قصة عفريت أداشيغاهارا

اقرأ في هذا المقال


عفريت أداشيغاهارا، أو(The Goblin of Adachigahara) حكاية يابانية، بقلم ريشي هاريسون
حكايات خرافية يابانية عن عفريت آكلي لحوم البشر يتخذ شكل امرأة عجوز. هل يُمكن إنقاذ حياة الكاهن؟ هيا لنقرأ القصة معاً لنتعرف الإجابة.

الشخصيات:

  • العفريت.
  • الكاهن.

قصة عفريت أداشيغاهارا:

منذ زمن بعيد، كان هناك سهل كبير يسمى أداشيغارا، في مقاطعة موتسو في اليابان و قيل أن هذا المكان مسكون من قبل عفريت آكلي لحوم البشر الذي اتخذ شكل امرأة عجوز، ومن وقت لآخر حيث يختفي العديد من المسافرين ولم يسمع عنهم أحد شيئاً، وعنما كانت النساء المسنات يتجولن حول المواقد المصنوعة من الفحم في المساء، والفتيات يغسلن الأرز في المنزل في الآبار في الصباح كانوا يتهامسون بقصص مروعة عن الناس المفقودون الذين تم استدراجهم إلى كوخ عفريت وأكلهم ، لأن العفريت عاش فقط على اللحم البشري.
لم يجرؤ أحد على المغامرة بالقرب من البقعة المسكونة بعد غروب الشمس، وكان من يستطيع تجنبها في النهار يفعل ذلك، وتم تحذير المسافرين من هذا المكان المخيف، وذات يوم عندما كانت الشمس تغرب، جاء كاهن إلى السهل حيث كان مسافرًا متأخرًا، وأظهر رداءه أنه كان حاجًا بوذيًا يمشي من ضريح إلى ضريح للصلاة من أجل بعض النعمة أو التوق إلى مغفرة الخطايا، و يبدو أنه ضل طريقه، ولأنه فات الأوان لم يقابل أحدًا يمكنه أن يريه الطريق أو يحذره من البقعة المسكونة.
كان يمشي طوال اليوم وكان الآن متعبًا وجائعًا، وكانت الأمسيات باردة لأنه كان في أواخر الخريف، وبدأ في قلق شديد للعثور على منزل حيث يمكنه الحصول على سكن لليل ثمّ وجد نفسه ضائعًا في وسط السهل الكبير، وبحث عبثًا عن بعض علامات السكن البشري، وأخيرًا، بعد أن تجول لعدة ساعات رأى مجموعة من الأشجار على مسافة بعيدة، ومن خلال الأشجار رأى بصيصًا من شعاع ضوء واحد حيث صرخ بفرح: آه، بالتأكيد هذا كوخ حيث يمكنني الحصول على إقامة ليلية!
اقترب من الضوء الذي أمام عينيه، ثمّ قام بجر قدميه المرهقة المؤلمة بأسرع ما يمكن نحو البقعة، وسرعان ما وصل إلى كوخ صغير بائس، وعندما اقترب منه رأى أنه في حالة انهيار، تم كسر السياج المصنوع من الخيزران وقطع الأعشاب وكانت الشاشات الورقية التي كانت تستخدم كنوافذ وأبواب في اليابان مليئة بالثقوب، وكانت أعمدة المنزل مثنية مع تقدم العمر وبدا أنها بالكاد قادرة على دعم السقف القديم من القش، كان الكوخ مفتوحًا، وعلى ضوء مصباح قديم، جلست امرأة عجوز تعمل بجد وتدور.
فناداها الحاج عبر سور البامبو وقال: أيتها المرأة العجوز، مساء الخير، أنا مسافر أرجو المعذرة، لكنني ضللت طريقي ولا أعرف ماذا أفعل لأنه ليس لدي مكان لأستريح فيه الليلة، أتوسل إليك أن تكون مضيافة بما يكفي للسماح لي بقضاء الليلة تحت سقفك، ما إن سمعت المرأة العجوز الرجل وهو يتحدث توقفت عن الدوران، وقامت من مقعدها واقتربت من الدخيل.
