأول مرة سمع شيء موسيقي، وبقيت النهاية غامضة، حيث ظهر جونسا في آخر مشهد بأنه يعاني من أعراض انخفاض حرارة الجسم.