الرواية التي كتبت تحت عنوان (دون كيشوت)، أو أحياناً كان يُطلق عليها عنوان (دون كيخوته)، هي من أهم الروايات التي صنفت ضمن الكلاسيكيات التي كتبت في الأدب الإسباني، فقد صدرت عن المؤلف والكاتب من أصول إسبانية (ميجيل دي ثيربانتس سابيدرا)، حيث تم نشرها بشكل مجزئ، فقد قسمت إلى جزئين، وذلك ما بين عامي 1605م و1615م، فالكاتب ميجيل دي ثيربانتس يُعتبر من أهم الكُتاب الذين اشتهروا في كتابة الأدب الإسباني، وهو من مواليد دولة إسبانيا سنة 1547م، وكما تم تكريمه عدة مرات في إسبانيا من خلال العمل على وضع صورته على إحدى العملات الإسبانية الحديثة في تلك الفترة.
أحداث الرواية
تناولت الرواية الحديث عن أحد الأشخاص الإسبان الذين اتصفوا بالنبل يدعى (ألونسو كيخاتو)، وإذ كان يقيم في أحد الأقاليم لمدينة لا مانتشا، خلال القرن السادس عشر، كان قد قارب على الخمسين من العمر، فهو لم يتزوج على الإطلاق، بل عاش عازباً وبمفرده، ولكن ما كان يملأ عليه كامل وقته هي القراءة، فقد كان يعشق مطالعة الكتب التي تختص بالفروسية، كما كان يتعمق في القراءة بشكل كبير؛ وذلك إلى الحد الذي يوصل به إلى درجة أنه لا يتفرغ للأكل، ولا يتذكر أن ينبغي أن يأخذ قسطاً من الراحة في النوم، مما أودى به إلى فقدان عقله في نهاية الأمر، فأخذ يفكر في طريقة العيش كالفرسان الذين كان يقرأ عنهم في كتب الفروسية.
إذ عمل على إحضار درع قديم ومهتري فتسلح به بالإضافة إلى خوذة بالية، وأخذ في ركوب حصانه الضعيف والهزيل والمسمى روسينانتي، وأطلق على نفسه مسمى دون كيشوت، ويسير بسرعة كبيرة بين الحقول والمزارع، وهنا ذهب به الخيال إلى مشاهدة بيوت الناس المتواضعة والضعفاء على أنها قلاع وقصور فائقة الجمال.
وأول ما قام بالبحث عن الناس الضعفاء والفقراء والمساكين؛ وذلك من أجل تقديم المساعدة والمعونة لهم، إذ أراد بذلك أن يتشبه بالفرسان الذين ظهروا له في الكتب، وعلاوة على ذلك قام باصطحاب أحد جيرانه (سانشو بانثا)، والذي يعمل كمزارع في أحد المزارع، وهو من الأشخاص الذين يمتلكون البنية القوية، على العكس تماماً من بنية دون الهزيلة.
وخلال قيام دون كيشوت، بالعديد من الجولات والرحلات، تخيل أنه قام بمقاتلة مجموعة كبيرة من العظماء حسب معتقداته، بينما كان هؤلاء العظماء في الحقيقة، ما هي إلا مجرد طواحين الهواء، ولكن مساحة خياله الواسعة والكبيرة، كانت تخيل له أنّ أذرع تلك الطواحين، ما هي إلا أذرع أشخاص عمالة ضخمين وبمثابة شياطين، وأنّ تلك الأذرع هي الأساس للشر الذي يتواجد بكثرة في هذه الحياة، ولكن تلك الأذرع قد همت به ورفعته إلى مكان عالي، ثم هوت به على الأرض، مما أدى إلى إحداث رضوض في عظامه.
ذات مرة وبينما هو يكمل مسيره، رأى قطيع من الأغنام، فجاء بمخيلته أنه عبارة عن جيش كبير، فملأ المكان من حوله ضجيج وغبار، حيث تسبب دون كيشوت جراء فعله هذا، في مقتل عدد لا بأس به من الأغنام، مما جعل الرعاة ينهالون عليه بالضرب والرمي بالأحجار، حتى أودى بنفسه إلى فقدان البعض من أسنانه، وبعد خوض دون كيشوت بالكثير من المعارك الوهمية الأخرى، قام سكان القرية بأخذ قرار وجوب القبض عليه، والعمل بشتى الطرق لإعادته إلى قريته ضمن قفص؛ وذلك حتى لا يقوم بالمزيد من الكوارث والمصائب.
وفي الجزء الثاني من الرواية، أصبح دون كيشوت من الأشخاص الذين فاع صيتهم واشتهروا بين كافة الناس، فقد سمعوا عن ادعاءه أنه فارس ماهر يجيد الفروسية، ومن بين هؤلاء الناس دوق ودوقه، فقد كان موضوع دون كيشوت يثير بينهم الفكاهة والسخرية، فطلبوا من بعض الناس أن يقوموا بإحضاره بأي طريقه، وحينما جاؤوا به، طلبوا منه العثور على أحد الفتيات تدعى دولسينيا، إذ يقوم بإقناع صديقه سانشو بالبحث عن تلك الفتاة، حينها قام سانشو بإحضار ثلاثة فتيات، حيث أخبرهم أنهن الفتاة دولسينيا ووصيفاتها، وأنّ المظهر الخارجي الهزيل للفتيات، هو ما يعود سببه في تعرضهن لنوع من أنواع السحر.
استمر الدوق والدوقة في الضحك السخرية منهما، وقامت بإخبارهم بأن الطريقة الوحيدة لف كذلك السحر، هو عن طريق القيام بضرب سانشو ثلاثة آلاف ومائة جلده، فيقاوم بالطبع هذا الأمر، وبعد مجموعة من المغامرات الزائفة الأخرى بدأ دون كيشوت في استعادة بعض من عقله شيئاً فشيئاً وعاد إلى قريته.
وفي ذلك الوقت أصيب دون بمرض، السبب الذي جعله يعود لرشده، حاول صديقه سانشو أن يذكره ببطولاته القديمة، حينها قام ألونسو كيخاتو بتقديم الاعتذار لرفيقه عن الأضرار التي تسبب بها له، فمات ألونسو كيخاتو تاركاً خلفه وصيه يقول فيها، أنّ ابنة أخيه سوف يتم حرمها من الإرث، في حال قامت بالزواج من رجل يقوم بقراءة كتب عن الفروسية والتأثر بها.