قصائد الاعتذاريات

اقرأ في هذا المقال



وهي مجموعة من القصائد التي نظّمها النابغة الذبيانيّ أثناء نزوله عن الغساسنة ، حيث كتبها مبرئاً نفسه على ما قام به أبناء عوف بن قريع حينما كانوا يغبطون النابغة بسبب صلته مع النعمان بن منذر فقاموا بكتابة قصيدة يصفون بها مفاتن زوجة النُّعمان بن منذر، حيث أحكموا كتابتها بحيث صدّق النعمان أنَّ النابغة هو الذي كتبها لأنَّها كانت بنفس أسلوب كتابة النابغة الذبيانيّ، حيث مدح بها النعمان بن المنذر، وتُعدُّ من أجمل ما كتبه النابغة، واشتهر بها في لياليه التي كان يخشى فيها النابغة من النعمان بن المنذر، وسميت بالاعتذاريات وذلك لأنَّ النابغة كتبها ليعتذر من النعمان بن المنذر.
وبعد ذلك قام النابغة بالرجوع إلى قومه” بني ذُبيان ” في الحجاز، ثمَّ عاوده الحنين لصديقه النعمان بن المنذر، فقام النابغة بتوسيط أصدقائه الفزاريين وذلك ليكلّموا النعمان بن المنذر بشأن ما وصله من أقاويل لم ينطق بها يوماً، كما أنَّه أخذ يعلن بالقصائد التي يمدح فيها النعمان بن المنذر وملوك المناذرة كذلك.
وبدأت المصالحة عندما استأذن الفزاريين النعمان بن منذر لزيارته، فأقام لهم خيمة كبيرة ليقيموا فيها، وكان معهم مغنية للترفيه عنهم ولم يكن يعرف النعمان أنَّ النابغة معهم، بعدها طلب أحدهم من الجارية أن تغنِّي لهم بعض ما قاله النابغة في مدحه للنعمان بن المنذر حيث كان يقول فيها:

نُبِّئْتُ أَنَّ أَبا قابُوسَ أَوْعَدَني

ولا قَرارَ على زأرٍ مِنَ الأَسَدِ
مَهْلاً فِدَاءً لَّكَ الأَقوامُ كُلُّهُمُ

وما أُثَمِّرُ مِن مالِ ومن ولَدِ
فلا لَعَمْرُ الَّذي مَسَّحْتُ كَعْبَتَه

وما أُرِيقَ على الأَنْصَابِ من جَسَدِ
ما إنْ بَدَأتُ بشيءٍ أَنت تَكْرَهُهُ

إذَنْ فلا رَفَعَتْ سَوْطي إلىَّ يَدِي
فكان النابغة يقسم بالكعبة التي حج إليها ويقسم بالدِّماء التي سالت على الأصنام، كما أنَّه يدعوأ بشلل يده وعدم استطاعته رفع سوطه إذا كان الذي وصله عنه صحيح.
وعندما سمع النعمان ما قاله النابغة على لسان الجارية أقسم أنَّ النابغة هو الذي قام بكتابة هذه القصيدة التي رثي فيها زوجة النعمان بن المنذر، فسأل النعمان عنه وقيل له أنَّه مع الفزاريين، وبعدها عفا عنه و تقرَّب منه وعادت سيرتهم عطرة كما كانوا في السابق.
وكان النابغة كغيرة من الشعراء الجاهليين يبدأ قصائده بالبكاء على الأطلال، وبعدها يدخل إلى الموضوع الأساسي، وهو هنا أول اعتذارياته للنعمان حيث كان يقول في بدايتها” يا دارَ مِية بالعلياءِ فالسندِ”، حيث كان يبكي على الأطلال التي كانت عزيزة بسبب ارتفاع مبانيها التي كانت تُقام على مكان عال، والتي كانت تستند على جبال عالية أيضاً، حيث وقف قليلاً يسألها ولكنَّه لم يجد أحداً يردُّ عليه في ذلك المكان.
وبعد ذلك يبدأ بالتعبير الذي أشتهر به الذي كرَّره في أكثر من قصيدة وهو:

يا دارَ ميةً بالعلياءِ فالسندِ
 أقوتُ وطالَ عليها سالفِ الأمدِ
 وقفتُ بها أصِيلانا أسائلُها
 عيَّتُ جواباً، وما بالربعِ من أحدِ
 أمستْ خلاءُ وأمْسى أهلها احْتَملوا 
أخنى عَليها الذى أَخْنى على لبدِ
وأخيراً: توفي النابغة الذبياني في ذات السَّنة التي قُتل فيها النعمان بن المنذر حيث كانت وفاته سنة 604 ميلادية، حيث شيع كثيراً أنَّ النعمان بن المنذر هو من أمر بقتل النابغة وأنَّهم لم يتصالحوا، وفي واقع الأمر أن النعمان قد توفي قبل النابغة.




شارك المقالة: