قصة ساعة من الزمن – The Story of an Hour

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر الروائية كيت شوبان من أبرز الروائيات الّلواتي برزن في القرن الثامن عشر، لقد صدر عنها العديد من الأعمال الأدبية التي ساهمت في النهوض في الأدب الأمريكي إلى حد كبير، ومن أكثر القصص التي اشتهرت شهرة واسعة حول العالم هي قصة ساعة من الزمن، والتي تم تجسيدها في العديد من الأفلام السينمائية العالمية، كما ترجمت إلى الغالبية العظمى من اللغات العالمية ومن ضمنها اللغة العربية، وقد تم العمل على نشرها سنة 1894م.

نبذة عن القصة

تناولت القصة في مضمونها الحديث حول سلسلة من العواطف التي انتابت إحدى السيدات عقب سماع نبأ وفاة زوجها، حيث كان قد اعتقد أنه لقي حتفه في حادثة على السكة الحديدية، إذ كانت السيدة في الأصل تعاني من مشاكل في القلب، وفور علمها بالخبر أغلقت السيدة على نفسها الغرفة حداداً على موت زوجها، لكنه فجأة وبشكل سريع بدأ ينتابها شعور غير متوقع من الابتهاج والفرح بأنها أصبحت امرأة حرة طليقة، وقد اعتبرت أن هذا هو الفائدة الوحيدة المرجوة من وفاته.

وفي نهاية الرواية اتضح أن زوجها لم يكن في ضحايا الحادثة، وعقب رجوعة للبيت بساعة واحدة توفيت السيدة فجأة، وكان سبب موتها أمر غامض ومتروك إلى تكهنات الأطباء والقراء، فمنهم من ظن أنها ماتت جراء مشاكل قلبها ومنهم من ظن أنها توفيت من جراء العقد النفسية التي مرت بها، ولكن يمكن القول أنها في الحقيقية توفيت بعد فقدانها للأمل في الحرية عندما شاهدت زوجها حياً لم يمت.

قصة ساعة من الزمن

في البداية تدور الأحداث حول الشخصية الرئيسية وهي سيدة تدعى لويس، وتلك السيدة كانت تعاني من ضعف في القلب في الأصل، وفي أحد الأيام وصل إلى مسامعها نبأ أن زوجها قد تعرض لحادثة وتوفي، ولكن بسبب عقدة الزواج التي كانت تعاني منها، لم تتمكن بعد وفاة زوجها من التخلص من فكرة أنها أصبحت متحررة من الزواج، حيث كانت كلمة (حرة) تطارد عقلها باستمرار، إذ تحررت من حالة الاضطهاد والتوتر التي كانت تعيشها، وفي هذا الجزء من الرواية بقى النقاش مستمراً حول شخصية السيدة لويس وقد دارت العديد من التساؤلات حولها في أنها هل لويس امرأة عادية ومفهومة ومتعاطفة؟ أم أنها في الحقيقة تضمر خلف كل ذلك أنها وحش مغرور وأناني؟ أم أنها في الواقع حالة شاذة مختلفة عن البقية؟

حيث أنه مما كان مفهوم حول ردة فعل السيدة لويس على موت زوجها سمح للقراء بمشاهدة جانب الوحشية والأنانية، إذ أنه بعد إطلاق سراحها من قبضة وسيطرة زوجها على حياتها، سرعان بدأت في إقامة علاقات مع العالم الخارجي، وأول ما بدأت به هو أنها ظهرت كامرأة عادية اعتراها الحزن وسيطر عليها البكاء بسبب وفاة زوجها أمام الجميع لفترة ساعات قليلة، ثم بعد ذلك بفترة وجيزة شعرت بفرح طاغي، وقد أشار العديد من القراء أنه إلى هذا الحد من القصة كانت ردة فعل السيدة لويس تجاه زوجها أنه مجرد ردة فعل عاطفية عابرة وأنه أمر طبيعي، إذ يمكن أن تكون السيدة لويس عبارة عن قصيدة تجسد حالة الغالبية العظمى من النساء اللواتي كنّ محاصرات ضمن زواج غير سعيد، وما كان يعيقهنّ هي القواعد والمعايير الاجتماعية غير العادلة، وقد تسببت ردة فعلها غير المنتظمة في جعل القراء يشككون في مشاعرها اتجاه موت الزوج.

كانت لويس في حالة حيرة مستمرة، وهذا ما دفعت بحرية القراء إلى التشويش حول فيما إذا كان المرض الذي تعاني منه له علاقة بردة فعلها أم لا، وفي أحد الأيام قد تبين أن مشكلة القلب التي تعاني منها لويس ليست في الحقيقة مجرد مرض جسدي، وما هو إلا دليل على امرأة سلمت قلبها إلى الحياة دون وعي وإدراك لذاتها، حيث أنها بعد ذلك قد مرت بمرحلة تبدو فيها أنها كانت متفائلة تجاه الحياة، ونتيجة لذلك تبين أن قلب السيدة لويس ضعيف والذي من المفروض أن يكون ضعيفًا ويمكن السيطرة عليه بسهولة، لكنه سرعان ما تحول خوفها إلى فرح لا يمكن السيطرة عليه، وهنا أشار جموع من الأدباء أنه لا ينطبق على جميع النساء اللواتي مررن في ذات الحالة، وبينما يستجيب جسدها لعواطفها، شعرت أنها مرتبطة بالعالم المادي من خلال بكرارها لكلمة حرة كثيراً، وقد أظهرت أن عواطفها اتجاه فقدانها لزوجها قد عززت علاقتها بالعالم الخارجي.

ومن جهة أخرى رأى القراء أنّ السيدة لويس لا قلب لها ولا تخشى في الحقيقة موت زوجها، حيث أنها بدلاً من ذلك أصبحت في وقت لاحق قصير مليئة بالبهجة والسرور والفرح، وأوضح البعض أن موت زوجها كان أفضل طريقة لهروبها من الزواج الذي كانت مرتبطة به، كما وصفت تصرفاتها بهذا الشكل كالإنسان المجنون وليس مجرد ردة فعل بعد أن تحررت من هذا الزواج، وأن لويس كانت على علم بأفعالها تماماً.

ولكن من وجهة نظر شقيقتها التي تدعى جوزفين اعتقدت أن سلوكيات أختها ما هي سوى مرض، لكنها لم تعتقد أن تصرفات شقيقتها كانت تتناسب مع شخصيتها، كما أوضحت بأن ردة فعلها كان بسبب شعورها أنها وصولت إلى الوجودية، وأنه لا يمكن أن يتم وصف حالتها بالجنون، إذ أدركت وقتها ومكانتها ككائن مستيقظ جديد، إذ حينما يتم التفكير في أن تكون إنسان حر في العقل والروح والوجودية، هنا بدأت بالتصرف كما لو كنت إنسان غير طبيعي.

وبينما كانت لويس تعيش في حالة من الأمل والتطلع إلى المستقبل وتحلم بالمشاريع التي سوف تخوضها، أصيبت بالصدمة جراء تلقيها خبر أن زوجها ما زال على قيد الحياة وأنه لم يلقى حتفه حينما تعرض القطار الذي كان يعتليه إلى حادثة، إذ كانت الصدمة كبيرة إلى درجة أن قلبها الضعيف قد هبط في الحال، وحينما تم استدعاء مجموعة من الأطباء للإشراف على حالتها قالوا إنها توفيت بسبب مرض القلب، وأنها شدة الفرحة التي تلقتها توفيت، ولم يدرك الأطباء أنها توفيت من شدة الصدمة بمعرفتها إلى أنها سوف تعود إلى الارتباط بذلك الزواج مرة أخرى من جديد.

وقد لاقى تصريح الأطباء الكثير من الاستهزاء والسخرية، ولكن هنا أشارت إحدى الطبيبات إلى أنه من الواضح أن صدمتها لم تكن لفرحة رجوع زوجها، بل بالأحرى كان بسبب محنتها من فقدانها لحريتها العزيزة المكتشفة حديثًا، فقد أزالت تلك الصدمة الفرح الشديد هي التي أدت إلى وفاتها ولم تكن الفرحة هي التي قتلت لويس، والتي من المفترض من وجهة نظر الأطباء أن تكون سعيدة حينما اكتشفوا أن زوجها والذي يدعى برنتلي لم يموت بالفعل.

وحينما رفضت لويس الاستسلام فرضت عليها البطريركية أن تعود للحياة مع زوجها، لكنها قضت في الحقيقة مدة ساعة واحدة من حياتها فقط ثم توفيت، وقد تم الإشارة إلى أن تلك الساعة الوحيدة التي ذاقت بها لويس طعم الفرحة الحقيقية، إذ كانت لويس تشعر بالحرية وكانت منتعشة للغاية لتبدأ حياتها الجديدة، لكن تم تجريدها بعيدًا جدًا عنها ولم يكن قلبها قادرًا على تحمل الصدمة التي شعرت بها عند رؤية زوجها على قيد الحياة.


شارك المقالة: