تُعتبر هذه الرواية من الروايات التي صدرت عن الأديب العالمي هربرت جورج ويلز، وقد تناولت في مضمونها الحديث حول قبطان تم توكيله بمهمة القضاء على أسراب النمل، في البداية كان يشكك في أن تلك المهمة من باب السخرية عليه، إلا أنه اكتشف أن هذا النوع من النمل يشكل وباء خطير على المجتمع بأكمله، تم العمل على نشر الرواية سنة 1991م.
الشخصيات
- القبطان جيريلو
- المهندس هولرويد
- مساعد القبطان دا كونيا
- الرجل الزنجي
إمبراطورية النمل
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية حول قبطان يدعى جيريلو، ففي يوم من الأيام أوكلت إليه مهمة مساعدة السكان في مكافحة وباء النمل في إحدى المدن القريبة، كان القبطان من أصول برتغالية، ولم يفتح قلبَه في يوم من الأيام سوى لسيد يدعى هولرويد، وهو المهندس الموكل معه في ذات المهمة، إذ جاء معه على متن السفينة ليدرِّبه على كيفية استخدام اللغة الإنجليزية، وفي تلك الأثناء دخل القبطان في حالة ضيق من تلك المهمة، إذ كان يرى أن وباء النمل ذلك من أمور الطبيعة ولا قدرة لهم عليه، ولكن أشار له المهندس أن النمل المشار إليه ليس كهذا المعروف لديهم، وإنما من نوع مختلف، ولكن القبطان كان مصر على أن تلك المهمة سخيفة.
ومن ثم قام القبطان بارتداء زيه الرسمي الكامل وأبحر مع المهندس في نهر الأمازون لمدة ستة أيام، وحينما أصبحوا على بُعد مِئات الأميال من المحيط، لم يكن يوجد سوى جزيرةٍ ذات ضفة رملية ومنازل مصنوعة من القش، تبدو البلدة وكأنها عملة معدِنية ملقاة في الصحراء، كان القبطان أول مرة يرى فيها تلك المناطق الاستوائية، فهي الزيارة الأولى له إلى بريطانيا وعلى مدار ستة أيام كانا يبحران عبر قنوات مهجورة، وكان وجود البشر خلال الطريق نادرًا.
كان محظورًا على القبطان إهدار ذخيرته؛ وذك لأنه لا يعلم ما سوف يعترض طريقه، كان برفقتهما رجل زنجي مهمته الاهتمام بالمحرك البخاري للسفينة، أما نائب القبطان ويدعى دا كونيا، وخلال المهمة كان الجلوس على ظهر السفينة في وضح النهار يعني العمى من وهج الشمس، كما أنه كانت تأتي حشرات معينة شديدة الذكاء، وتُلحق ضررًا بالغًا براحة اليد والكاحل، وخلال تلك الفترة تمكن القبطان من معرفة المزيد من المعلومات عن النمل في تلك الأماكن التي توقف فيها، وأصبح مهتمًّا بمَهمته، وأشار إلى أن حجم النمل كبير ويساوي خمسة سنتيمترات تقريباً وبعضها أكبر، وأوضح أن هناك منها أنواع بإمكانها أن تلتهم البلد.
وبعد مرور فترة وجيزة وصلت السفينة إلى أحد السواحل، ورست السفينة به حينها قرر القبطان الراحة والنوم لبعض الوقت، وأخذ يتساءل حول ماذا سوف يفعل مع هذا النمل؟ بينما المهندس جلس على سور السفينة يفكر، والصمت يخيم على المكان، وأشاح بناظرَيه نحو غموض الغابات الأسود الجارف، الذي يُنيره بين الحين والآخر حشرات اليراع المضيئة، وأخذ يستطرد استطرد ذكرياته حول المعلومات التي أدلى بها القبطان حول أن هذا النمل يستخدم سمًّا مثل سم الثعابين، وفي لحظة ما نهض القبطان وتمتم متسائلًا: ما الذي يمكن للمرء فعله؟ ثم تقلَّب للحظات، وعاد للنوم مرةً أخرى.
وفي الصباح التالي عرف المهندس أنهم على بعد بضع كيلومترًا من المدينة التي تُعنى بالمهمة، ومنذ لحظات الصباح كان يصعد لأعلى السفينة كلما سمحت له الفرصة لتفقُّد ما حوله، إذ رأى هناك حُطام المنازل المهجورة منذ أمد طويل وأسراب عديدة من الفراشات الصفراء الغريبة وبعد فترة بسيطة وجدوا قارب مغطى، لم يبدو أن القارب مهجور وبعد لحظات ظهر شخصان جالسين على أرضية القارب، وما إن اقترب القارب من أثر سير السفينة الحربية في الماء حتى أخذ يَمور قليلًا، وفجأة سقطت جثة أحد الرجلان وبدا أن مفاصله تآكلت، وهنا صاح القبطان منادياً للمهندس.
فأشار عليه المهندس أن هناك خطأ ما وأنه من الأفضل أن يتم إرسال قارب إلى جوار ذلك الرجل، وهنا غيّر القبطان مسار السفينة وسار موازي للقارب، وهناك أسقط قارب يحمل على متنه نائبه وثلاثة بحارة، ثم دفع الفضول بالقبطان إلى التحرك بنفسه ناحية القارب، وهناك شاهد أن طاقم هذا القارب كان مكون فقط من الرجلين الميتين، ويبدو أنهما تعرَّضا لنوع غريب واستثنائي من عمليات التحلل، ثم أدرك أن مجاديف الجزء الأوسط من ظهر القارب تعجُّ بنقاط سوداء متحركة، جذبت انتباهه تلك النقاط، إذ كانت تسير في اتجاهات نابعة من الرجل الذي ما زال ملقى على الأرض، فقال النائب للقبطان: إنه النمل.
ويبدو أن هذا النمل هو من قتَل هذين الرجلين، فاستشاط القبطان غضبًا، وأخذ بأمر المهندس بالصعود على متن القارب، وهناك رأى المهندس أن النمل أصبح أمام حذاء نائب القبطان، فحذر النائب والذي تراجع سريعاً، وداس النمل بقدمه مرتين أو ثلاث مرات، وحينما التقط المهندس المنظار، رأى أن النمل المتناثر يفعل أمرًا لم يرى نملًا يفعله من قبل؛ فلم يكن هذا النمل يتصرف بحركات عمياء مثل النمل العادي، بل كان ينظر إليه مثلما ينظر حشد مندفع من الرجال إلى وحش عملاق.
وفجأة النمل اختفى من كافة الأسطح المكشوفة على سطح القارب، وتوجه صوب الظلال الموجودة أسفل ظهر القارب، وبدت للطاقم أنها تعج بالعيون المراقِبة، وهنا ازداد إعجاب المهندس بالنشاط العظيم الدقيق للنمل، وأدرك أن عددًا من النمل الذي يبلغ طوله بضع بوصات تقريبًا، يحمل أحمالًا غريبة الشكل، لا يستطيع تصور الغرض الذي تستخدم من أجله، ويتحرك في اندفاع من جهة مجهولة إلى أخرى، وفجأة صاح النائب قائلًا: لقد لدغوني ووجه السبب في ذلك للقبطان، ثم على الفور قفز في الماء، وحينما سمعوا صوته سحبوه الرجال الثلاثة وأعادوه على ظهرها، وفي تلك الليلة مات.
ومنذ ذلك الوقت أخذ القبطان يفكر في الكلمات القاسية التي قالها نائبه، وأشار أنه مات أثناء تأدية واجبه، وأنه من الواجب أن يتم حرق القارب، وهنا ساعده الجميع بحماس؛ وسحبوا الحبل وقطعوه وأشعلوا فيه النار بالفتيل والكيروسين وألقوه في البحر، ثم بعد ذلك سار القبطان على ظهر السفينة، ومن خلال المنظار الميداني أخذ يتفحص المكان، وفجأة شاهد كل من القبطان والمهندس أسراب نمل، حينها حاول القبطان إطلاق طلقات من مسدسه على هذا النمل، كما تأكد المهندس من وجود أعمال حفر غريبة بين المنازل.
وأشار أنه قد تكون من صنع هذه الحشرات، وعادا إلى السفينة الحربية، وفي تلك الأثناء أصيب القبطان بحالة من التردد شديد، وسار بالسفينة على نحو أسرع، وأثناء عودتهما ضرب السفينة عاصفة رعدية السفينة بقوة، إلا أنهم سلم جميع من على السفينة، وبعد أن وصلا إلى ضفة النهر خلد الجميع للنوم والراحة، بينما القبطان فقد بقي قلق بشأن تلك المهمة.
وعند بزوغ الفجر أيقظ المهندس وأخبره أنه يريد أن يطلق مدفع السفينة، وضع كل أفراد الطاقم حشوة في آذانهم، وبدا الأمر كله كما لو كانوا في حالة حرب، وفي بادئ الأمر أصابوا ودمروا مصنع السكر القديم، ثم حطموا المخزن المهجور الموجود خلف المرفأ، وبعدها خاطب المهندس وأخبره أنه من المحتمل أن تنفذ الذخيرة، وهذه مشكلة كبيرة، إلا أنهم تمكنوا في النهاية من العودة إلى إنجلترا وتم تحذير البشر من هذا الكائن الغريب، وتم التوصل إلى أنه من الصعوبة البالغة الحصول على أي معلومات تفصيلية حول هذا المنافس الجديد الذي يزاحم على سيادة الكوكب.
العبرة من الرواية أنه هناك الكثير من الأوبئة التي تنتشر حول العالم، منها من يتم القضاء عليها من خلال التوصل إلى مبيد خاص بها، ومنها ما يتم تفشيه ويشكل خطر ذريع على أبناء المجتمع.