حدث على مرّ العصور في الكثير من المجتمعات العديد من الصراعات حول قضية الطائفية، ولا تقتصر طائفية الدين فهناك طائفية الطبقات، والتي كانت تدعو إلى المساواة والعدل بين مختلف الفئات، ولكن من المؤكد أنه في النهاية سوف ينتصر العدل ويتحقق ما دام هناك من يطالب به ويسعى إليه.
قصة آراكشان
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في دولة الهند حول الشخصية الرئيسية فيها وهو يدعى السيد براباكار أماندا، يعمل كرئيس لإحدى الجامعات الشهيرة في الهند، ولكن لم تكن تلك الجامعة من الجامعات الحكومية، بل من الجامعات الخاصة التي تعود مليكتها إلى أحد المستثمرين المغتربين، وقد كان السيد أماندا من الأشخاص الفاعلين في المجتمع وعلى الدوام يشارك آراءه في كافة القرارات التي تتخذ على الملأ من قِبل الحكومة.
وفي يوم من الأيام تم طرح من قِبل مجموعة من الشخصيات البارزة في البلاد مجموعة من القرارات التي تشير إلى تخفيف عبء الضرائب على الفقراء، وقد كانت تلك الشخصيات التي قدمت القرارات هم من الذين يمسكون مناصب مهمة ومراكز رفيعة المستوى في الدولة، وأول ما تم إصدار تلك القرارات عبر السيد أماندا عن رأيه فيها، إذ شجع بشدة مثل تلك القرارات وأيدها بشكل كبير، كما أنه أوضح سوف يكون من أكبر الداعمين لمثل تلك القرارات، ولكن من المؤسف أن تعبير السيد أماندا عن رأيه لم يحظى بإعجاب المسؤولين في الجامعة، والذي بدورهم طالبوا المستثمر ومالك الجامعة أن يقوم بالطلب من السيد أماندا أن يقدم استقالته.
ومنذ ذلك اليوم وقد شنوا حرب قوية ضده، وقد أوصلت به تلك الحرب إلى التخلي عن منزله، حيث أن ذلك المنزل كان يقدم كمنحه لمن يمتلك رئاسة الجامعة فقط، وأنه أول ما يستقيل رئيس الجامعة يخرج من ذلك المنزل ويتم تسليمه لمن يتولى رئاسة الجامعة بعده، وفي تلك الأثناء تم تعيين أحد الأشخاص خلفاً للسيد أماندا وهو ما يعرف باسم السيد سينغ، وقد كان السيد سينغ هو من الأشخاص الذين يسيرون على خط موازي مع الإداريين الكبار في الجامعة، وأول ما تم الاستيلاء على منزل السيد أماندا تم تحويله ليصبح أحد المكاتب التابعة لهم والخاصة بهم؛ وذلك من أجل أن يخيطون به كافة اجتماعاتهم الخاصة والسرية.
ومنذ تلك اللحظة التي استقال بها السيد أماندا وخرج من منزله كان قد دخل في دوامة من الحزن واليأس، وبعد التفكير جلياً في الوصول إلى حل يخرجه من حالته تلك، فقد أصبح في الشارع لا يوجد مكان يأويه، وهو في ذلك الوقت يجلس في أحد الفنادق لحين الوصول إلى حل، وأخيراً توصل إلى شيء واحد وهو أن يلجأ إلى أحد أصدقائه المقربين والذي كان يدعى السيد شمبو، وقد كان صديقه ذلك من الأشخاص البسطاء والفقراء، ويقيم في منطقة صغيرة نائية، وكل ما يمتلكه في هذه الحياة ويقيت به عائلته هو اسطبل للخيول.
وأول ما وصل إلى مكانه طلب منه أن يستقبله لفترة هو وعائلته، وبالفعل سمح له السيد شمبو الإقامة مع عائلته في المنزل، حيث أن عائلة السيد أماندا كانت خفيفة لطيفة تتكون منه وزوجته وابنته الشابة، وفي تلك القرية بدأ رئيس الجامعة السابق في تعليم أطفال تلك القرية من الفقراء بالمجان؛ وقد كان من يدفعه لذلك هو إيمانه بأهمية العلم ودورة العظيم في تنمية وعي الشباب الهندي وتثقيفه.
وبقي رئيس الجامعة على تلك الحال لفترة لا بأس بها، وبالفعل تؤتي التجربة ثمارها وتفلح نبتة المعلم، حينما بدأت الطلبة بالتفوق وجني العلامات العالية، ويوماً بعد يوم بدأت تنهال عليه وفود الطلاب من كافة أرجاء المدينة طلبًا للعلم، ففي بداية مشوراه التعليمي كان قد بدأ بخمسة من الطلاب وبعد السمعة الطيبة التي تركها أصبحوا ما يزيدوا على ثلاثمئة طالب، وحينما وصل ذلك الأمر إلى مسامع السيد سينغ رئيس الجامعة الحالي أصيب بحالة من الغضب كبيرة؛ وذلك لأنه في ذلك الوقت كان يمتلك أحد المراكز التعليمية للتدريس، ويوماً بعد يوم بدأوا الطلاب الانتقال من مركزه إلى مدرسة الإسطبل التي يدرس بها السيد أماندا.
ومنذ ذلك اليوم وقد قرر السيد سينغ محاربته بكافة السبل والوسائل، وقد لجأ إلى إغراء المدرسين العاملين معه بالمال، وفي حال رفضوا ذلك كان يقوم بتهديدهم بالقتل من أجل تركه، وفي الكثير من الأحيان كان يحاول اللجوء إلى أهالي الطلاب ومحاولة التأثير عليهم ويدخل لهم من باب النزعة الطبقية، أي أنه كيف لأبناء ذوي الطبقات العليا أن يتعلموا مع الفقراء ويجلسوا إلى جانبهم، وبالفعل يتأثر بعض الأولياء وذهبوا للسيد أماندا طالبين منه تعليم أبنائهم بشكل منفصل، لكنه رفض كليًا ذلك الأمر وأصر على عدالة التعليم.
وفي يوم من الأيام وقع السيد أماندا تحت ضغط وفود الطلاب الكثيفة، وقد كان في ذلك الوقت يعمل بمفرده جراء تهديدات السيد سينغ إلى المدرسين الذين كانوا يعملون معه وتركهم له، فتبدأ بمساعدته ابنته الشابة إلى جانب اثنين من الطلاب الذين تتلمذوا على يده في السابق، وقد كان وقع بينه وبينهم سوء تفاهم في الماضي، ولكنهم حين تعرض لتلك الأزمة وقفوا إلى جانبه معترفين بفضله عليهم وبصحة مواقفه.
وفي يوم من الأيام بدأت تتطور الأحداث وتزداد الأزمة على السيد أماندا، وذلك جراء قيام أحد الوزراء بالتواطئي مع السيد سينغ والاتفاق معه على اللعب في أوراق ملكية الإسطبل؛ وقد كان غايتهم من ذلك هو أنهم أرادوا الوصول إلى حبس مالك الاسطبل السيد شمبو حتى تنتفع به الحكومة، وأن تقوم بإرسال عناصر الشرطة من أجل القيام بهدم مدرسة الإسطبل، والتي كانت أكبر صرح شهدت على نجاح الألاف من الطلاب المبدعين.
ولكن ما حدث في ذلك الوقت هو أن السيد أماندا قد وقف هو وعائلته وجميع الطلاب الذين تتلمذوا على يده كحصن منيع لصد ومنع أي قوة من تدمير حصن العلم الذي بناه الأستاذ الجامعي العظيم، وعلى الرغم من كافة المحاولات التي قام بها الوزير ومجموعة من المسؤولين في الجامعة الخاصة من أجل النيل من هذا الرجل الجليل الكبير في القيمة والقدر، إلا أن كافة محاولاتهم ذهبت أدراج الرياح وقد انكسرت أمام قوة العلم والإرادة ووحدة الجميع.
وفي النهاية ظهر مالك الجامعة ومستثمرها والتي كانت سيدة ذات نفوذ وسلطة كبيرين، والتي بدورها قامت بردع الوزير عن هدم الإسطبل وقدمت عظيم الامتنان والشكر إلى السيد أماندا على تجربته الناجحة وأوعزت بقرار إعادته إلى منصبه كرئيس للجامعة ليعود كل شيء لمكانه الطبيعي كما كان في السابق.