رواية المقامر - Gambler's Novel

اقرأ في هذا المقال


يُعتبر الفيلسوف والكاتب فيودور دوستويفسكي وهو من مواليد دولة روسيا من أهم وأبرز الكُتاب الذي نالت مؤلفاته الأدبية شهرة واسعة حول العالم، حيث أنه طغى على كتاباته الفهم والوعي العميق في النفس البشرية، كما تعامل من خلال مؤلفاته مع مجموعة كبيرة ومتنوعة من المواضيع الدينية والفلسفية، ومن أكثر رواياته التي حققت نسبة مبيعات عالية حال صدورها هي رواية المقامر، والتي جسدت إلى العديد من الأفلام السينمائية العالمية، كما ترجمت إلى الغالبية العظمى من اللغات العالمية ومن ضمنها اللغة العربية، وقد تم العمل على نشر الرواية سنة 1866م.

نبذة عن الرواية

تناولت الرواية في مضمونها الحديث حول أحد الشباب الذي يعمل كأستاذ وهو من من أصول روسية، حيث أن ذلك الشاب كان على مستوى عالية من الثقافة والمعرفة، كما كان يمتلك شخصية جذابة ولبقة، إلا أنه مع كل ذلك لم يكن ميسور الحال من الناحية المالية، وفي يوم ما وقع في حب فتاة من طبقة أرستقراطية، لكن الفتاة لم تعيره أي اهتمام، وليس هكذا وفقط، وإنما كانت تحتقره وتتلذذ في إهانته من وجهة نظره، كما كانت تهيمن وتسيطر عليه بشكل كبير إلى الحد الذي تثير به قلق القارئ من مدى صحة أو واقعية القصة.

وكل تلك الأحداث كانت تدور في دولة ألمانيا، وقد تطرق الكاتب إلى الطريقة التي يفكر بها البطل، حيث أنه قادته العلاقة مع تلك الفتاة إلى أن يؤمن أنه من خلال اللعب بالورق، فإنه باستطاعته كسب الكثير من الأموال، كما صور الكاتب بين الأحداث الواقعية التي تتمثل في العلاقات الاجتماعية بين طبقة الفقراء وطبقة الأغنياء، استغرق الكاتب في كتابة الرواية ما يقارب ثلاثة أسابيع؛ وذلك من أجل تسليمها في الموعد المحدد للناشر.

كما أضاءت الرواية من دون شك على العديد من الجوانب المهمة من شخصية الكاتب ذاته، إذ أشار إلى أنه كانت حياته تماماً مثل حياة بطل الرواية يعشق اللعب بالورق إلى حد المرض والهوس، وأنه خسر مبالغ طائلة على طاولات اللعب بالأوراق في كل من ألمانيا وفرنسا وسويسرا، ولكنه تمكن من التوقف عنها نهائياً، وأضاف أن الرواية جاءت كتحليل خطير لمسألة الإدمان على اللعب، وقد كتبها الروائي وهو في عز إدمانه المرضي.

كما أشار الفيلسوف إلى أن هذه الرواية تحمل في مضمونها العديد من المعاني الكثيرة والتي يتوصل إليها كل من القارئ والناقد والأديب من بين الأسطر، حيث أنها تبين العزيمة والإصرار والإرادة الإنسانية التي كانت قد نبعت من مصادر صادقة وقوية من الذات البشرية وأنه كيف يواجها الإنسان، وقد تمثل ذلك في المغامرات التي خاضها المقامر والمجازفات الخطرة التي قام بها، حينما ذهب للعب وعاد بالنقود التي ربحها إلى بولينا وكذلك ما طرحه في النهاية التي وضعها لروايته، فقد بين إذا أن أي إنسان على وجه الكرة الأرضية قد آمن بقراره وحلمه، فإنه من المحتم أن يعزم على تحقيقه في نهاية المطاف.

رواية المقامر

في البداية كانت وقائع وأحداث الرواية قد سردت من وجهة نظر الشخصية الرئيسية وهو رجل يدعى أليكسي إيفانوفيتش، وقد كان ذلك الرجل ما زال في مرحلة الشباب ويقيم في دولة ألمانيا، حيث كان يعمل كمدرس لصالح إحدى العائلات الروسية التي كانت تقيم في جناح خاص في أحد الفنادق الألمانية، وفي أحد الأيام يقدم رب الأسرة والذي يدعى السيد دي ويعمل كجنرال في السابق في دولة روسيا على استعارة مبلغ من المال كدين من أحد الرجال الذي تعود أصوله إلى دولة فرنسا.

