أجاثا كريستي من أهم الرائدات في الأدب البريطاني، اتسعت أعمالها الأدبية حتى وصلت إلى العالم أجمع، ومن أهم الروايات التي حققت شهرة واسعة حول العالم ونسبة مبيعات عالية هي رواية جريمة في بلاد الرافدين، حيث جسدت إلى العديد من الأفلام السينمائية العالمية، وقد تمت ترجمتها إلى الغالبية العظمى من اللغات العالمية ومن ضمنها اللغة العربية.
رواية جريمة في بلاد الرافدين
في البداية تدور وقائع وأحداث الرواية حول إحدى الشخصيات الرئيسية في الرواية وهي سيدة تدعى لويز، حيث أنه في فترة من الفترات كانت قد أصيبت لويز بوعكة صحية، وعلى أثر ذلك قام زوجها والذي يدعى إيريك وهو عالم في الآثار تعود أصوله إلى دولة السويد بتعيين ممرضة خاصة لها وتدعى ايمي، إذ تم تعيينها من أجل تقديم العناية والرعاية الكاملة إلى لويز، وقد كان العالِم متزوج من لويز منذ ما يقارب العامين، وفي تلك الفترة كانا يقيمان في دولة العراق، التي كانت آنذاك تحت الحماية البريطانية.
ولم يكن ذلك الزواج الأول للويز، حيث تزوجت لويز للمرة الأولى أثناء الحرب العالمية الأولى قبل ما يقارب الخامسة عشر عاماً من رجل تعود جذوره إلى دولة ألمانيا ويدعى اسمه فريدريك، وقد كان في ذلك الوقت يعمل في الوزارة الخارجية الأمريكية، لكنه كان في الحقيقة مجرد جاسوس يعمل لصالح دولة ألمانيا، وحين تم اكتشافه تم إلقاء القبض عليه وإصدار حكم بحقه بالإعدام، إلا أنه تمكن من الفرار، ولكنه سرعان ما تعرض إلى حادثة قطار وتوفي على أثرها، وقد تم العثور على جثته والتعرف على هويته، وطوال تلك الفترة كانت لويز يوصل إليها مجموعة من الرسائل مجهولة المصدر، وتلك الرسائل تتضمن تهديدات لها ولحياتها، كانت تعتقد أنها من زوجها الأول، مما جعلها تدخل في حالة من الاضطراب والتوتر، لكن تلك الرسائل كانت قد توقفت عن الوصول إليها فور زواجها من عالم الآثار.
وبعد مرور ما يقارب أسبوع من وصول الممرضة عثر العالِم على زوجته متوفيه في غرفتها، وقد تبين إلى أنه تم ضربها على منطقة الرأس باستخدام أداة مجهولة الشكل والنوع، كما أنه لم يتم العثور على أي أداة في الغرفة، وفي تلك اللحظة جاء كابتن يدعى ميالان وقام باستجواب كافة الموجودين أثناء وقوع الجريمة، كما حضر الطبيب الذي يدعى راليي وقام بمعاينة الجثة وتحديد الوقت الذي حصلت به الوفاة.
في ذلك الوقت يكون رجل يدعى بوارو متوجه في رحلة إلى العراق، وهو من الرجال المتخصصين في مجال التحقيق في الجرائم، ولهذا طلب منه صديقه المقرب الطبيب راليي المساعدة في حل لغز تلك الجريمة، وأول من تم استجوابه فتاة تدعى جونسون، إذ صرحت أنها قد سمعت صراخ بصوت عالي جداً قبل الوفاة، لكن أشار الكابتن إلى أن نافذة غرفة السيدة وبابها كانا مغلقين بإحكام، وقد استنتج أنه من غير الممكن سماع أي صوت يصدر من غرفتها، يستأنف الفريق عمله في البحث والتحري حول الجريمة، بينما العالِم كان في ذلك الوقت تولى أمور مراسيم جنازة والدفن، وهنا بدأت عناصر الشرطة المحلية في الشروع في العمل مع بوارو، ولا تشير التقارير الأولية إلى أن هناك أي متهم من المحتمل أن يكون قد قام بارتكاب الجريمة.
وعند تم انتقال الممرضة إلى بيت الطبيب راليي للتصريح ببعض المعلومات أشارت إلى بوارو حول قصة الزواج الأول للسيدة، وقد أشارت إلى أنه كان لزوجها الأول شقيق أصغر منه، ولكنها لم تشاهده منذ ما يقارب على الخامسة عشر عاماً، وهنا بدأت الشكوك تثور داخل بوارو في أنه من المحتمل أن يكون هناك أحد الأعضاء في فريق التنقيب أن يكون هو ذاته ذلك الشقيق الأصغر إلى زوج السيدة الأول، كما أنه من المحتمل أن تلك الجثة التي تم إيجادها في السابق لا تعود إلى زوجها الأول في الحقيقة، وعلى أثر ذلك أخبر المحقق الممرضة أن رجوعها إلى المنزل الذي تمت به جريمة القتل قد تكون فيه تهديد وخطورة على حياتها، إلا أنها رغم ذلك تعود؛ وذلك تلبية لرغبتها في حضور الجنازة.
وبعد الانتهاء من مراسم الجنازة كانت الآنسة جونسون والممرضة على سطح المنزل، وفي تلك اللحظة أشارت جونسون أن لديها فكرة حول كيفية من الممكن دخول شخص إلى الغرفة دون أن يشاهده أحد، لكنها لم تصرح بالمزيد من المعلومات حول الفكرة التي راودتها في ذهنها، وفي ذات الليلة يتم العثور على جونسون مقتولة في فراشها؛ وذلك بعد أن تم تناولها مياه مسمومة، لكن قبل وفاتها كانت تكرر كلمة النافذة النافذة.
وحينما قدمت الممرضة إليها بينما كانت تحتضر قبل وفاتها ظنت أن تلك الكلمة كانت تشير بها جونسون أن هناك شخصاً ما دخل عبر النافذة وقام بتسميم مائها، وهنا أصبح المحقق في تلك اللحظة ينتظر حل جريمتين من القتل، وأول ما وقع في ذهنه أن الدافع لارتكابهما كلتا الجريمتان كان دافعاً شخصياً، ولهذا توجب عليه أن يقوم بتحليل شخصية السيدة لويز ليتمكن من العثور على القاتل، وأخيراً نجح المحقق في التوصل إلى حل لغز الجريمتين، لكنه لم يتوصل إلى أي دليل يدين المجرم.
وفي نهاية التحقيقات والتحريات قدم المحقق النتائج التي تم التوصل إليها إلى فريق التنقيب في البيت، وقال أن لويز وجونسون تم قتلهما على يد أحد من طرف العالِم، الذي هو في الحقيقة كان هو ذاته فريدريك الزوج الأول، حيث أنه في السابق كان قد نجا من حادثة تحطم القطار، لكن عالم الآثار السويدي لم ينجو، لكن على أثر تلك الحادثة كان قد أصيب بتشوهات في وجهه مما جعله من الصعب التعرف على هويته، لذلك سرعان ما وضع بطاقة هويته في جيب العالِم؛ وذلك من أجل أن يوهم الجميع أنه توفي، وفي ذلك الحين قام هو بانتحال هويته، وقد كان هو ذاته من قام بإرسال تلك الرسائل إلى زوجته؛ وذلك من أجل منعها من الدخول في علاقة مع أي رجل آخر بعده.
وبعد مضي ما يقارب الخامسة عشر عاماً نجح في إعادة الزواج منها باستخدام هوية جديدة، ولم يتمكن من التعرف عليه بعد كل هذا الوقت، حيث أنه لاحظ أن زوجته قد وقعت في حب رجل يدعى ريتشارد، وهو أحد أصدقائه المقربين؛ ولذلك عزم على قتلها، إذ صرح أنه إن لم تكن له وحده، فلن تكون لأي رجل غيره، ثم بعد ذلك عزم على قتل الانسة جونسون، من خلال وضع السم لها في الماء؛ وذلك من أجل أن يبدو الأمر أنه حالة انتحار شخصي، بالإضافة إلى أنها تمكنت في ذلك اليوم أثناء وقوفها على السطح من أن تتعرف على الطريقة التي قام بها قتل زوجته.
إذ حينما سمعت ضجة وصراخ شاهدت قناع يطل من نافذتها، وحينما قامت بفتح النافذة، كان ذلك القناع هو عبارة عن إحدى القطع الأثرية الثقيلة، والتي كانت مشدودة بخيط من قبل زوجها الذي كان في ذلك الوقت على السطح، حيث قام برفعه قليلاً ثم تركه يهوي على رأس زوجته، وفي تلك اللحظة صرخت لويز، وقد كان ذلك أصل الصرخة التي سمعتها جونسون، وهنا عاد بسرعة إلى الغرفة، وسرعان ما قام بإبعاد الجثة عن النافذة وإغلاقها بإحكام والتظاهر بالصدمة جراء عثوره على زوجته متوفيه.