فلا وربك لا یؤمنون

اقرأ في هذا المقال


الآية :

قال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا یُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ یُحَكِّمُوكَ فِیمَا شَجَرَ بَیۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا یَجِدُوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ حَرَجࣰا مِّمَّا قَضَیۡتَ وَیُسَلِّمُوا۟ تَسۡلِیمࣰا﴾ [النساء ٦٥] صدق الله العظيم .

التفسير:

يُقسم الله سبحانه وتعالى بنفسه الكريمة المقدسة، أنّه لا يؤمن أحدٌ حتى يُحكّم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور، فما حكم به فهو الحق، الذي يجب الانقياد له باطناً وظاهراً، ولهذا قال تعالى: (ثُمَّ لَا یَجِدُوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ حَرَجࣰا مِّمَّا قَضَیۡتَ) صدق الله العظيم.

قال الزجاج: تسليماً مصدر مؤكد أي ويسلّمون لحكمك تسليماً لا يدخلون على أنفسهم شكاً ولا شبهة فيه، وقيل: إذا حكّموك في أمرٍ يطيعونك بواطنهم، فلا يجدون في أنفسهم حرجاً ممّا حكمت به، وينقادون له في الظاهر والباطن، فيسلمون لذلك تسليماً كلياً من غير ممانعة، ولا مدافعة، ولا منازعة، كما جاء في الحديث الشريف” والذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به”.

سبب نزول هذه الآية:

أخرج البخاري وأهل السنن وغيرهم عن عبد الله بن الزبير أن الزبير خاصم رجلاً من الأنصار قد شهد بدراً مع النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في شراج من الحرّة وكانا يسقيان به كلاهما النخل، فقال الأنصاري: سرح الماء يمر، فأبى عليه فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك، فغضب الأنصاري وقال يا رسول الله إن كان ابن عمتك، فتلون وجه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثمّ قال: اسق يا زبير ثمّ احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر ثمّ أرسل الماء إلى جارك.

مفهوم الآية:

هذه الآية: نصّت على نفي الإيمان عن كل من لم يرضَ ويُسلم كل التسليم، بحكم رسول الله في أيِّ حادثة من الحوادث، له أو عليه.

وهذا النفي على ظاهره، فإنّه لا يمكن أن يعتقد أمرؤ، أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم صفوة خلق الله، يتكلم عن الله، مُنزهاً عن الميل والجور، ومع ذلك يشكُّ في حكمه، ويضيق صدره من قضائه.

وفي الآية من التنويه برفعه قدر النبي صلى الله عليه وسلم، ما لا يخفى، زاده الله كمالاً وأُسعدنا برضاه آمين.


شارك المقالة: