تُعد الرواية من الروايات التي صدرت عن الكاتب الأمريكي هرمان ملفيل، وقد تم العمل على إصدارها سنة 1924م، وفي ذلك الوقت كان الأديب متوفي، كما أنها اعتبرت من الروايات التي لم يتم وضع نهاية محددة لها، حيث تركت النهاية مفتوحة أمام القارئ، وقد أشار إليها النقاد والأدباء البريطانيون على أنها تحفة أدبية حين تم العمل على نشرها في مدينة لندن، كما لاقت استحساناً وانتشاراً واسعاً بين جموع القراء، وهذا ما دفع إلى تجسيدها إلى أفلام سينمائية عالمية، وقد أصبحت من أبرز الأعمال الأدبية في الأدب الأمريكي
رواية بيلي باد
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية حول الشخصية الرئيسية فيها وهو شخص يدعى بيلي، وقد كان بيلي من الأشخاص الذين يعملون في مجال البحرية، حيث أنه كان أحد البحار المجندين في الخدمة على متن إحدى السفن التي تشتهر باسم إتش إم إس بيلي، وفي أحد الأيام حينما أثقلت على كاهل البحرية الملكية البريطانية وهي ما كانت تتبع لها السفينة اثنتان من الثورات الكبيرات، وهذا الأمر جعلها مهددة بالخطر من قبل الاهتمامات العسكرية التي كانت مناطة بالثورة الفرنسية آنذاك، تم نقل بيلي من مكان عمله على تلك السفينة؛ وذلك من أجل الخدمة على إحدى السفن الحربية، كما تم نقله مرة أخرى من السفينة الحربية إلى سفينة تجارية أخرى.
وفي ذلك الوقت كان بيلي وهو في الحقيقة طفل لقيط من إحدى المدن التي تعرف باسم مدينة بريستول، يتميز بعيون ونظرات جميلة والتي كانت تشير إلى الطفولة والبراءة، كما كان الشخصية التي يتمتع بها شخصية بسيطة وحقيقية ويتصرف على طبيعته، وقد كان تلك الشخصية التي يتميز بها تجعله إنسان محبوب بين كافة أفراد طاقم السفينة، ولكن مع كل ذلك كان لديه أحد العيوب الجسدية وهيب اللعثمة، وعلى الرغم من أنه كان العيب الوحيد المتواجد فيه، إلا أنه كانت تلك اللعثمة تزداد سوءًا حين يتعرض بيلي إلى لحظات من القلق والتوتر والاضطراب، كما أنها كانت السبب في إثارة خصمه، وهو شخص واحد فقط، والذي بدوره كان المسؤول عن السفينة وهو ما يدعى جون كلاغارت.
وقد كان جون على الرغم من أنه ليس بإنسان قبيح الشكل، إلا أنه من الواضح كان يبدو أنه إنسان مختل عقلياً ويتمتع بمزاج متقلب ويدور في عدة اتجاهات، ويتم وصفه من قِبل العاملين على متن السفينة بأنه إنسان غير طبيعي، وأنه يتمتع بانحراف غير طبيعي كذلك، كان جون يضمر إلي بيلي العديد من المشاعر البغيضة، ومن أبرز تلك المشاعر هي الحسد؛ وقد كان السبب الرئيسي خلف ذلك يعود بشكل رئيسي إلى جمال الشخصية الواضحة التي يتمته بها بيلي، بالإضافة إلى براءته وشعبيته الواسعة، وفي ذلك الوقت كان يتم اعتبار الحسد أنه من أكثر وأسوأ الأمور المعيبة على مستوى العالم، حتى أنها كانت تفوق أن يقوم شخص بارتكاب جريمة نكراء.
ومن هنا كان جون يستغل هذا الأمر ويقوم بتلفيق العديد من التهم الباطلة لبيلي، وأكثر ما ركز على تهمة التآمر على الثورة، وحين سمع قبطان السفينة والذي يدعى إدوارد فايرفاكس بالتهم الموجهة إلى بيلي، ارسل في طلب كل من بيلي وجون إلى قمرته الخاصة؛ وذلك من أجل عقد اجتماع خاص لا يطلع عليه أي شخص، وفي ذلك الاجتماع أفصح جون عما بداخله، وحينما سمع بيلي كلامه أصيب بحالة من الدهشة والذهول والتوتر، مما أدخله في حالة التلعثم إلى أن عجز عن الرد والإجابة، وعلى إثر ما لفق إليه جون من تهم هجم بيلي عليه وقتله بشكل مباشر أمام القبطان؛ حيث أن بيلي قد شعر بخيبة شديدة من الأمل.
وعلى إثر ما حدث عزم القبطان على عقد محكمة عسكرية، وفي تلك المحكمة كان القبطان استدعى كل من يمثل دور رئيس المجلس والمدعي والدفاع والشاهد الوحيد كما قد استثنى بيلي، وفي تلك الجلسة دخل في العديد من المشاورات مع لجنة المحكمة العسكرية؛ وذلك من أجل إقناعهم إيقاع الحكم على بيلي، فعلى الرغم من إيمان الجميع ببراءته والإشادة بأخلاقه، إلى أن الأمر يتوجب ذلك، وهنا قال القبطان: في اللحظة التي تلت وفاة جون لقد قتل على يد ملاك من ملائكة الله! لكن لا بد من الحكم بالإعدام على ذلك الملاك، وهنا دعا القبطان اتباعه إلى خطاب الفعل الثوري وأطلق قوانين الحرب.
وعلى الرغم من الاستمرار في عدم تصديق القبطان وبقية الضباط المتواجدين على السفينة جميع الاتهامات التي ألقاها جون على بيلي وتآمره عليه، إلا أنهم برروا ردة فعل بيلي، كما أنهم مع كل ذلك كانوا لا يجدون أن لا فائدة ولا جدوى من تلك الآراء، وقد كان في ذلك الوقت ينص القانون المدني الساري المفعول أن الضربة فقط وقت الحرب سواء كانت قاتلة أم لا هي فقط ما تعتبر جريمة وعقوبتها الإعدام.
وقد أدانت المحكمة العسكرية بيلي إلى أنه بناء على التعاطف الذي ساد بسبب البراهين التي قدمها القبطان وبأنه من الممكن أن يؤدي ظهور أي تقصير من قبل الضباط وأي فشل في تطبيق العقوبة على بيلي، وأنه من المؤكد أنه سوف يؤدي إلى تفشي الثورة ضمن الأسطول التابع إلى دولة بريطانيا، ولهذا تم تطبيق الحكم عليه على الفور بالإعدام شنقًا حتى الموت، وقد كان ذلك في صباح اليوم التالي من قتله لجون، وقبل لحظات من إعدامه قال بيلي: ليبارك الرب القبطان فير!، وهنا أعاد وكرر الحضور كلماته بصوت عالي وصدى رنان يصدع في كافة الأرجاء؛ وذلك تعاطفاً معه.
وفي النهاية يتم التطرق للحديث عن الحادثة التي تعرض لها القبطان، إذ تمت إصابته بالعديد من الجروح المميتة في إحدى المهمات البحرية التي قام بها ضد إحدى السفن التي كانت تابعة للقوات الفرنسية، وعلى إثر تلك الجروح توفي القبطان، وقد كانت الكلمات الأخيرة التي تترد عل لسانه بيلي باد بيلي باد.
وآخر فصل في الرواية يتم من خلاله تقديم مقطعًا من إحدى المجلات الرسمية، والتي في ذلك الوقت ادعت أنها تقدم مجموعة من الحقائق التي يتطرقون بها إلى الحديث حول المصير الذي تلقاه كل من جون وبيلي على متن سفينة إتش إم إس بيلي بوتينت، لكن ما كان مفاجئ أن تلك الحقائق التي تم تقديمها قد تعارضت مع الحقائق التي كان يعلمها القارئ من خلال أحداث الرواية، حيث أن تلك المجلة قد وصفت باد باعتباره إنسان متآمرًا ثوريًا وأنه ينتمي إلى أصول أجنبية.
كما وصفت أن هناك كان حوادث غريبة واجهها جون، وأن بيلي طعن المسؤول عن السفينة والذي بدوره كان يطبق القانون بكل وفاء حتى توفي، وتختم المجلة مقالتها بدورها أن الجريمة والسلاح التي تم استخدامهم في الجريمة يعودان لرجل من أصول أجنبية وشخصية تخريبية، وكما ذكرت أن المتمرد تم إعدامه ولم يصب سفينة إتش إم إس بيلي بوتينت أي ضرر.