رواية نيتوتشكا نزفانوفا – Nitochka Nezvanova’s Novel

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر الرواية من الروايات غير المكتملة للأديب الروسي فيودور دوستويفسكي، حيث أن ترك المؤلف النهاية مفتوحة أمام القارىء؛ وذلك من أجل وضع النهاية التي يراها مناسبة من وجهة نظره، وذلك بعد أن عاقت طريقه بعض الأمور من وضع النهاية بنفسه، وقد كانت الرواية من الروايات التي حققت نسبة مبيعات عالية ولاقت صدى واسع حول العالم، وقد تم العمل على إصدارها سنة 1849م.

نبذة عن الرواية

كان يعتبر الكاتب أن تلك الرواية من المفترض أن تكون من أكثر الأعمال الأدبية ضخمًا في مسيرته الأدبية، لكن كل ما أنجز وتم نشره منها هو الوصف لخلفية الحياة التي عاشتها البطلة في مراحل مختلفة مثل مرحلة الطفولة ومرحلة المراهقة، وفقًا لرأي العديد من المترجمين أنه كان المقصود من القسم الذي تم نشره في البداية أن يكون مجرد مقدمة للرواية، وقد بدأ الكاتب بالعمل على الرواية في سنة م1848، ومن ثم تم نشر القسم الأول بشكل مكتمل في نهاية العام التالي.

وما أعاق إتمام العمل هو اعتقال الكاتب ونفيه إلى أحد المعسكرات الاعتقال في سيبيريا، وبعد عودته من المعسكر لم يستأنف العمل على الرواية، وهذا ما جعل هذا الجزء غير مكتمل إلى الأبد، وقد اعتبر الأدباء والنقاد الرواية أنها تندرج ضمن أسلوب التشكيل، وذلك من ناحية تصور التجارب والعواطف من سنوات النشأة الأولى للفتاة، والتي تذكرها وهي في مرحلة النضوج.

رواية نيتوتشكا نزفانوفا

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية ضمن ثلاثة من الأجزاء، حيث أنه يتم كشف من خلال سرد الحبكة في الثلاثة أقسام التي وصفت بأنها أجزاء متميزة، إذ أنها مثلت الاضطرابات التي تدور في حياة البطلة، وقد تركز اهتمام الفصول الثلاثة حول فتاة تدعى نيتو، فتراود إلى ذهنها الذكريات التي كانت تعيشها أثناء مرحلة طفولتها، والتي قضتها مع والدتها وزوج والدتها في دولة روسيا وعلى وجه التحديد في مدينة سانت بطرسبرغ، وقد بقيت تقيم معهم إلى أن وافتهم المنية.

وأول ما تبادر إلى ذهن نيتو من ذكريات تلك التي كانت حول زوج والدتها والذي يدعى إيفيموف حيث كان من الأشخاص المغرومين في العزف على الآلات الموسيقية، وأكثر ما كان يعتريه الشغف حول آلة الكمان، والذي كان مراراً وتكراراً يتلقى دروس لتعلم العزف عليها، إلى أن أصبح مع الوقت من أشهر عازفي الكمان الموهوبين، ومن ناحية أخرى كان شخص مهووس بنفسه إلى حد كبير، وقد وصفته نيتو بأنه أغرب شخص قد قابلته في حياتها، كما أنه كان من الأشخاص الاستثنائيين الذين عرفتهم على الإطلاق.

وقد كان لهذا الرجل تأثير قوي عليها، وقد تجلى ذلك التأثير في بقية حياتها، وفي كثير من الأحيان كانت تصفه نيتو بأنه رجل مجنون، وأن جنونه قد جلب إلى العائلة الفقر المدقع والكثير من الخلافات، كما أنه ترك للطفلة نيتو نظرة مبكرة ومؤلمة حول الجانب المظلم من المشاعر الإنسانية، ولم ينتهي هذا الجزء من حياتها إلا حين قام إيفيموف بقتل والدتها، ثم بعد ذلك أصبح إنسان مصاب بالجنون إلى أن توفي.

ثم بعد ذلك انتقل الكاتب إلى الجزء الثاني من الرواية، حيث أنه بعد أن بقيت نيتو لوحدها، قدم أمير يدعى إكس وعزم على تبني نيتو، وقد كان ذلك الأمير من المعارف المقربين من زوج والدتها، وفي ذلك الوقت بدأت تلك الفتاة اليتيمة تنخرط في العالم الأرستقراطي، والذي كان غير مألوف لها من قبل، وقد كان التركيز في هذا الجزء بشكل خاص على العلاقة التي كانت تربطها بابنة الأمير والتي تدعى كاتيا، حيث أن نيتو سرعان ما وقعت في حب كاتيا، بينما كاتيا كانت قد تحفظت في البداية على إقامة علاقة مع نيتو، إذ أنها كانت تعتبرها من الأشخاص الوافدين الجدد الغرباء، ولهذا كانت تعاملها بكل قسوة وشدة ومراوغة بعض الشيء.

لكن مع مرور الوقت تحولت تلك الكراهية الواضحة من قِبل كاتيا إلى مشاعر حب مفعمة وقد كانت تلك المشاعر بذات القدر من المشاعر التي تحملها لها نيتو، ولكن تلك العلاقة لم تحظى بإعجاب والدة كاتيا، إذ كانت تشير إلى أن تلك العلاقة تشعرها بالقلق حول مستقبل كاتيا، وبناءً على ذلك قررت اتخاذ مجموعة من الخطوات من أجل قطع تلك العلاقة تدريجياً وضمان انفصالها، وأول ما بدأت به هو الانتقال بعائلتها إلى مدينة موسكو، وفي تلك الأثناء تم وضع نيتو تحت رعاية أخت كاتيا الكبرى غير الشقيقة والتي تدعى ألكسندرا، وقد أشار الكاتب أنه لم تلتقي نيتو مع كاتيا إلى ما يقارب الثماني سنوات.

وفي الجزء الأخير من الرواية وصف الكاتب السنوات التي عاشتها نيتو في مرحلة المراهقة، حيث أنها كانت قد نشأت في منزل السيدة ألكسندرا، والتي كانت سيدة لطيفة وعطوفة عليها إلى الحد الذي كانت تبدو وكأنها والدتها، وقد كان زوج ألكسندرا والذي يدعى بيوتر ألكساندر إنسان بارد العواطف والمشاعر، ولهذا كانت الكسندرا لا تهتم لأمره نهائياً، وهذا الأمر كان يشعر نيتو بالانزعاج من موقف ألكسندرا الجزع وتصرفها بشكل مؤلم مع زوجها، وقد كانت تشير نيتو إلى أن ما تقوم به ألكساندرا ما هو إلا لامبالاة مدروسة، بالإضافة إلى أنه كان إنسان لم يبدي أي اكتراث من جهته.

وعلى إثر ذلك اشتبهت نيتو بوجود بعض الغموض في ماضيهما، وفي الأخير ظهر أمامها دليل وصف بأنه غامض، حيث كان الدليل على هيئة رسالة عثرت عليها عن طريق الخطأ، إذ كانت مخبأة بين صفحات أحد الكتب القديمة الموجودة في المكتبة، وقد كانت تلك الرسالة باسم ألكسندرا وصلت لها من أحد العاشقين، إذ أعرب في تلك الرسالة عن أسفه لضرورة الانفصال النهائي بينهما، وأنه يشعر بالحزن جراء الأضرار التي تسبب بها لها، والتي كانت متعذر إصلاحها التي لحقت بسمعتها وزواجها، وقد فجر اكتشاف نيتو للرسالة سلسلة من الأحداث التي أدت إلى وصول ألكسندرا إلى حد كبير من الانهيار العاطفي، وقد أوصل ذلك الأمر نيتو إلى مواجهة السيد بيوتر بحقيقة ما فعله بألكساندرا.

وفي النهاية ترك الكاتب العديد من المواضيع السردية، مثل العلاقة التي كانت بين نيتو وكاتيا دون حل، على الرغم من وجود العديد من المؤشرات الواضحة على أنها سوف تُستأنف في مرحلة مستقبلية من الرواية، وأخيراً لاحظت ألكسندرا أن نيتو تمتلك صوت عذب وجميل، ولهذا اتخذت الترتيبات اللازمة من أجل تلقيها التدريب على الغناء، وقد ظهر حب وعشق نيتو للغناء وعلاقته بحياتها العاطفية في عدد من المشاهد التي كانت تتحدث بها عن مهارة عزف زوج والدتها، ولكن تطورها الفني ما يزال في مراحله الأولى، وتنتهي الرواية بالإشارة إلى تبادل مشاعر مبهم بين نيتو وشخص يدعى أوفروف وهو سكرتير السيد بيوتر، مما أوحى إلى وجود علاقة عاطفية بينهم.


شارك المقالة: