قصة أورسون - التضحية

اقرأ في هذا المقال


قصة أورسون – التضحية أو (The Sacrifice, Ourson) هي حكاية فرنسيه خيالية، من كتاب أورسون، يحتوي هذا الكتاب على ثلاثة عشر حكاية شعبية فرنسية طويلة، كل قصة لها عدّة فصول، للمؤلف (Comtesse de Ségur) للناشر (Penn Publishing Company).

الشخصيّات:

  • أورسون.
  • فيوليت.
  • باسيروس.
  • أجنيلا.
  • الجنيّة الطيبة.
  • الجنيّة الشريرة.

قصة أورسون – التضحية:

عندما أكمل روايته لفيوليت، سمعوا صوت باسيروس يصرخ لهم: انظروا، انظروا يا أولادي! السلم، سأضعه لكما، احذروا حتى لا يقع على رؤوسكم، ثمّ قالت: أرى أنّ لديك بعض المؤن هناك، أحضرهم إذا سمحت، نحن معدمون إلى حد ما هنا، ومنذ يومين لم نشرب سوى القليل من الحليب، كانت أجنيلا التي لا تزال شاحبة ومرتعشة، وثابته مثل التمثال.

بعد أن رأت أجنيلا أورسون بأمان، ألقت بنفسها بين ذراعي ولدها، وغطّته بالدموع والقبلات، ثمّ قاطعتهم باسيروس وقالت: العشاء جاهز، تعالوا لنأكل، أنتم جميعًا بحاجة إلى الطعام، وعندما انتهى العشاء، تفاجأت باسيروس بأنّ الجنيّة دولريت لم توفر لهم كل ما يريدونه، وقالت: انظروا، المنزل في حالة خراب، ونحن محرومون من كل شيء!

الإسطبل هو ملجأنا الوحيد، القش هو سريرنا الوحيد والمؤن التي أحضرتها من البئر طعامنا الوحيد، وفي السابق كان كل شيء يُقدم لنا من قبل قبل أن نطلب ذلك، وعندما نظرت أجنيلا فجأة إلى يدها، لم يعد الخاتم موجودًا! يجب عليهم الآن أن يكسبوا طعامهم من عملهم وتعبهم، فقالت أجنيلا: للأسف! أطفالي، أثناء الحريق فقدت الخاتم الذي أعطتني إياه الجنيّة الطيبة، وكان هذا الخاتم يزودنا بجميع مستلزمات الحياة ما دام في إصبعي.

قال أورسون: تخلصي من القلق يا أمي العزيزة، سأبحث عن عمل ويمكنكم جميعاً العيش بأمان، وفي اليوم التالي سار أورسون للبحث عن عمل، وطرق جميع الأبواب مدة ثلاثة أيام، ولكنّه وجد أنّ الجميع يخاف وينفر من مظهره خوفاً منه، ومنهم من أستهزأ به، أدار أورسون خطواته إلى المنزل، محبطًا ومرهقًا، ووصل إلى المزرعة متأخرًا. ركضت فيوليت لمقابلته، وأخذته من يده، وقادته إلى والدته دون أن تنطق بكلمة واحدة.

وهناك طلبت منهما الجلوس وقالت:  أمي أجنيلا، أنا أعرف ما عانى منه أورسون اليوم أثناء غيابه، أخبرتني الجنيّة فيوريوس كل شيء وأكدت الجنية الطيبّة دولريت كلامها، وأنا أعلم أنّه من خلال تغيير الجلد معه يمكنني أن أعيد له جمال شكله الأصلي، وأنا أشعر بالسعادة بعد أن أتيحت لي هذه الفرصة لمكافأة حنان وتفاني أخي العزيز المحبوب أورسون، وأنا أريد إجراء هذا التبادل الذي سمحت به الجنيّة دولريت، وأحثها على إكمال التبادل على الفور.

صرخ أورسون في هياج عظيم: فيوليت! فيوليت!  استرجعي كلامك! أنت لا تعرفين ما تفعلينه بنفسك، أنت تجهلين حياة الكرب والبؤس الذي لا مثيل لهما، لماذا تطلبين حياة العزلة لنفسك، أنت لا تعلمين البؤس والحزن الذي ستشعرين به عند معرفة أنك موضوع خوف للناس، فيوليت، أرجوكي اسحبي كلامك! قالت فيوليت بهدوء، ولكن عزيزي أورسون، في تقديمي ما تعتقد أنّه تضحية كبيرة جدًا، أحقق أعز أمنية لقلبي.

ثمّ قال أورسون: أتوسل إليك يا فيوليت! فكري في حزني عندما لم أعد أرى فيوليت الجميلة، لا تحكمي عليّ بهذا الألم، كان وجه فيوليت الجميلة مليئاً بالحزن، حيث كان الخوف من أن يشعر أورسون بالاشمئزاز تجاهها جعل قلبها يرتجف، لكنّ هذا الفكر كان سريع الزوال، ولا يمكن أن ينتصر على حنانها المتفاني، وكان ردها الوحيد هو إلقاء نفسها بين أحضان أنجيلا، وقالت: أمي، احتضني فيوليت الجميلة للمرة الأخيرة.

وبينما كانت تحتضنها نادت فيوليت مرة أخرى بصوت عال: الجنيّة دروليت! تعالي وتقبلي ثمن حياة وصحة عزيزي أورسون، وفي هذه اللحظة ظهرت الجنيّة دروليت في كل مجدها، كانت جالسة في عربة ضخمة من الذهب، تجرها مائة وخمسون قُبّرة، وكانت ترتدي رداءً من أجنحة الفراشات، ثمّ ركزت على فيوليت بأكبر قدر من الحنان، وقالت: هل تتمنى ذلك إذاً يا ابنتي؟.

صرخ أورسون: سيدتي: أنت طيبة وعادلة، هل ستجعلين حياتي كلها بائسة بإجباري على قبول هذه التضحية؟ أنت جنيّة ساحرة وإنسانية، لا تستطيعين أن تفعليها! وبينما كان أورسون يتوسل هكذا، حرّكت الجنية تجاه فيوليت لمسة خفيفة بعصاها من اللؤلؤ وأورسون لمسة أخرى، ثمّ قالت: فليكن حسب رغبة قلبك يا ابنتي، وليكن ذلك مخالفًا لرغباتك المتحمسة يا بني.

وفي نفس اللحظة، تمّ تغطية وجه الفتاة الجميلة وذراعيها وجسمها بالكامل بالشعر الطويل الذي كان يغطي أورسون، وظهر أورسون ببشرة بيضاء ناعمة، وظهر جماله الشديد، نظرت إليه فيوليت بإعجاب بينما كانت عيناه مليئتان بالدموع، ولم يجرؤ على النظر إلى فيوليت المسكينة التي تحولت بشكل فظيع، أخيرًا ألقى بنفسه بين ذراعيها وبكيا معًا.

كان أورسون وسيم بشكل رائع، كانت فيوليت كما كان أورسون في السابق، بلا شكل وبلا جمال، وعندما رفعت فيوليت رأسها ونظرت إلى أجنيلا، ومدت أجنيلا يديها نحوها وقالت: شكراً يا ابنتي، طفلتي النبيلة الكريمة، قالت فيوليت بصوت منخفض: أمي، هل ما زلت تحبيني؟ فقالت أجنيلا: أحبك يا طفلتي العزيزة، مائة مرة أكثر من أي وقت مضى، قال أورسون: فيوليت، لا تخشى أبدًا أن تكون قبيحة في أعيننا.

بالنسبة لي، أنت أجمل مائة مرة ممّا لو كنت بكامل جمالك، بالنسبة لي أنت أخت، وصديقة لا تظاهى، واستظلي دائمًا رفيقة حياتي، وفجأة سمعوا نوع من الزئير في الهواء، ورأوا عربة مصنوعة من جلد التمساح يجرها خمسون ضفدع ضخم، وكل الضفادع كانت تهسهس وتنفخ، وكانت تلقي بسمها في كل اتجاه، وعندما وصلت المركبة إلى الأرض، خرجت منها الجنيّة الغاضبة، وكانت مخلوقة ضخمة وثقيلة.

بدت عيناها الكبيرتان تنفجران من تجاويفهما، وغطّى أنفها المسطح الكبير خديها المجعدتين، وكان فمها المتوحش من أذنها إلى أذنها، وعندما كان مفتوحًا شوهد لسان أسود طويل مدبب يلعق أسنانها الرهيبة، كان ارتفاعها أكثر من ثلاثة أقدام وكانت ممتلئة الجسم، كان جلدها مثل جلد الحلزون وشعرها الأحمر الرقيق يتساقط في خصلات ذات أطوال غير متساوية حول حلقها.

بدت يديها الكبيرة المسطحة مثل زعانف سمكة قرش، ثمّ تقدمت نحو أورسون بخطوة بطيئة، وتوقفت أمامه وألقت نظرة غاضبة على الجنية دولريت، وعين الانتصار الساخر على فيوليت، طوت ذراعيها الباردتين، وقالت بصوت حاد وأجش: أختي انتصرت عليّ أيّها الأمير الرائع، لكن لديّ عزاء واحد وهو أنّك لن تكون سعيدًا، لأنّك حصلت على جمالك الأصلي على حساب تلك الحمقاء الصغيرة التي أصبح الآن مخيفة ومثيرة للاشمئزاز.

والآن أنت لا ترغب في الاقتراب منها أبدًا، ثمّ قالت الجنيّة الشريرة: نعم ابكي أيّها الوسيم أورسون! وستبكين طويلًا يا فيوليت، وسوف تندمين بمرارة، لأنّك أعطيت بشرتك الجميلة للأمير مارفيلوس.


شارك المقالة: