يُعتبر الأديب كورت فونيجت جونيور من أكثر الكُتاب الذين برزوا وأبدعوا في تأليف الروايات التي تجسد فيها أسلوب الخيال العلمي، حيث أنه كانت مؤلفاته تتضمن الحديث حول قضايا المعرفة والإرادة، وهذا ما جعلها تلقى صدى واسع حال صدورها، ومن أكثر الروايات التي حققت نسبة مبيعات عالية حال صدورها هي حوريات تيتان، والتي تم تجسيدها إلى العديد من الأفلام السينمائية العالمية، كما وترجمت إلى الغالبية العظمى من اللغات العالمية، وقد تم العمل على إصدارها سنة 1959م.
رواية حوريات تيتان
في البداية تدور وقائع وأحداث الرواية حول الشخصية الرئيسة فيها وهو رجل يدعى مالاكي، إذ يُعتبر في ذلك الوقت من أثرى وأغنى الرجال في أمريكا المستقبلية، حيث أنه كان يتميز بأنه يلازمه الحظ الجيد في أي خطوة يخطيها، وقد كان في كثير من الأحيان ينسب هذا الحظ إلى النعمة السماوية عليه بالإضافة إلى استخدامه الجيد لثروة والده وحسن الإدارة في استثمار المشاريع للزيادة من تلك الثروة.
وبناءً على الإنجازات التي قام بها مالاكي أصبح مع مرور الوقت محور إحدى الرحلات التي انتقل بها من كوكب الأرض إلى كوكب المريخ؛ وقد كان السبب الذي دفعه إلى ذلك هو التهيؤ والاستعداد الكامل من أجل الحرب التي سوق تقام بين الكواكب، ثم بعد ذلك توجه إلى كوكب عطارد، ولكن في رحلته إلى عطارد كان برفقته أحد الأشخاص الذين يقيمون على كوكب المريخ، وهو من الأشخاص الذين نجوا من تلك الحرب، وبعد الانتهاء من رحلته والتعرف على جميع ما يكمن في تلك الكواكب عاد من جديد إلى كوكب الأرض، ومنذ وصوله تم الاشهار به أنه لم يعد راضي عن غطرسته، ثم بعد ذلك توجه إلى مدينة عرفت باسم تيتان؛ إذ أراد من تلك المدينة أن يلتقي مع رجل يدعى وينستون نايلز، والذي كان مسؤول بشكل ظاهري عن التحول الذي حدث معه والأحداث التي حلت به.
وفي ذلك الوقت كان وينستون قد جاء من مدينة نيو إنجلاند، وقد كان كذلك رجل ثري جداً، وقد كانت ثروته الخاصة كبيرة تكفي من أجل القيام بناء وتأسيس مركبة فضائية شخصية خاصة به، كما أصبح في ذلك الوقت مستكشف مشهور إلى الفضاء، وأثناء تنقله بين الأرض والمريخ دخلت سفينته، والتي كان على متنها تحمله وتحمل كلبه الخاص الذي يطلق عليه اسم كازاك، في إحدى الظواهر التي تُعرف باسم مخروط التساوق الزمني، والتي قد أشار إليها الكاتب بكلمة (تلك الأماكن).
إذ رأى أن ذلك المصطلح يتوافق مع جميع أنواع الحقائق المختلفة سوياً، وحينما دخلوا إلى ذلك المخروط أصبح وينستون وكلبه عبارة عن ظواهر موجية، ويُعني بذلك أن جسم كل واحد منهم أصبح عبارة عن حزمة موجية تصف حركته، وهي تشبه إلى حد ما موجات الاحتمال والتي بدورها كانت تصادفه عند التعامل مع النظريات الفيزيائية، وقد كانت تتواجد على شكل حلزون يمتد من كوكب الشمس إلى النجم العاشر والأكبر سطوعاً ويعرف باسم النجم منكب الجوزاء، أو ما يطلق عليه أحياناً يد الجوزاء، وحينما يتقاطع كوكب مثل الأرض مع الحلزون، يتجسد وينستون وكلبه لفترة مؤقته على هذا الكوكب بشيء يشبه أجسام مادية.
وحينما دخل وينستون مخروط التساوق الزمني، أصبح قد أدرك بشكل واضح للماضي والمستقبل، وبقي طوال سير الأحداث في الرواية، يتنبأ بحصول أحداث ووقائع لم يكن قد كذب بها أبداً، إذ بدت جميع الأمور كما تنبأ بها، فقد كانت كافة ما يتوقعه قد يحدث بالفعل على أرض الواقع، وفي أحد الأيام عاد إلى حالته السابقة، ومن هنا عزم وينستون على إنشاء كنيسة أطلق عليها كنيسة الله المحايدة على الأرض؛ وقد كان غايته من إنشاء تلك الكنيسة هو توحيد كوكب الأرض بعد أن تعرض إلى الغزو المريخي.
قام وينستون بالتجسد ماديًا على مجموعة من الكواكب المختلفة، وقد حرض على الغزو المريخي، والذي بدوره كان قد تم التخطيط له من أجل أن يتم إخفاقه بصورة مذهلة على القمر الذي يطلق عليه اسم تيتان، وقد كان ذلك المكان الوحيد الذي يمكن لوينستون أن يتواجد فيه بصورة دائمة على هيثة إنسان بشري، كما أصبح وينستون صديق مقرب من أحد المسافرين الذين قدموا من كوكب ترالفامادور، وقد كان ذلك العالم الذي تم وصفه هو مجرد عالم تخيلي تم ذكره في العديد من الروايات العالمية، وفي النهاية انتهى المشهد الأخير بينما كان وينستون يبحث عن مركب معدني صغير؛ وذلك من أجل إصلاح مركبته الفضائية التي كانت متعطلة في ذلك الوقت.