تعود روايتنا لهذا اليوم للكاتب البريطاني إيان ماك إيوان، وقد تطرق الكاتب للحديث عن قصة إحدى الفتيات في فترة الحرب العالمية الثانية والتي تقيم في مملكة بريطانيا العظمى، إذ شعرت بالندم جراء إلقاءها بتهمه على أحد الأشخاص الذين كان يُعتبر بمثابة فرد من أفراد العائلة، مما تسبب في تغيير مصير حياته، تابع معنا عزيزي القارئ قصة الرواية للنهاية لنرى ما حصل.
رواية تكفير
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية في تلك الفترة التي كانت مشتعلة بها الحرب العالمية الثانية، حيث أنه في تلك الفترة كان هناك فتى يدعى روبي، وهو ابن مربية المنزل التي تعمل لدى إحدى العائلات التي تعرف باسم عائلة آل تاليس، وفي ذلك الوقت كان السيد تاليس يقوم بتقديم الرعاية والاهتمام والإنفاق الكامل على كافة متطلباته الحياتية والتعليمية.
وإلى جانب روبي كان لدى السيد تاليس فتاتان اثنتان الفتاة الكبرى تدعى سيسيليا والتي بدورها كانت تدرس تخصص الأدب في إحدى الجامعات الشهيرة في بريطانيا وتعرف باسم جامعة كامبريدج، والابنة الصغرى كانت تدعى بيروني وتبلغ من العمر ثلاثة عشرة عامًا، وقد كانت بيروني من الأشخاص المشغوفين بالكتابة إلى حد كبير، بالإضافة إلى أنه كان لدى السيد تاليس فتى يدعى ليون.
وعلى إثر اشتعال الحرب لجأت عائلة السيد تاليس إلى جانب مربية المنزل إلى إحدى المزارع التي تعود ملكيتها لهم في المناطق الريفية الإنجليزية؛ وذلك من أجل الابتعاد عن الحرب، وبالإضافة إلى تلك العائلة كان هناك أبناء شقيق السيد تاليس يقيمون معهم في ذات المنزل وهم فتاتين توأمين الأولى فتاة تدعى بيروت والأخرى فتاة تدعى جاكسون وشقيقتهم التي تدعى لولا، وقد كانت لولا تبلغ من العمر ما يقارب خمسة عشر عامًا، وقد كان السبب الذي جعلهم يقيمون معهم سوياً هو تلك الظروف التي أحاطت بهم بسبب انفصال والديهم.
كان الفتى روبي يكن كم هائل من المشاعر لابنة السيد تاليس الكبرى سيسيليا، وهي بدورها كانت كذلك تكن له مشاعر مفعمة من الحب، وفي يوم من الأيام قرر السيد تاليس إرسال روبي إلى إحدى الدول الشهيرة من أجل دراسة تخصص الطب، وقد كان ذلك الأمر كما أشار السيد تاليس أنه بناءً على رغبة روبي، تسبب القرار في انفعال سيسيليا إلى حد كبير، وسرعان ما أدركت بأن ذلك القرار سوف يجعل روبي يتغيب عن منزل العائلة لمدة تقارب ست سنوات.
وفي تلك اللحظة كانت سيسيليا تحمل بين يديها أصيص من الزهور ذو قيمة عالية بالنسبة للعائلة ومن شدة انزعاجها من القرار انكسر ذلك الأصيص بينما كان كل من روبي وسيسيليا يقفان إلى جوار نافورة المياه، وهنا حينما أدركت سيسيليا أن ذلك الأصيص يعني الكثير للعائلة على الفور قامت بخلع بعض من ثيابها ونزلت إلى حوض النافورة؛ وذلك من أجل تقوم بجلب الجزء الذي انكسر من الأصيص وخرجت وهي مبللة تمامًا، في ذات اللحظة نظرت شقيقتها الصغرى بيروني من النافذة، وإذ بها ترى ذلك المنظر مما جعلها تعتقد أن هناك علاقة بين روبي وشقيقتها.
وفي وقت لاحق من ذلك اليوم حضر ابن العائلة ليون إلى المنزل، وقد كان برفقته أحد أصدقائه المقربين والذي يدعى بول مارشال، وقد كان بول هو صاحب أحد أشهر مصانع الشكولاتة، وفي المساء قام ليون بتوجيه دعوة إلى روبي من أجل أن يحضر مع العائلة مأدبة العشاء، وفي ذلك الوقت كان روبي يحاول أن يقوم بكتابة رسالة لسيسيليا يعتذر بها إليها عن قراره على السفر من أجل استكمال دراسته.
وفي بداية كتابته للرسالة كان يعبث بالآلة الكاتبة وقام بكتابة بعض الكلمات الجريئة، وقد كان ذلك من باب اللعب بأصابع يديه على الآلة الكاتبة، ولكن في الحقيقة لم ينوي على الاطلاق إرسالها إليها، ثم بعد لحظات قام بكتابة رسالة أخرى من أجل الاعتذار لها، ولكن ما حدث كان فظيع، حيث أن حين انتهى روبي من استبدال ثيابه ألتقط الرسالة الخاطئة ووضعها في الظرف، ثم قام بإعطائها إلى بيروني من أجل أن تسلمها وتوصلها إلى سيسيليا.
ولكن جراء الشكوك في وجود علاقة بين شقيقتها وروبي قامت بفتح الرسالة وقراءتها، وهذا الأمر قد أكد لها شكوكها وزادها، وعند المساء حينما حضر روبي إلى منزلهم أول ما وصل شاهدته بيروني إلى جانب شقيقتها سيسيليا في حجر المكتب، فازداد حقدها نحوه، وفي ذات الليلة شرع التوأمان ابنتا شقيق السيد تاليس في الهروب من المنزل، وعلى الفور توجه الجميع من أجل البحث عنهم في كل مكان، ولكن ما حدث في تلك الأثناء في حديقة المنزل وتحت الظلام الدامس هو أنه قام أحدهم بالاعتداء على الفتاة لولا، وحينما عثر على التوأمان شهدت بيروني أمام الجميع أن من اعتدى على لولا هو روبي، كما أشارت إلى أنها شاهدت ذلك بأم عينها.
وعلى إثر ذلك الاتهام تم تسليم روبي إلى مركز الشرطة وزجه في السجن، ومن هناك تم إرساله من أجل الالتحاق بالجيش إلى جبهات القتال في دولة فرنسا، ومنذ ذلك الوقت وقد مر ما يقارب على الثلاثة أعوام ونصف، وخلال تلك الفترة أصبحت سيسيليا تعمل كممرضة في واحد من المستشفيات التابعة إلى القوات الحربية، وفي يوم من الأيام قابلت روبي، والذي كان في تلك الفترة لا يزال مستاء من تصرف عائلتها معه بعد طول تلك الفترة التي عاشها معهم، ولكن أول ما رآها تناسى كامل ما حصل وتحسنت علاقتهما من جديد، وفي ذلك اللقاء أخبرته أنها سوف تنتظره، كما طلبت منه أن يعود إلى منزل عائلتها من جديد، بالإضافة إلى أنها قدمت له كرت هدية عليه صورة منزل على الشاطئ والذي أشارت إلى أنه تتمنى أن يكون منزلهما.
وفي ذلك الوقت كانت بيروني قد بلغت الثامنة عشرة من عمرها، ولكنها لم تلتحق بأي جامعة وتكمل تعليمها، بل اختارت أن تنظم إلى الممرضات للعمل في المستشفى العسكري؛ وقد كان ما دفعها لاختيار ذلك هو أنها اعتقدت أنها سوف تلتقي بروبي، وخلال فترة عملها في ذلك المستشفى كانت قد أخبرت إحدى صديقاتها أنها وقعت في حب روبي منذ صغرها، وفي يوم من الأيام بحث بيروني عن عنوان شقيقتها سيسيليا وقد أسلت لها رسالة طلبت منها بها أن تسامحها وتسمح لها بزيارتها، وفي تلك الأثناء كان يعاني روبي على جبهة القتال التابعة إلى مدينة دونكيرك إلى جانب زملائه على الجبهة، وبقي على هذا الحال إلى أن جاء ذلك اليوم الذي وصل به إلى الشاطئ بانتظار الإجلاء وقد كان يحمل بين يديه الكرت الذي قدمته له سيسيليا كهدية.
وفي أحد الأيام بعد أن حضرت بيروني زواج شقيقتها لولا من السيد بول مارشال صاحب مصنع الشكولاتة توجت نحو منزل شقيقتها سيسيليا، وهناك وجدت روبي وقد علمت أنهما تزوجا، ولكنهما ما زالا يشعران بالغضب من جراء تصرفها وشهادتها الزور عليه في السابق، وهنا أخبرتهم بيروني أنها سوف تعترف أمام الجميع أن روبي بريء من كل ما اتهم به، وأن في الحقيقة بول هو من اعتدى على لولا.
ومن هنا انتقل الكاتب بالأحداث تنتقل إلى حقبة التسعينيات، حيث أنه في ذلك الوقت أصبحت بيروني كاتبة شهيرة في العديد من البلدان العالمية، وفي إحدى المقابلات التليفزيونية، خصت إحدى روايتها الأخيرة والتي أطلقتها تحت عنوان تكفير، وقد أخبرت المؤسسة الناشرة أنها كتبت الأحداث الحقيقية دون أن تحدث أي تغير في الأسماء؛ وذلك لأنها تشعر أنها على مقربة من الموت، وتريد أن تعوض شقيقتها سيسيليا وروبي عن تفريقها بينهم.