رواية رسائل من تحت الأرض

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر هذه الرواية من الأعمال الأدبية الصادرة عن الأديب والفيلسوف فيودور دستويفسكي، وقد تم نشرها عام 1864م، تناولت في مضمونها الحديث حول رجل غامض كان يعاني من الألم بسبب المجتمع الذي يعيش فيه والأشخاص الذين يتعامل معهم، ولكن في النهاية تعرف على فتاة جعلته يغير تلك النظرة عن المجتمع، على الرغم من أنها قطعت علاقتها معه.

الشخصيات

  • الراوي
  • الفتاة ليزا
  • الضابط
  • زفيركوف
  • سيمونوف

رواية رسائل من تحت الأرض

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية في دولة روسيا، حيث أنه في يوم من الأيام في إحدى المدن كان يعيش أحد الرجال الغامضين في قبو تحت الأرض ولكن جزء منه يطلع على الشارع، وهذا الرجل الغامض كان لديه حالة من الهوس بأحد ضباط الشرطة، إذ كان ضابط الشرطة هذا قد قام بإهانته في يوم من الأيام في أحد المقاهي أمام مجموعة كبيرة من الأشخاص، وذلك الضابط في الكثير من الأحيان كان يمر من ذلك الحي الذي يقع به قبو الرجل الغامض.

وعلى ما يبدو أن الرجل الغامض كان يراقب الضابط دون أن يلاحظ الضابط وجوده، وفي كل مرة كان يرى بها الضابط يفكر في أفضل طريقة يمكنه الانتقام بها منه، وفي يوم من الأيام قام باقتراض مبلغ من المال من أحد أصدقائه وبهذا المال اشترى معطف باهض الثمن، وأول ما ارتداه خرج إلى الشارع في تلك اللحظة الذي لاحظ بها اقتراب الضابط منه، وحينها سار باتجاه الضابط واصطدم به عن قصد؛ وذلك حتى يراه الضابط بذلك المعطف أنه من طبقة رفيعة المستوى، ولكن ما تسبب بدهشة الرجل الغامض هو أن الضابط لم يعطي أي اهتمام لذلك الاصطدام ولا حتى أنه التفت نحوه.

ومنذ ذلك اليوم رأى الرجل الغامض أنه من الأفضل له أن يتأنى ويفكر في طريقة مضنية توقع بذلك الضابط، وخلال تلك الفترة كان في أحدى الأمسيات هناك دعوة تلقاها الرجل الغامض لحضور حفلة عشاء مع مجموعة من أصدقاء المدرسة القدامى، ومناسبة تلك الحفلة هي توديع صديقهم ويدعى زفيركوف، إذ أنه سوف ينتقل إلى خارج المدينة، وهؤلاء الأصدقاء كان الرجل الغامض يكن لهم الكره منذ أن كان معهم في المدرسة، ولكن أراد أن يلتقي بهم بعد زيارة عشوائية قام بها أحد أصدقائه ويدعى سيمونوف له، حينها قرر مقابلتهم في الموقع المحدد.

ولكن في لحظة من اللحظات أجلوا الصدقاء موعد العشاء من الساعة الخامسة ليصبح الساعة السادسة، ولكنهم لم يتمكنوا من إبلاغ الرجل الغامض بالموعد الجديد، لذلك وصل مبكرًا لحفل العشاء، وبعد أن وصل بفترة ووصل جزء من هؤلاء الأصدقاء وهم ما كان عددهم أربعة دخل معهم بحوار انتهى إلى جدال معهم جميعهم بعد فترة وجيزة، وعلى إثر ذلك الجدال أعلن أمامهم أنه لا يكن إلى المجتمع سوى الكراهية بسبب الأشخاص الذين مثلهم وشبههم بالضابط، فيتركونه ويتوجهون إلى أحد المقاهي في المدينة.

ومن شدة غضبه منهم على إثر استثنائه من الذهاب معهم قام بتتبعهم، وأشار إلى أنه حينما يصل إليهم سوف يودع صديقه زفيركوف وينفصل عنهم للأبد، وأول ما وصل إلى المقهى رأى أن كل واحد من أصدقائه قد تعرف على الفتاة، ومن أجل أن لا يشعر بالنقص عنهم تعرف هو كذلك على فتاة وتدعى ليزا.

وبعد أن تناول معها بعض الحديث سارا للتجول في الحدائق، ومن أول ما سارا والطريقة التي يتحدث بها الرجل الغامض هي انتقادات لاذعه للحياة التي تعيشها ليزا، وأخذ يصور له كيف سوف تصبح في المستقبل، وفي كل مرة يوضح أنها سوف تصبح فتاة عديمة الفائدة في المجتمع، في البداية لم تتأثر ليزا بكلامه فالأحلام والطموحات تطغو وتسيطر على تفكيرها، ولكن بعد تحديه لأحلامها الفردية، أدركت في النهاية محنة حياتها وأنها في الحقيقة مع الوقت سوف تصبح فتاة عديمة الفائدة بشكل تدريجي كما أنها سوف تنزل أكثر فأكثر من عيون الناس وسوف يتناسونها حينما تصبح أكبر عمراً.

وأنه مع ازدياد عمرها وهي غير محققه أي هدف في الحياة لا يعد أحد بحاجتها في المستقبل، وإن التفكير في موت مثل هذا الموت الفظيع يجعلها تدرك موقفها تجاه حياتها الحالية، ولم يمضي الكثير من الوقت حتى وجدت نفسها مفتونة بإدراك ذلك الرجل الغامض والذي أثر على طبيعة تفكيرها، كما أنه أوضح لها كيف أن هناك من البشر يمتلكون طبيعة مدمرة سوف تقضي على المجتمع بأكمله في يوم من الأيام، وفي لحظة ما قدم لها على ورقة عنوان القبو الذي يقيم به ومن ثم غادر.

وبينما كان يسير في الطريق نحو ذلك القبو الذي يقيم به كان يقطنه الخوف في أن ليزا ليس من الممكن أن تأتي لزيارته، ولكن ذلك الخوف تبدد تماماً في اليوم التالي حينما وجد ليزا أمام منزله، ولكن من شدة إحراجه من المكان الذي يقيم به حصلت بينه وبينها مشادة كلامية، وكرر لها كل الكلام المحبط الذي تحدث به إليها في الليلة السابقة.

وفي نهاية كلامه انهمرت دموعه وأخبرها أنه في الحقيقة كان يسعى فقط للسيطرة عليها رغبة منه في إذلالها، ويبدأ في انتقاد نفسه ويقول إنه في الواقع مرعوب من فقره وإحراجه من الوضع البائس الذي يعيش به، وهنا أدركت ليزا كم هو مثير للشفقة وتحتضنه بحنان، فصرخ الرجل الغامض بأعلى صوته وقال: إنهم لم يسمحوا لي أن أكون إنسان جيد.

وبعد كل ذلك استمر الرجل الغامض في التصرف بشكل رهيب تجاهها، وقبل مغادرتها وضع ورقة بخمسة روبل في يدها، ولكنها ألقتها على الطاولة، حاول الإمساك بها وهي تخرج إلى الشارع، لكنها غادرت ولم تعد، ومنذ ذلك اليوم لم يتمكن من العثور عليها ولا حتى سمع عنها شيئاً، وفي كل يوم كان يحاول أن يوقف الألم على فراقها في قلبه عن طريق تخيلها أمامه.

وفي النهاية توصل إلى أن حقده تجاه كافة أفراد المجتمع وعدم قدرته على التصرف بأي أمر لا يجعله أفضل من أولئك الذين يفترض أنه يحتقرهم، وأخيراً أشار إلى أنه من الأفضل بدل أن يضيع وقته في الحقد والكراهية على المجتمع، بأن يسعى إلى التغير بدل من التفكير بالانتقام، وأن الألم الذي اعتصر قلبه هو في الحقيقة ما أعمى على بصره ولم يجعله يرى الجانب المضيء من الحياة.

العبرة من الرواية هي أن هناك العديد من المجتمعات التي تسبب المعاناة والألم للإنسان، ولكن الإنسان في الواقع هو بحاجة إلى أمور تجعله سعيد، ولا جدال حول أن الألم والمعاناة من الأشخاص أو من المجتمع هو في الحقيقة يسلب حرية الإنسان.


شارك المقالة: