تناولت هذه القصة في مضمونها الحديث حول أحد الفتية والذي أصبح يرى أنه في عمر يخجل به من أن يقوم والده بتقبيله أمام زملائه في المدرسة حينما يأتي لاصطحابه للمنزل، ولم تكن لديه الجرأة في أن يطلب من والده أن يكف عن ذلك في البداية، ولكن أخيراً تمكن من الحديث معه.
الشخصيات
- الفتى آديم
- والد الفتى آديم
- زميلة آديم إيميلي
- صديق آديم بين
- صديق آديم جوناثان
- الطالب متين
قصة إحراج آديم
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في مملكة بريطانيا العظمى، حيث أنه في يوم من الأيام في واحدة من القرى التابعة إلى المناطق الجنوبية من مدينة لندن كان يعيش هناك فتى يدعى آديم، كان من الفتية الفضوليين في القراءة، ومن أكثر الكتب المحببة لدية هو كتاب غينيس للأرقام القياسية.
وعلى الدوام كان آديم يحب الحديث عن كل شيء يقوم بقراءته في ذلك الكتاب، وأكثر ما كان يثير انتباهه في ذلك الكتاب هو أحد السلاطين التركيين ويدعى كوسين؛ وذلك لأنه يبلغ ارتفاعه ثمانية أقدام وبوصة واحدة، وهو أطول رجل على قيد الحياة حسب كتاب غينيس.
كان آديم يتميز بشعره الداكن والبشرة الزيتونية، فهو من أب تركي وأمه إنجليزية، ويقضي وقته في المدرسة برفقة أصدقائه الاثنان وهما كل من بين وجوناثان وكلاهما ذو شعر أشقر وبشرة ناعمة.
وفي يوم من الأيام في المدرسة جاء أحد الطلاب وألقى التحية على آديم بقوله مرحبا، وحينما سمع آديم بتلك الكلمة استدار، وإذ به طالب من أصول تركية ويدعى متين، فقد كانت تلك الكلمة هي من اللغة التركية، وفي تلك اللحظة تذكر آديم أنه حينما كان في سن مبكر من عمره وسأل والده حول فيما إذا هو تركي أم إنجليزي، فأجابه والده التي أنه تركي وإنجليزي سوياً لا فرق بين ذلك، وفي يوم من الأيام حدث كرنفال في المدرسة وفي ذلك الكرنفال رسم آديم على وجهه علم بريطانيا، وحينما عاد إلى المنزل صدم والده بذلك، ولكنه أشار إليه بقوله ألم تقل لي أنني تركي وإنجليزي معاً، صمت والده للحظات وقال: نعم يا بني كلا البلدين واحد.
وفي ذات مرة كان آديم يتحدث إلى أحد أجهزة التسجيل عن الحياة التي يعيشها، إذ كان يدون كل ما يشعر به ويسجله، وأول ما تحدث به هو أنه والده يمتلك مطعم، وفي ذلك المطعم يقوم بصنع الأطعمة التركية النباتية اللذيذة جداً، مثل الباميا والكباب، ولكن فجأة بدا آديم وكأنه لا يشعر بالراحة، وكأن هناك شيئًا يريد أن يتحدث به، ويصوغ الكلمات داخل رأسه، وفي لحظة ما قال: يوم الخميس والدي يأخذني من المدرسة ويحرجني، أريد أن أتحدث به ذلك الأمر، ولكن لا أريد أن أجرح مشاعره، فأنا أحبه كثيراً، ومن ثم صمت.
ومن ثم استطرد حديثه قائلاً: على سبيل المثال يوم السبت الماضي بعد أن كنا نسبح اشتريت كعكة شوكولاتة، وكان صديقي بين ووالدي معي في أحد المقاهي، وبينما كنت آكل قطعة من الكعكة همس والدي في أذني وطلب مني أن أعطي قطعة من كعكي لصديقي بين، وأشار إلي أن تلك العادة في الثقافة التركية، كنت حينها أريد أن أشرح لوالدي أنه في الثقافة الإنجليزية من سوء الأدب أن أقدم لصديقي كعكة نصف مأكولة.
ومن ثم قال: كان والدي على الدوام يتحدث عن الثقافة التركية، على الرغم من أنه عاش في إنجلترا فترة طويلة، ولديه الكثير من الأصدقاء الإنجليز وهذا جيد، لكن يصعب علي أحيانًا فهم بعض التقاليد التركية.
ففي الكثير من الأحيان كان والدي يتسبب لي بالإحراج أمام أصدقائي، لقد حاولت أن أفعل شيئًا حيال هذا الإحراج، لكن الأمر لم ينجح بعد، فقد كانوا جميع الطلاب ينتظرون أن يأخذهم آباؤهم، وبعضهم الآخر يتجه إلى الحافلة أو يسيرون إلى المنزل في أزواج، بينما أنا كنت أتظاهر بأنني اقرأ بكتابي، إذ لم لا أريد أن يكون أي من أصدقائي بالقرب مني عندما يأخذني والدي، وعلى وجه الخصوص زميلتي إيميلي، والتي كانت في ذلك الوقت متشاركة معي في أحد المشاريع المدرسية التي تُعنى بإنشاء قلعة، والذي فزنا به سوياً.
وفي يوم من الأيام في اللحظة التي جاء به والد آديم من أجل اصطحابه من المدرسة كانت إيميلي تقترب منه، وهنا دخل آديم في حالة من الارتباك، وتحيل أنه يقوم بربط حذائه، وأول ما وصل إليه والده على الفور احتضن والده وقبله ودخل على السيارة قبل أن تقترب منه إيميلي أكثر، وأثناء الطريق سأل الأب ابنه: هل أنت بخير، فأجاب آديم: نعم، ولكن صوته ليس مقنعًا جدًا، مما جعل والده يصر على أن يخبره ما به، تردد في البداية ولكنه استجمع نفسه للتعبير عن رأيه، وأول ما تحدث به قال: هناك شيء يزعجني، فقال الأب: هل هو شخص ما في المدرسة، أم مدرس، أم صديق، أم متنمر؟، فأجاب آديم لا يا والدي، فقال الأب: من إذاً؟.
وفي تلك الأثناء ساد الصمت على آديم، وحينما وجه والده السيارة نحو القرية أخذ آديم نفساً عميقاً، ثم قال: أنت يا والدي أنت من ازعجتني، وهنا تفاجأ الأب وقال: أنا ماذا فعلت؟! وفي تلك اللحظة أوقف والده السيارة على جانب الطريق، وقال: أخبرني ماذا فعلت يا آديم؟.
وفي تلك اللحظة نظر آدم إلى والده بحواجبه الكبيرة الكثيفة والخطوط التي تجعد جبهته وتجعله يبدو وكأنه غاضب، ولكن آديم أن والده ليس غاضبًا وإنما مستاء، وهنا شعر بالحزن لأنه جعل والده في تلك الحالة، لكنه استجمع قواه من جديد محاولاً أن يشرح ما يدور بداخله، وقال: أنت تعلم يا والدي أنني أصبحت في الحادية عشرة من عمري، وأنني بالغ جدًا، فأجابه والده وهو يشعر بالفخر من كلام ابنه: نعم، بالتأكيد.
وأكمل آديم حديثه بقوله: أنت تعلم أنه كان من الجيد احتضاني وتقبيلي أمام أصدقائي عندما كنت في المدرسة الابتدائية، لكنني لا أريدك أن تفعل ذلك أمام أصدقائي بعد الآن، فرد عليه والده: إذن، أنت لا تريدني أن أقبلك وأحتضنك بعد الآن، أليس كذلك؟، فأجاب آديم: لا يا والدي يعجبني حينما تعانقني، لكنني لا أريدك أن تقبّلني وتحتضنني أمام أصدقائي؛ وذلك لأنني أكبر من ذلك وسوف يسخرون مني.
وهنا قال الأب: إن تلك العادة من الثقافة التركية، واستطرد حديثه وهو تعتلي وجهه الابتسامة، وقال: هل أصنع كوبًا من الشاي لك ولوالدتك حينما نعود إلى المنزل؟، فابتسم آديم وقال: لكن من فضلك لا تضع أي حليب في الشاي الخاص بي، أنت تعرف أنني أحبها سوداء، وهنا قال الأب وهو يغمز ابنه: هذه هي الطريقة التركية لتناول الشاي، والطريقة التركية هي الأفضل بالنسبة لي.
وفي النهاية قال الأب: هل يمكننا أن نلعب مباراة الليلة؟ وهنا أدرك آديم أن والده لم ينزعج من كلامه، وقال: يمكننا أن نلعب مباراة الليلة طالما أنك لا تغلبني كما فعلت الليلة الماضية، وأكملا آديم ووالده مسيرهم نحو المنزل وهما يضحكان ويواصلان الحديث عن يوم آديم في المدرسة وكل الأشياء التي قام بها وكل الحقائق التي حفظها من كتابه في غينيس للأرقام القياسية، وكان ذلك اليوم هو آخر مرة أحرج بها الأب ابنه أمام أصدقائه.
العبرة من القصة هو أن هناك الكثير من العادات التي يتبعها الآباء على أبنائهم من منطلق شعور الأبوة، ولكن في الكثير من الأحيان يصل الأبناء إلى عمر معين ويصبحوا يرفضون تلك العادات بحجة أنهم كبروا عليها.