تعتبر الرواية من الروايات التي صدرت عن الكاتب والمؤلف الألماني ميخائيل إنده، والذي صدر عنه العديد من الأعمال الأدبية الشهيرة، وقد تم تصنيفها من قِبل الأدباء أنها تندرج تحت تصنيف التخيلات البصرية، كما تم تجسيدها في العديد من الأفلام السينمائية المرعبة، وقد ترجمت إلى الغالبية العظمى من اللغات العالمية ومن ضمنها اللغة العربية.
رواية مومو
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية حول الشخصية الرئيسية وهي فتاة صغيرة في العمر وتدعى مومو، وقد كانت تلك الطفلة تمتلك مظهر غريب ومختلف بعض الشيء عن بقية الفتيات من عمرها، وفي أحد الأيام ظهرت تلك الفتاة بشكل مفاجئ في إحدى الطلل الخاصة بأحد المسارح المستديرة والمتواجدة بالقرب من إحدى المدن، ولكن ما صدم الجميع أن تلك الفتاة أخبرت كافة أهل المدينة أنها موجودة في ذلك المكان منذ ما يقارب مئتي عام وعامين، وبالإضافة إلى ذلك أوضحت أنها لا تعرف أهلها ولا من أي موطن هي، وكل ما تعرفه هو هذا الطلل، وقد كانت تلك الطفلة تمتلك موهبة عجيبة وتعرف لأول مرة للجميع، وبذلك تمكنت من جذب كافة المتواجدين إليها، وقد كان ذلك دون أن يدركوا خططها في البداية.
وقد كان يبدو للجميع أنها ليست فتاة ساحرة ولا هي فتاة عازفة للموسيقى ولا هي حكيمة وتمتلك قدرات خارقة ولا قاصة حكايات ماهرة، حيث كل ما في الأمر أنها كانت تتقن أكثر من أي شخص آخر هو مهارة الاستماع للآخرين، وهنا أشار الكاتب أنه لربما ذلك الأمر يوقف يقول بعض القراء حول ذلك الأمر أن هذا ليس شيئًا فريدًا في خصوصيته، فكل فرد من أفراد المجتمع بإمكانه الاستماع ولديه مقدره على ذلك، ولكن في الحقيقة هذا من الأمور الخاطئة، إذ لا يوجد هناك فرد يتمكن من الاستماع بحق سوى أشخاص قليلون جداً فقط، وإتقان الصغيرة للاستماع كان من الأمور التي تتميز بها تلك الفتاة، كما أنه كان ذلك الشيء فريدًا من نوعه تمامًا.
لقد كانت مبدعة في مجال الاستماع إلى الآخرين إلى درجة أنها سرعان ما تدرك أن الناس حيارى أم مترددون بدقة تامة وماذا يريدون، وكان لديها مقدرة في جعل من يشعر الخجل فجأة يشعر بالشجاعة، وتحويل الشعور بالتعاسة إلى الشعور بالبهجة، فكل من لديه أي شعور سيء يعاني منه كل ما عليه فقط أن يذهبوا إلى تلك الطفلة ويتحدث إليها، وقد كانت تلك السمة تسير تماماً على النهج الذي رسمه الكاتب، إذ أراد أن يثير دهشة القارئ ويؤرج مفاهيمه، ويجعل سؤال مهم يتمحور في ذهنه ألا وهو: هل هو بالفعل جيد في فضيلة الاستماع؟
ومنذ ذلك الوقت وقد بدأت تطرح العديد من الخصومات والنزاعات التي لا يوجد لها حل سوى الاستماع، كما تمكنت تلك الطفلة من خلال تلك الخاصية التي تتميز بها أن تُكوّن الكثير من علاقات الصداقة لا سيما مع فئة الأطفال، والذين بدورهم كانوا يلقون متعة كبيرة وقت القيام باللعب في المكان الذي يتواجد به المسرح الخاص بها أو بالقرب منها، إذ يقضون وقت ممتع كما تبتكر مخيلاتهم الكثير من أنواع الألعاب، ولكن في أحد الأيام رأى مجموعة من الرجال والذين يطلق عليهم لقب الرجال الرماديون في تلك الطفلة مصدر تهديد لهم، كما أنهم رأوا أن تلك الطفلة الصغيرة تُهدد تجار الزمن.
قام هؤلاء الرجال بإقناع جموع كبيرة من الناس بمدى أهمية توفير الزمن إلى وقت لاحق، ويوماً بعد يوم بدأ يشعر الإنسان بضيق في الوقت لديه، إذ ينجز أعماله وكل ما لديه بشكل سريع، كما أنه يتناول طعامه على عجل، ويتكلم مع الآخرين من حوله على عجل، كل ما حوله يسير على نحو يجعله يفقد المتعة والشعور بالحياة، وهنا تمت المطالبة بحياة أخرى، والتي تم توفيرها لهم من زمنهم الحالي، وهنا حاول الرجال الرماديون مراراً وتكراراً إقناع الطفلة العجيبة بالانضمام إليهم، إلا أنهم لم يتمكنوا من إقناع الأطفال، وعلى إثر ذلك بدأت ملاحقة الطفلة من طرف السادة الرماديين.
وفي تلك الأثناء بدأ أنها سوف تأخذ العالم إلى مكان أكثر سحرًا، إذ أنه ظهرت سلحفاة تدعى كاسيوبايا، وتلك السلحفاة كانت تابعة إلى أستاذ يدعى السيد أروا، والذي بدوره كان من أبرز أعداء الرماديين، وفي لحظة من اللحظات تمت مطاردة الطفلة، والتي سرعان ما توجهت نحو الأستاذ أروا، والذي كان هو من سوف يخبر الطفلة عن سر الزمن، كما كانت السلحفاة والتي كانت تمشي بشكل بطيء جداً تمتلك موهبة عجيبة.
والتي تتمثل في قدرتها على رؤية المستقبل لمدة تقارب على النصف ساعة، وبهذا تمكنت من إنقاذ الطفلة وتهريبها عبر طرقات المدينة حتى أوصلتها إلى مكان آمن، ومن هنا أدركت أنه بمقدرتها القضاء على الرجال الرماديين وإنقاذ الزمن من تحت سيطرتهم، وهذا الأمر كان يعني إنقاذ حياة العالم وإرجاعها للأمر المعتاد والمألوف حيث لكل شيء وقته المستحق والمقدر.
ومنذ ذلك الوقت اختفت الطفلة ما يقارب عام، وفي اليوم الذي كان قد طغى فيه ظلم الرماديين، وقد تذكر كل من فتى يدعى نينو ورجل عجوز الذي يدعى بينو بالإضافة إلى المرشد السياحي الذي يدعى جيجي صديقتهم الطفلة، وعلى وجه الخصوص جيجي، والذي بدوره كان قد ترك لها رسالة رقيقة في الغرفة الخاصة بها في المسرح الدائري، والذي أكد من خلالها على أنه مهما كان الوقت ضيق، فحين نرغب بالاستمرار سوف نجده متسع ووفير لمن نحب، كما أنه في تلك الفترة لم يكن لدى الأطفال من يرعاهم من الكبار؛ وذلك بسبب أنه لم يعد هناك متسع من الوقت لرعايتهم والاهتمام بهم، ولهذا تم أخذوهم إلى مستودعات ووضعهم فيها، وهكذا كانت قد خلت منهم الطرقات.
كما أنه لم يعد أحد يقاوم الرجال الرماديين، ولكن الطفلة لم تستسلم، حيث أن الزمن كان مفعم بالذكريات والأوقات الجميلة ولا يمكن التفريط بزمن شخص ما من أجل أن يستفيد منه شخص آخر، إذ أن الحياة هي الطريق الوحيد من أجل أن ينتقي الإنسان ما يفعله بزمنه المتاح له، وهنا عادت الطفلة وقامت باستثارة الكبار من خلال مظاهرات قام بها الأطفال.
لكنها لم تجدي تلك المظاهرات نفع أمام بطش الرماديين، ومن هنا بدأوا بمطاردة الطفلة في كل مكان، وقد كان هدفهم الوصول إلى زهور ساعات الزمن، وقد صرحوا بأنهم سئموا من جمع الساعات والدقائق والثواني، وأضافوا أنهم يرغبون في توفير كل الزمن لجميع فئات المجتمع، وأن الناس أصبحوا لا لزوم لهم منذ وقت طويل، وأنهم هم ذاتهم من تسببوا بأن لا يكون لأمثالهم مكان في هذه الدنيا، وأنهم هم فقط من سوف يسيطرون على الدنيا.
وهنا سرعان ما عادت الطفلة وتوجهت إلى الأستاذ أروا، حيث كانت تسير ببطء خلف السلحفاة والتي كانت صاحبة شعار كلما زاد البطء زادت السرعة، إلى أن وصلت إلى حيث بيت اللامكان، وهناك كان يسري الزمن بطريقة معاكسة، وعلى إثر ذلك قرر الأستاذ والطفلة خوض صراع مصيري مع الرماديين، والذين بدورهم قرروا أن لا يمنحوا الرماديون زمن جميع البشر، وهنا أدركت الطفلة السر الذي يكمن خلف زهور الساعات، ومدى ارتباطها بالسجائر التي كان يتناولها الرجال الرماديين.
ولهذا عزمت على خوض مغامرة خطيرة إلى حد كبير، والتي من خلالها إما أن تتمكن من إنقاذ الزمن أو انتصار الرماديين وهلاك البشرية، وقد كانت زهرة واحدة فقد من ساعة واحدة تمكن من خلالها الأستاذ إيقاف الزمن، وهنا استعان السادة بمخزونهم، حيث من المحتمل أن تنجح الطفلة في منعهم من الوصول لمخزونهم، وهذا الأمر كان يشير إلى إعادة زمن البشرية الذي تم فك سيطرتهم عنه وأخذه منهم، وإما أن ينجحوا في فرض سيطرتهم الوجودية، وهنا بقيت النهاية مفتوحة أمام القارئ في أنه هل نجحت الطفلة في ذلك.