الآية
﴿سَلَـٰمٌ عَلَیۡكُم بِمَا صَبَرۡتُمۡۚ فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ﴾ [الرعد ٢٤]
إذا دخل أهل الإيمان جنات عدن، وذاقوا لذات السعادة والراحة والأمن، وخلدوا في الجنان في بيوتهم وقصورهم، وغرفهم، وخيامهم، مع من صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم، فلبسوا ثياب الحرير والسندس والإستبرق، وتحلوا بأساور اللؤلؤ والفضة والذهب، واتكؤوا على أرائكها في جلسات المؤانسة، وسقاهم ربهم شراباً طهورا، فإنّهم حينئذ في حالة من المتعة واللذة والفرح والسرور، والسعادة والحبور لا يمكن لعقل أن يتصور تجليات تلك الحياة على الحقيقة، ولا لقلب أن يخطر عليه هذا المشهد كما سيكون.
تخيل ما شئت من النعيم، وعش بقلبك ما تعلمه من وصفها في القرآن والسنة، ولكن أعرني انتباهك لحظة واحدة في موقف من مواقف نعيم الجنة المتكررة، البهي ببهجته وحفاوته.
تخيل معي حين تكون في الجنة مع الأهل والأزواج والذرية في جلسات أنس وبهجة، ثم ترى الملائكة تدخل عليكم من كل باب؛ لتقول لكم ﴿سَلَـٰمٌ عَلَیۡكُم بِمَا صَبَرۡتُمۡۚ فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ﴾ [الرعد ٢٤] فأيّ حفاوة ستجده حينها منهم؟
وتفكر معي كذلك فيما تقوله الملائكة بعد السلام، إنّها تقول ﴿ بِمَا صَبَرۡتُمۡۚ فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ﴾ [الرعد ٢٤] فثبتم على الإيمان، والتوحيد، حتى الممات، على طاعة الله ابتعاء وجهه، فأقمتم الصلاة، ونهضتم من فرشكم الوثيرة، للقيام بين يدي الله، وتركتم المعصية من أجله تعالى فكان لكم أن تقول لكم الملائكة ﴿سَلَـٰمٌ عَلَیۡكُم بِمَا صَبَرۡتُمۡۚ فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ﴾ [الرعد ٢٤].