قالت: أنا آسف جدا من أجلك، يجب أن تشعر بالحزن حقًا لأنك ضلت طريقك في مثل هذه البقعة الوحيدة في وقت متأخر من الليل، لسوء الحظ لا يمكنني أن أستقبلك لأنه ليس لدي سرير أقدمه لك، ولا يوجد سكن على الإطلاق لضيف في هذا المكان الفقير! قال الكاهن: آه، هذا لا يهم، كل ما أريده هو مأوى تحت سقف ما لقضاء الليل، فقط لو تسمحين لي بالاستلقاء على أرضية المطبخ سأكون ممتنًا،أنا متعب جدًا من المشي أكثر من ذلك الليلة، لذلك آمل ألا ترفضيني، وإلا سأضطر إلى النوم في السهل البارد، وبهذه الطريقة ضغط على المرأة العجوز للسماح له بالبقاء.
بدت العجوز مترددة للغاية، لكنها قالت في النهاية: جيد جدًا، سأسمح لك بالبقاء هنا، يمكنني أن أقدم لك ترحيبًا سيئًا للغاية فقط، لكن تعال الآن وسأشعل النار، لأن الليل بارد، كان الكاهن سعيدًا جدًا لفعل ما قيل له حيث خلع حذائه ودخل الكوخ، ثم أحضرت السيدة العجوز بعض العصي الخشبية وأشعلت النار، وأمرت ضيفها بالاقتراب وتدفئة نفسه.
قالت المرأة العجوز: لا بد أنك جائع بعد وصلك الطويل، سأذهب وأطهو بعض العشاء من أجلك، ثم ذهبت إلى المطبخ لطهي بعض الأرز، وبعد أن انتهى الكاهن من عشاءه جلست العجوز بجانب المدفأة وتحدثا معًا لفترة طويلة حيث اعتقد الكاهن في نفسه أنه كان محظوظًا جدًا عندما صادف مثل هذه المرأة العجوز الطيبة والمضيافة، وأخيرًا انطفأ الحطب، وعندما انطفأت النار ببطء بدأ يرتجف من البرد تمامًا كما فعل عندما وصل.
قالت المرأة العجوز: أراك ترتجف، سأخرج وأجمع بعض الحطب، لأننا استخدمناه بالكامل ويجب أن تبقى وتعتني بالمنزل أثناء غيابي، فقال الكاهن: لا، لا، دعيني أذهب بدلاً منك لأنك مسنة، ولا أستطيع أن أسمح لك بالخروج لجلب الحطب لي في هذه الليلة الباردة! هزت العجوز رأسها وقالت: يجب أن تبقى بهدوء هنا، لأنك ضيفي، ثم تركته وخرجت.
عادت بعد دقيقة وقالت: يجب أن تجلس حيث أنت ولا تتحرك، وأي شيء يحدث لا تقترب منه أو تنظر إلى الغرفة الداخلية، والآن اهتم بما أقول لك! قال الكاهن وهو في حيرة من أمره: إذا طلبت مني عدم الاقتراب من الغرفة الخلفية ، فلن أقترب بالطبع، ثم خرجت المرأة العجوز مرة أخرى، وتركت الكاهن وحده حيث كانت النار قد انطفأت، وكان الضوء الوحيد في الكوخ هو ضوء فانوس خافت، وللمرة الأولى في تلك الليلة بدأ يشعر بأنه في مكان غريب، وأثارت كلمات المرأة العجوز حول الغرفة الخلفية فضوله وخوفه.
فكر في نفسه: ما الشيء المخفي الذي يمكن أن يكون في تلك الغرفة الذي لم ترغب في أن يراه؟ ولبعض الوقت، فإن ذكرى وعده للمرأة العجوز أبقاه ثابتًا، لكنه في النهاية لم يعد قادرًا على مقاومة فضوله للنظر إلى المكان المحظور، ثمّ نهض وبدأ يتحرك ببطء نحو الغرفة الخلفية، ثم كان التفكير في أن المرأة العجوز ستغضب منه إذا عصاها جعله يعود إلى مكانه بجانب المدفأة.
ومع مرور الدقائق ببطء وعدم عودة المرأة العجوز، بدأ يشعر بالخوف أكثر فأكثر ويتساءل ما هو السر المروع في الغرفة خلفه، فقرر أنّه يجب أن يكتشف، ثمّ قال لنفسه: لن تعرف أنني بحثت ما لم أخبرها، ثمّ بهذه الكلمات نهض على قدميه لأنه كان جالسًا طوال هذا الوقت بالطريقة اليابانية وقدميه تحته وتسلل خلسة نحو البقعة المحرمة.
بيده المرتعشة دفع الباب المنزلق للخلف ونظر إلى الداخل حيث ما رآه جمّد الدم في عروقه، كانت الغرفة مليئة بعظام القتلى وتناثرت الجدران وغطت الأرض بدماء البشر، وفي إحدى الزوايا ارتفعت جمجمة على جمجمة إلى السقف، وفي ركن آخر كانت كومة من عظام الذراع، وفي ركن آخر كانت كومة من عظام الساق، الرائحة المقززة جعلته مغمى عليه.
لقد سقط إلى الوراء برعب، وظل لبعض الوقت في كومة خائف على الأرض لأنّه مشهد يرثى له ثمّ ارتجف في كل مكان وأسنانه تثرثر، وبالكاد استطاع الزحف بعيدًا عن البقعة المخيفة، ثمّ صرخ: كم هذا فظيع! ما هو العرين الفظيع الذي أتيت إليه في رحلاتي؟ قد يساعدني الله أو أضيع، هل من الممكن أن تكون تلك المرأة العجوز اللطيفة هي حقًا عفريت آكلي لحوم البشر؟ عندما تعود ستظهر نفسها في شخصيتها الحقيقية وتأكلني في فم واحد!
بهذه الكلمات عادت قوته إليه، وانتزع قبعته وعصاه واندفع خارج المنزل بأسرع ما يمكن أن تحمله ساقيه، في الليل الذي ركض فيه كان يعتقد أن يبتعد بقدر استطاعته عن مطاردة العفريت، و لم يبتعد كثيراً عندما سمع خطوات من ورائه وصوت يصرخ: توقف! قف! ولكنّه ركض وضاعف سرعته متظاهراً أنه لا يسمع، وبينما كان يجري، سمع الخطوات خلفه تقترب أكثر فأكثر، وفي النهاية تعرف على صوت المرأة العجوز الذي كان يعلو ويعلو كلما اقتربت، وهي تقول: قف! توقف أيها الرجل الشرير، لماذا نظرت إلى الغرفة المحرمة؟
نسي الكاهن تمامًا مدى تعبه وتطاير قدميه على الأرض أسرع من أي وقت مضى حيث أعطاه الخوف القوة، لأنه كان يعلم أنه إذا قبض عليه العفريت فسيصبح قريبًا أحد ضحاياها وكان يردد من كل قلبه الصلاة طلباً النجاة، واندفعت خلفه العجوز المخيفة وشعرها يطير في مهب الريح، ووجهها يتحول بغضب إلى الشيطان الذي كانت عليه، كانت تحمل في يدها سكينًا ملطخًا بالدماء، وما زالت تصرخ وراءه: توقف! قف!
وأخيرًا، عندما شعر الكاهن أنه لم يعد بإمكانه الركض بزغ الفجر، ومع ظلام الليل اختفى العفريت وأصبح بأمان حينها علم الكاهن الآن أنه التقى بعفريت أداشيغاهارا، الذي سمع عنه كثيرًا ولكن لم يعتقد أبدًا أنه حقيقي، لقد شكر الله الذي صلى له طلبًا للمساعدة، لذلك أخرج مسبحته وأحنى رأسه مع شروق الشمس، ثم تلا صلاته وقدم الشكر بجدية ثم انطلق إلى جزء آخر من البلاد، وكان سعيدًا جدًا بترك السهل المسكون خلفه.



شارك المقالة: