اعتبرت أجاثا كريستي من رائدات الأدب، حيث أن مؤلفاتها الأدبية لاقت انتشار واسع في الوطن العربي والعالم أجمع، كما أنها بقيت إلى يومنا هذا تحظى بإعجاب عدد كبير من القراء والأدباء والنقاد، ومن أكثر أعمالها الأدبية التي حققت نسبة مبيعات عالية وشهرة واسعة حول العالم هي رواية بعد الجنازة، والتي تم تجسيدها في العديد من الأفلام السينمائية العالمية، كما تمت ترجمتها إلى الغالبية العظمى من اللغات العالمية ومن ضمنها اللغة العربية، وقد تم العمل على إصدارها سنة 1953م.
رواية بعد الجنازة
في البداية تدور وقائع وأحداث الرواية في أحد الأيام التي تتجمع به إحدى العائلات التي تدعى عائلة ريتشارد آبرناثي، وقد كان ذلك الوقت بعد جنازة السيد ريتشارد التي أقيمت في إحدى القاعات التي تعرف باسم قاعة إندرباي؛ وذلك من أجل قراءة الوصية التي تركها خلفه لدى محاميه الذي يدعى السيد إينتويسل، حيث يتم تقسم ثروته بين عائلته الباقية على شقيقه الذي يدعى تيموثي وزوجته التي تدعى مود؛ وشقيقته التي تدعى كورا، وابن شقيقه الذي يدعى جورج، وابنة شقيقة الأول التي تدعى روز موند وزوجها الذي يدعى مايكل وابنة شقيقه التي تدعى سوزان بنكس وزوجها الذي يدعى غريغوري؛ وسيدة تدعى هيلين وهي زوجة شقيقه ليو قبل وفاته أثناء الحرب.
وعلى الرغم من أن ريتشارد الذي كانت وفاته تعود إلى أسباب طبيعية، ووفاته كانت متوقعة في أي لحظة من اللحظات، إلا أنه في ذلك الوقت أدلت كورا بتصريح كان قد دلّ على أن هناك من قام بقتله، وفي اليوم التالي للجنازة السيد ريتشارد كان قد عثر على كورا متوفية، وبعد أن قتلت بطريقة وحشية خلال نومها، ولم يكن هناك أي دافع واضح في التحريات والتحقيقات التي أجراها المفتش الذي يدعى مورتون، وبما أن الدخل المادي الخاص بكورا كان قد جاء من ملكية ريتشارد، فإن جميع ممتلكاتها سوف تذهب في النهاية إلى سوزان.
بينما تتلقى رفيقة كورا والتي تدعى غيلي مجموعة كبيرة من اللوحات التي صنعتها كورا بنفسها، وسرعان ما تشكلت العديد من الشكوك حول موت السيد ريتشارد بعد مقتل كورا، ومن أجل طلب المساعدة اتصل المحامي إينتويسل بأحد أصدقائه والذي يدعى بوارو؛ وذلك من أجل المساهمة في حل هذه المسألة، وحينها أول ما قام به بوارو أنه اتصل بأحد الأصدقاء القدامى والذي يدعى السيد غوبي؛ وذلك من أجل مساعدته في التحقيق في قضية العائلة.
وفي ذلك الوقت كان لكل فرد من أفراد العائلة سببه الخاص في رغبته وهدفه من الحصول على ثروة ريتشارد، وبناءً على ذلك أصبحت أصابع الاتهام تتوجه نحو كل فرد من أفراد العائلة، إذ أن كل واحد منهم أصبح مشتبه به في جريمة القتل، وفي تلك الأثناء زارت سوزان في ذات اليوم الذي كان يتم به التحقيق بيت كورا؛ وذلك من أجل تنظيف ممتلكات المنزل، وقد كان السبب خلف ذلك أنه تم الإعلان عن ممتلكات المنزل للبيع في المزاد العلني، وفي ذلك الوقت كانت قد أخبرتها غيلي أن خالتها كورا كانت تستوحي لوحات الرسم التي تقوم بها دائمًا من وحي الحياة الطبيعية المحيطة بها، وبالإضافة إلى ذلك كانت تقوم بجمع لوحات من أماكن المبيعات المحلية؛ وذلك في أمل منها في العثور على أي قطعة من القطع القديمة، حيث أن اللوحات القديمة كانت ذات قيمة عالية ونفيسة.
