تُعتبر هذه الرواية من روائع الأعمال الأدبية التي ألفها الأديب البريطاني هيكتور هيو مونرو المشهور باسم ساكي، وقد تناول من خلال محتوى الرواية الحديث حول رجل مصاب بأحد أنواع أمراض الأعصاب، ولكنه لم يتمكن من الوصول إلى علاج له، وحينما انتقل إلى منطقة من أجل البدء بالعلاج النفسي له، أصبح أسوا من قبل.
رواية النافذة المفتوحة
في البداية كانت تدور الوقائع والأحداث حول الشخصية الرئيسية فيها وهو رجل يدعى السيد فالمتون، وقد كان ذلك السيد يعاني من أحد الأمراض التي تم تصنيفها بأنها من أشد أنواع الأمراض التي تُعنى بالأعصاب، وقد كان السبب الذي يكمن خلف ذلك الأمر هو أن السيد فالمتون يحدث لديه مجموعة من اضطرابات الداخلية والتي في النهاية تسبب ذلك الأمر لديه، وفي أحد الأيام بعد أن لاحظت شقيقته أن في كل يوم حالته تزداد سوءًا عن اليوم الذي يسبقه قامت بتقديم نصيحة له بأن يحمل كل احتياجاته ويقوم بالانتقال والإقامة في إحدى المناطق الريفية، كما كان قد تلقى تلك النصيحة من قِبل أطبائه.
وقد كانت المنطقة التي اقترحتها عليه شقيقته من المناطق التي أقامت بها لمدة تقارب على الأربع سنوات، وقد لاحظت خلال طوال تلك السنوات الأربع أنها وضعها النفسي تغير بدرجة كبيرة جداً، وكونها من خلال تلك الفترة التي قضتها أصبحت ملمّة بالمنطقة، قدمت لشقيقها ورقة بها الأسماء والعناوين التي تخص بعض الأشخاص الذين عاشت وسطهم في تلك المنطقة؛ وذلك لأنها رغبت في أن لا يلتقي شقيقها مع أشخاص سيئين يزيدوا من حالته سوءًا.
وبالإضافة إلى ذلك أنه في حال فقدت الاتصال بشقيقها في يوم ما، فإنه بإمكانها من خلالهم الاطمئنان عليه، كما طلبت منه أول ما يصل إلى هناك أن يقوم بالتعرف ومقابلة هؤلاء الجيران والحديث معهم، بدلاً من قضاء وقته في عزلة ووحدة، وقد أشارت إليه بموضوع العزلة والوحدة وكررته عليه كثيراً، إذ أوضحت أنه إذا قام بعزل نفسه عن الناس، فإن ذلك الأمر قد يقوده إلى ما هو أسوأ.
وفي تلك الأثناء قام السيد فالمتون بتجهز كافة أغراضه ومتطلباته وأغلق حقائبه وتوجه نحو الريف، وأول ما وصل إلى هناك توجه نحو المنزل الذي كانت تقيم به شقيقته في السابق، وبعد أن رتب أغراضه كلاً في مكانه أول ما قام به هو عمل زيارة إلى منزل إحدى السيدات التي كان اسمها أول اسم في الورقة التي قدمتها له شقيقته، وهو منزل إحدى سيدات المنطقة والتي تدعى السيدة سابلتن، وقد قال في نفسه لا بد من أن زيارتي لها سوف تغير من نفسيتي وتساهم في شفائي من اضطراب الأعصاب، وأردف حديثه قائلاً: لقد أكد لي الأطباء أن العلاقات الاجتماعية تحل محل العلاج النفسي، وهذا الأمر ينبغي عليه أن أباشر به.
وحينما وصل إلى منزل السيدة قابل في البداية ابنة شقيقها والتي كانت تبلغ من العمر خمسة عشر عامًا، وقد أخبرته أن عمتها سوف تنزل قريبًا لتقابله، وأثناء انتظار السيد فالمتون في غرفة الاستقبال والفتاة تجلس معه أخبرته أن عمتها من أهم الأمور التي تركز عليها في المنزل هو ترك النافذة مفتوحة طوال الوقت وأنها على مدار ثلاثة سنوات منذ ذلك اليوم الذي خرج به زوجها وشقيقيها الصغار لم تغلق النافذة على الإطلاق، حيث أنهم خرجوا في رحلة من أجل صيد الطيور ومعهم الكلب الصغير.
ولكنهم منذ ذلك اليوم لم يرجعوا أبدًا؛ وذلك لأنهم تعرضوا لحادثة غرق في أحد المستنقعات الكبيرة ولم يتمكن أي شخص من إنقاذهم ولا حتى من استخراج جثثهم، ومنذ ذلك اليوم ما زالت العمة تعتقد أنها سوف تراهم عائدين من ذات النافذة التي شاهدة منها ذهابهم، كما أن العمة لا ينقطع ذكر زوجها عن لسانها إذ تستمر في الحديث عن محاسن زوجها وتردد على الدوام خرج وهو يرتدي بدلته البيضاء الجميلة ويحمل بين يديه معطفه المضاد للماء، وأضافت الفتاة إلى حديثها: أن العمة في الكثير من الليالي ينتابها شعور غريب وهو ما يتجسد أن الثلاثة سوف يدخلون من تلك تلك النافذة.
وفي تلك اللحظة نزلت السيدة سابلتن من أجل مقابلة السيد فالمتون وقد اعتذرت له بشدة عن تأخرها في النزول إليه، وأول ما جلست سرعان ما بدأت بإخباره بأنها مضطرة لترك النافذة مفتوحة، على الرغم من أن الجو شديد البرودة وأن السبب في ذلك هو أنها في حالة تأهب وانتظار لعودة زوجها، وبينما كانت تتحدث مع السيد فالمتون كانت عينيها تتجهان بشكل مستمر نحو تلك النافذة.
وفي ذلك الوقت بدأ يفكر السيد فالمتون في تلك الصدفة الغريبة التي جعلته يقدم من أجل زيارة تلك السيدة في ذات اليوم الذي به الذكرى السنوية لفقدانها عدد من الأشخاص المقربين منها جداً، وهو لا ينبغي أن يتعرض إلى التوتر أو القلق أو الحزن، إذ يعاني من الأوهام بشكل كبير، وهنا فكر في أن يحاول أن يغير موضوع الحديث مع تلك السيدة، وأول ما تحدث به هو أنه جاء إلى تلك المنطقة الريفية من أجل أن يحصل على فترة نقاهة واسترخاء وراحة، وذلك بناءً على طلب الأطباء، ولا ينبغي عليه أن يقوم بتعريض أعصابه إلى أي مجهود ذهني أو إثارة للتفكير.
وبينما كان السيد بالحديث عن وضعه للسيدة، والتي كانت كل تركيزها على النافذة، وفجأة قالت: ها هم أخيرًا عادوا، وحينما وجه السيد نظره نحو النافذة، أصيب بحالة من الذهول إذ شاهد ثلاثة من الأشخاص قادمون باتجاه النافذة، وقد كان أحدهم يرتدي بدلة بيضاء ويحمل معطفه ضد المطر بين يديه كما وصفت الفتاة في السابق، كما كانوا الثلاثة كذلك يحملون أسلحة الصيد ومعهم الكلب الصغير.
وفي تلك الأثناء سرعان ما همّ السيد فالمتون باتجاه الباب من أجل أن يفتحه ويستقبلهم، إلا أنه ما تفاجأ به هو أنهم دخلوا المنزل من خلال النافذة، وهنا أصيب السيد فالمتون بالرعب وفر من ذلك المنزل، وقد ترك خلفه قبعته ومعطفه، وحينها سأل الرجل صاحب الرداء الأبيض وقال: من ذلك الرجل الذي حين شاهدنا عزم على الفرار حينما وصلنا؟
فردت عليه زوجته إنه رجل مسكين يقضى معظم زياراته في الحديث عن المرض المصاب به، ولا يتوقف عن الحديث طوال الوقت عن الأمراض والاضطرابات النفسية والعصبية، وقد انسحب دون وداع عند مشاهدتك وكأنه شاهد شبح أمامه، إلا أن الفتاة في تلك اللحظة قالت: ربما يكون قد ارتعب من الكلب؛ وذلك لأنه قد تعرض لصدمة منذ صغره، إذ أنه بينما كان يصطاد في أحد الأيام سقط في أحد القبور المحفورة.
وفي ذلك القبر قضى ليلة بأكملها وقد اجتمعت الكلاب من حوله وهي تلهث وتنبح فوقه، وهذا الموقف كافي لجعل أي شخص في هذه الحياة أن يفقد أعصابه، ولكن في الحقيقة أن السيد فالمتون قد ارتكب من تلك القصة التي سردتها عليه الفتاة بأن هؤلاء الثلاثة قد توفوا منذ ثلاث سنوات، تماماً كما فعلت بحديثها عن الحادثة التي حدثت معه في صغره.