وعلى إثر ذلك عزم على رهن ممتلكاته التي كانت في دولة روسيا؛ وذلك من أجل دفع مبلغ صغير فقط من ديونه، وقد كان الجنرال دي لديه عمّة مقيمة في روسيا، وفي أحد الأيام أصيبت بمرض، وقد كانت عمته تمتلك الكثير من الأموال والممتلكات، وحين سمع بذلك أرسل العديد من البرقيات إلى مدينة موسكو وبقي منتظر خبر وفاتها، حيث أنه كان يفكر في أن يدفع ميراثه المتوقع من أجل تسديد ديونه، كما أنه فكر في أن يقوم بطلب يد فتاة تدعى بلانش دي والزواج منها.

وفي ذلك الوقت وقع أليكسي في حب وعشق فتاة تدعى بولينا، وهي كانت ابنة الجنرال، لكن حالة الحب الذي وقع بها كانت بائسة، حيث أنه في أحد الأيام طلبت منه أن يقوم بالذهاب إلى أحد المقاهي الموجودة في المدينة، وهناك يقوم بوضع رهان لصالحها، وبعد الكثير من التردد استسلم بالذهاب إلى المقهى ولعب الورق على إحدى الطاولات وقد انتهى به الأمر بالربح على طاولة الروليت، ثم بعد ذلك المكاسب التي حصل عليها عادت إليها، لكنها لم تخبره عن سبب احتياجها للمال، إذ قامت بولينا بالضحك فقط في وجهه، وقد كان ذلك الأمر تفعله بالعادة حينما يعلن حبه لها.

بالإضافة إلى أنها كانت تعامله بلا مبالاة شديدة، إن لم يكن في الحقيقة بكامل الخبث والأنانية، وبعد مرور وقت قصير علم أليكسي بتفاصيل الحالة والضائقة المالية التي يمر بها الجنرال وبولينا وقد كان ذلك عن طريق أحد معارفه الذي كان يعرفهم منذ زمن طويل ويدعى السيد آستلي، وقد كان آستلي هو رجل من أصول إنجليزية ويتميز بأنه رجل خجول، ويبدو أنه كان يشارك أليكسي بحبه وولعه ببولينا، كما كان آستلي ينتمي إلى طبقة النبلاء الإنجليز، ويمتلك الكثير من الأموال.

وفي أحد الأيام بينما كان يتمشى كل من بولينا وأليكسي، قام أليكسي بقسم لها يمين العبودية في إحدى الجبال التي تعرف باسم جبل شلانينبرغ، وهو أحد الجبال الواقعة في الريف الألماني أخبرها أن كل ما عليها فعله هو أن تأمره بأي شيء تريده وسوف يفعله بكل سرور وعلى الفور، حتى لو كان الأمر بأن يرمي بنفسه من أعلى الحافة ويسقط إلى أن لقي حتفه، إلى أنه في ذلك الوقت قابلا بارون وبارونة يعرفان باسم فورم هيلم وهم من الطبقة الأرستقراطية، وهنا طلبت منه بولينا أن يقوم بإهانة الزوجين الأرستقراطيين.

وبالفعل قام بذلك دون تردد أو حيرة أو حتى مجرد تساؤل حول طلبها الغريب، وقد كان ذلك الحدث قد فجر سلسلة من الأحداث، والتي وضح من خلالها أن اهتمام بولينا بالجنرال ليس لأنه والدها إنما لأنه تربطهم علاقة غرامية، وذلك ما تتسبب في طرد أليكسي من مهمته كمدرس لأطفال الجنرال، وقد ظهرت بعد فترة وجيزة العمة، وذلك بعد أن تعافت من مرضها وخاب أمل الجنرال في تسديد ديونه، وهنا فاجئ أليكسي الجميع من أفراد المجتمع وأخبرهم جميعًا بأنه يعرف كل شيء عن ديون الجنرال وعلاقاته الغرامية المشبوهة.


شارك المقالة: