تناولت هذه الرواية في مضمونها الحديث حول أحد الفتية الذي نام واستيقظ ليجد نفسه فجأة في مكان غريب دون أن يعلم كيف وصل إلى ذلك المكان، كما أن اكتشف أنه فاقد للذاكرة فهو لا يعلم شيئاً عن نفسه، وفي النهاية توصل إلى أنه ومجموعة من الفتية كانوا محض تجارب لأحد مراكز البحوث والتي تحاول إنقاذ البشرية بعد أن تم تدمير العالم، وقد كانت تلك الرواية صادرة عن الأديب الأمريكي جيمس داشنر، وتم تجسيدها في أحد الأفلام السينمائية في عام 2014م.
رواية عداء المتاهة
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أنه في يوم من الأيام وفي إحدى الولايات كان هنا شاب يدعى توماس، إذ أن ذلك الشاب لم يكن واعي أو مدرك لما حدث معه، فبشكل مفاجئ بعد أن خلد للنوم ذات ليلة استيقظ ليجد نفسه داخل أحد المصاعد.
وفي تلك اللحظة لم يكن يعلم بما حصل معه! وكيف جاء إلى ذلك المصعد ووضعه داخله وقد كانت تلك اللحظات هي من أصعب اللحظات في حياته، حيث أنه كان في حالة يرثى لها، إذ يقوم بالتقاط آخر أنفاسه بصعوبة بالغة، فيبدو وكأنه خرج للتو من مياه البحر كغريق يحتضر، وهنا لم يكن يشعر بأي شيء على الإطلاق سوى خوف ورعب يقطنان داخله واستغراب ودهشة من الحال التي هو بها، وقد ظهر هناك تشويش في تفكيره جعله لم يعرف أن ينطق بأي كلمة للحظات.
وبعد لحظات قليلة تحرك به المصعد بشكل مفاجئ إلى أعلى، إذ توجه به إلى طريق ومكان أكثر غرابة ودهشة، وفي كل لحظة تمر بتوماس كان يتساءل في نفسه ماذا يحدث معه، إلا أنه لم يلقى أي إجابة تساعده في إدراك الوضع الذي هو به، وبعد ثواني قليلة فتح باب المصعد ليشعر بالفزع من هول ما رأى، فقد وجد نفسه أمام مجموعة من الفتية، وهؤلاء الفتية كانوا في أعمار متقاربه من عمره، وأول ما رأوا أخذوا بالنظر إلى بعضهم البعض وقد كانت يتخلل تلك النظرات ابتسامة غريبة.
ولم تكن تلك النظرات عادية، بل يبدو أنها ذات مغزى مخفي خلفها، وقد تسببت تلك النظرات في دفع توماس للركض مسرعًا بعيدًا، وفي تلك اللحظة اطلقوا الفتية العنان لضحكات بصوت أعلى وبشكل متواصل، وهنا أدرك توماس أن تلك الضحكات تشير إلى السخرية أنه مهما ابتعد لن يقوى على الفرار من ذلك المكان فتلعثمت رجله بشيء ما وسقط أرضاً، إذ كان أنهكه التوتر والقلق، وهنا فجأة صمتت الضحكات.
وفي تلك الأثناء أخذ توماس يقوم بالنظر ومراقبة المكان الغريب الذي وجد نفسه بداخله فجأة، وما كان يزعجه هو أنه لا يتذكر أي شيء مما حدث معه، كما أن تلك الحالة قد تطور إلى أنه لا يتذكر أي شيء عن نفسه حتى، وفي لحظة ما اقترب منه أحد الفتية وأشار إليه بأنه لا داعي للقلق حول عدم تذكره لشيء، فسوف يبقى على تلك الحالة يوم أو يومين بالكثير ثم تعود له ذاكرته، كما أوضح له الفتى أن كل واحد من هؤلاء الفتية الذي يراهم أمام عينه قد وصل إلى ذلك المكان وهو بذات الحالة، ولكن سرعان ما استعاد كل منهم ذاكرته، وعلاوة على ذلك كله أفاد الفتى أنه في كل شهر يجلب لهم ذلك المصعد فتى جديد ينظم إليهم في ذلك المكان.
ولكن من أكثر السمات التي تطغى على توماس عدا عن الذكاء الذي كلان يتميز به هو أنه شخص فضولي، ولم يكن فضوله بدرجة طبيعية، وإنما بشكل متزايد، وتلك السمة كانت بمثابة المحرك الأساسي له، وأول ما دفعته له تلك السمة هو السؤال حول طبيعة المكان ولماذا يتم جلب الفتية إليه؟ وما يدفع الفتية للاستمرار في البقاء في مكان كهذا؟ وأخذ يسأل الفتى الذي اقترب منه فيما إذا كان أحد الفتية حاول الخروج من ذلك المكان.
وهنا رد الفتى على أسئلته وأخبره بأن هذا المكان هو ما يشبه إلى حد كبير غابة صغيرة، وهي في الحقيقة أشبه بالمتاهة، ومحيط بها من جميع الجهات سور مرتفع للغاية، كما أنها محاطة بأبواب كبيرة، كما أن هناك عدد من الأبواب الخارجية والتي يبلغ عددها سبعة أبواب، ومسألة الخروج منها أو حتى التفكير في ذلك هو أمر مستحيل؛ وذلك لأن شكل تلك المتاهة يتغير بشكل يومي.
ولكن توماس لم يقف كباقي الفتية ويستسلم لأمر الواقع، فقد دفع به فضوله للدخول إلى داخل المتاهة، وعلى الرغم من تحذيرات الفتية له باستمرار، إلا أنه لم يأبه بتحذيراتهم ولم يأخذ بكلامهم قط، وفي إحدى المرات أخبروه أن من يرغب في دخول المتاهة، لا بد من أن يلقى حتفه؛ وذلك لأن المتاهة تحتوي خلف أبوابها عناكب آلية، وتلك العناكب تلسع كل من يقترب منها، ليلقى حتفه على الفور.
ولكن في ذلك الوقت بينما كان توماس يتحدث للفتية عن رغبته في دخول المتاهة شجع بكلامه اثنان من الفتية، واللذان لم يتأنيان لحظة عن ذلك وانظم إليهم توماس ودخلوا جميعهم إلى المتاهة، إلا أنه ما حدث هو أن أحد العناكب قام بلسع أحدهما، ولكن توماس كان فتى شديد الذكاء والفطنة، وقد تمكن من القضاء على العنكبوت قبل أن يقضي ذلك العنكبوت عليهم جميعهم، وفي تلك اللحظة انفتح الباب وعادوا ثلاثتهم إلى مجموعة الفتية وسط دهشة وذهول الفتية جميعهم، وعلى إثر ذلك عاد إليهم الأمل بأنهم من المحتمل أن يتمكنوا من الخروج من هذه المتاهة بعد أن قضوا ما يقارب على الثلاث سنوات بداخلها دون أن يتوصلوا إلى أي حل أو أمل في خروجهم.
ومنذ ذلك الوقت بدأت الأحداث تتصاعد وتتوالى كما أن أسلوب وطريقة الهجوم للعناكب أخذت بالتغير بين الحين والآخر، وفي أحد الأيام جاء المصعد في هذه المرة بفتاة، وانضمت للمجموعة وهنا انبعث الأمل فيهم جميعًا من أجل مواجهة المتاهة والخروج منها، إلا أن تكنيك هجوم العناكب تسبب في مقتل عدد لا بأس به منهم.
وهناك من بقوا على قيد الحياة تمكنوا اكتشاف أحداث مثيرة، إذ أنه بعد خروجهم من المتاهة أدركوا أنهم متواجدون في ذلك المكان ضمن اختبار قام بإعداده واحد من مراكز البحوث بعد أن تم تدمير العالم، وأصبح هؤلاء الفتية في الوقت الحالي هم الأمل في إنقاذ البشرية، حيث أنه في يوم من الأيام أصاب الجميع فيروس يقوم بتدمير الدماغ، وأثناء تواجدهم في إحدى الطيارات المروحية من أجل أن يعودوا إلى منازلهم اكتشفوا أن هناك الكثير من المتاهات في العديد من المناطق، والتي أصبح الجميع ضحايا اختبارات عدة لها.