وفي اليوم التالي لجنازة كورا وصل الناقد الفني الشهير الذي يدعى ألكسندر غوثري؛ وقد كان السبب في قدومه هو النظر حول المشتريات الخاصة بكورا، والتي قامت بشرائها مؤخراً كما تم التخطيط في السابق بينه وبينها، وعلى الرغم من أنه قد وجد أن كورا قد توفيت، إلا أنه بحث كثيراً بين الأغراض، ولكن لم يعثر على أي شيء ذو قيمة هناك، وعند حلول المساء تعرضت غيلي إلى حالة تسمم، وقد كان ذلك التسمم قد تم بسبب تناولها إلى إحدى الشرائح من كعكة حفل زفاف كانت قد أرسلت لها من خلال البريد، والتي كانت تحتوي على مادة الزرنيخ.
وعلى الرغم من تلك الحادثة الخطرة التي حصلت لها، إلا أنها بقيت على قيد الحياة، حيث أنها لم تكن قد تناولت سوى قطعةً صغيرةً منها، وفي ذلك الوقت كانت قد نظمت العائلة الأمور إلى بوارو وغيلي؛ وذلك من أجل اختيار بعض العناصر من الإرث الذي تركه كل من كورا وريتشارد قبل أن يحين بيعها، وفي تلك الأثناء صرحت هيلين من خلال العديد من المناقشات حول اعتقادها في حدوث شيء غريب في يوم الجنازة، كما تتلقى غيلي ملاحظة حول إحدى الزخارف الموجودة في الملحق، كما تتذكر سوزان أنها كانت قد عثرت على لوحة كانت بحوزة كورا عند وفاتها، والتي كانت قد اعتقدت أنها قد تم نسخها باستخدام إحدى البطاقات البريدية المصورة، وقد كانت تلك اللوحة لا تشبه أبداً طريقة الرسم والأسلوب التي تعتمده كورا في العادة.
وفي نهاية الأحداث اتصلت هيلين مع إينتويسل في وقت مبكر من صباح اليوم الموالي؛ وذلك من أجل إبلاغه حول ما كانت تشعر به أثناء مراسم جنازة ريتشارد، ولكنها في تلك اللحظة تم ضربها بوحشية على منطقة الرأس قبل أن تستطيع التصريح بالمزيد مما كانت تشعر به، وهنا تعاني هيلين من صدمة كبيرة، وعلى أثر ذلك يتم الانتقال بها إلى مكان بعيد؛ وذلك من أجل الحفاظ على سلامتها، وفي أثناء ذلك كان قد استعد مورتون من أجل استجواب كل فرد وتوجيه الأسئلة لهم حول تحركاتهم في يوم وفاة كورا، وفي تلك اللحظة يفاجئ بوارو الجميع من خلال الكشف لهم أن القاتل هو الآنسة غيلي، حيث أنها كانت قد تعرفت على إحدى اللوحات التي تعود إلى الفنان الشهير الذي يدعى يوهانس فيرمير.
وقد كانت تلك اللوحة من بين المشتريات الأخيرة إلى كورا، إذ كانت تعتقد أنها فرصتها الأخيرة من أجل إعادة بناء المقهى الخاص بها، والذي فقدته جراء الحرب، حيث رسمت مشهدًا إلى رصيف كان مستوحى من أحد البطاقات البريدية الموجودة فوق لوحة فيرمير، وهنا قامت بوضع نوع من أنواع المهدئات في كأس الشاي إلى كورا؛ وذلك حتى تغط في سبات عميق، بينما غيلي قد تابعت دورها في مراسم الجنازة للسيد ريتشارد، ولم يتم رؤية أي من أفراد العائلة إلى كورا منذ أكثر من عقدين، مما جعل عملية الخداع أسهل بالنسبة لها، وبعد أن قامت بترك اقتراحات تقول فيها إلى أن هناك من قام بقتل ريتشارد، كانت قد قامت بقتل كورا في اليوم التالي؛ وذلك حتى تعتقد الشرطة أنها مرتبطة بوفاة ريتشارد، كما حاولت غيلي أن تنتحل شخصية كورا؛ ولكنها فشلت في ذلك الأمر، بالإضافة إلى أن هيلين كانت قد تعرضت للهجوم جراء إدراكها للخطة المحبكة، ولكن أشارت إلى أنه كان قد فات الأوان.