قصة إيفان ابن الفلاح

اقرأ في هذا المقال


قصة إيفان ابن الفلاح أو (Story of Ivan, the Peasant’s Son) هي حكاية فولكلورية روسية، تم جمعها من كتيبات روسية مختلفة لمؤلف غير معروف، حررها روبرت ستيل، نشرها
(A. M. Philpot، Limited، London) روبرت إم ماكبرايد.

الشخصيات:

  • الابن إيفان.
  • الأميرة لوتاو.
  • الملك.
  • بولكان.

قصة إيفان ابن الفلاح:

كان هناك فلاحًا فقيرًا يعيش مع زوجته التي أنجبت ابنًا صغيرًا أطلقوا عليه اسم إيفان، كبر الولد ولكن عندما كان في الخامسة من عمره لم يكن يستطيع المشي، كان والده ووالدته حزينين للغاية، ويصليان أن يكون ابنهما قويًا على قدميه، ولكن كبر الفتى ولم يستطع استخدام قدميه لمدة ثلاث وثلاثين سنة.

وذات يوم ذهب الفلاح مع زوجته إلى الكنيسة، وبينما هم بعيدون، جاء رجل متسول إلى نافذة الكوخ وطلب صدقات من ابن الفلاح إيفان، فقال له إيفان: سأقدم لك شيئًا بكل سرور، لكنّي لا أستطيع النهوض من مقعدي، ثمّ قال المتسول: قم وأعطني صدقة! قدميك قوية، وفي لحظة نهض إيفان من كرسيه، وكان سعيدًا جدًا بقوته الجديدة ودعا الرجل إلى الكوخ وأعطاه طعامًا ليأكله.

لكنّ المتسول لم يأكله بل أمر إيفان بأكل الطعام بنفسه وهو ما فعله، ثمّ قال المتسول: أخبرني يا إيفان، ما مدى قوتك؟ أجاب إيفان: قوي جداً، ثمّ قال المتسول: هذا جزاء تلبيتك طلبي واختفى، تاركًا إيفان واقفًا تائهًا في ذهول، وفي وقت قصير عاد والده ووالدته إلى المنزل، وعندما رأوا ابنهما قد شفي،سألوه كيف حدث ذلك، ثمّ أخبرهم إيفان بالقصة.

ظنّ كبار السن أنه لا بد أنه لم يكن متسولًا بل كان رجلاً مقدسًا شفاه، وشعروا بالفرح الكبير، بعد ذلك ذهب إيفان لتجربة قوته، وكان يتجول في القرية بأكملها وهو يصرخ ويهدم ويكسر الصخور مفتخراً بقوته، ثمّ عاد إلى الكوخ ليأخذ إذناً من والديه للسفر خارج البلاد ويطلب مباركتهم، سقط والده في البكاء بمرارة عندما تحدث عن تركهم، وحثّه على البقاء لفترة أطول قليلاً.

لكنّ إيفان لم يستجب لدموعهم، وقال: إذا لم تعطوني موافقتكم فسأذهب بدونها، فأعطاه أبواه بركتهما، وعندئذٍ خرج مباشرة من الفناء، وتجول عشرة أيام حتى وصل مطولاً إلى مملكة كبيرة، كان قد دخل المدينة بصعوبة عندما اندلع ضجيج وصراخ عظيمين حتى أنّ القيصر كان خائفًا جدًا لدرجة أنه أمر بإصدار إعلان، أن كل من يهدئ الضجيج ويكتشف مصدره سيزوجه من ابنته.

وعندما سمع إيفان هذا ذهب إلى القصر وأبلغ القيصر بأنه مستعد لتهدئة الضجيج، لذا ذهب البّواب مباشرة وأخبر القيصر الذي أمر باستدعاء إيفان ابن الفلاح، فقال له القيصر: يا صديقي هل ما قلته للبواب صحيح؟ أجاب إيفان: هذا صحيح، لكنني لا أطلب مكافأة، فقط أريد من جلالتك أن تعطيني سبب الضجيج، ضحك القيصر وقال: أنا لا أعرفه عليك الاكتشاف بنفسك،ثمّ ذهب إيفان إلى البّواب وطلب منه مائة عامل، وتمّ منحه طلبه على الفور، وأمرهم إيفان بحفر حفرة أمام القصر.

ولمّا حفر الرجال الأرض رأوا بابًا من حديد بحلقة نحاسية، لذا رفع إيفان هذا الباب بيد واحدة ورأى فرسًا مربوطاً بالكامل، وعليه بدلة ودرع فارس، وعندما رأى الحصان إيفان جثاً على ركبتيه أمامه وقال بصوت بشري: آه، أنت شاب شجاع إيفان نجل الفلاح، لقد وضعني الفارس الشهير لوكوبيرو هنا، ولمدة ثلاث وثلاثين عامًا كنت في انتظارك بفارغ الصبر.

ثمّ قال الحصان: اجلس على ظهري، واركب أينما شئت، سأخدمك بأمانة كما خدمت لوكوبيرو الشجاع ذات مرة، شدّ إيفان حصانه الجيد ووضع سرجًا من الذهب على ظهره، ولفّ حوله عشرة أحزمة حريرية غنية، ثمّ قفز على السرج فاهتزّ الحصان وقام من الأرض منطلقاً نحو  الغابة، وغطى الأنهار الكبيرة بذيله، وأطلق بخارًا كثيفًا من أذنيه، وألسنة اللهب من أنفه.

وبعد ركوبه لفترة، أوصل إيفان ابن الفلاح إلى بلد غير معروف وركب فيها ثلاثين يوماً حتى وصل مطولاً إلى الإمبراطورية الصينية، وهناك ترجل وأرسل حصانه الجيد إلى الحقول المفتوحة، بينما ذهب إلى المدينة واشترى لنفسه عمامة ولفّها فوق رأسه، ودار حول قصر القيصر، ثمّ سأله الناس من أين أتى؟ وما اسم والده وأمه، لكنّ إيفان رد فقط على أسئلتهم: لا أعرف.

لذلك أخذوه جميعًا على أنّه أحمق، وذهبوا وأخبروا القيصر الصيني عنه، ثمّ أمر القيصر باستدعاء إيفان، وسأله من أين أتى وما هو اسمه، لكنّه أجاب كما في السابق: لا أعرف، لذلك أمره القيصر بطرده من البلاد، لكنّ حدث أن كان هناك بستاني بين الحشد الذي توسل إلى القيصر أن يعطي الأحمق له حتى يستخدمه في العمل معه.

وافق القيصر، وأخذ الرجل إيفان إلى الحديقة، وأمره بإزالة الحشائش التي في البستان، ثمّ استلقى إيفان تحت شجرة ونام بسرعة، و استيقظ في الليل وكسر كل الأشجار في الحديقة، وفي وقت مبكر من صباح اليوم التالي، جاء البستاني ونظر حوله وكان مرعوبًا مما رآه: فذهب إلى إيفان ابن الفلاح وسقط بدأ في الإساءة إليه، وسأله من الذي دمر كل الأشجار.

لكنّ إيفان رد فقط: لا أعرف، كان البستاني يخشى إخبار القيصر بهذا، لكنّ ابنة القيصر نظرت من نافذتها بدهشة ورأت الدمار  الذي لحق بالحديقة، وسألت البستاني من فعل هذا؟ أجاب البستاني أنّ الأحمق الغريب دمر الأشجار الجميلة، لكنّه ناشدها ألا تخبر والدها، ووعدها بجعل الحديقة في حالة أفضل مما كانت عليه من قبل.

لم ينم إيفان في الليلة التالية بل ذهب وسحب الماء من البئر وسقى الأشجار المكسورة، وفي الصباح الباكر بدأت في النهوض والنمو، وعندما أشرقت الشمس كانت جميعها مغطاة بأوراق الشجر، وكانت أجمل من أي وقت مضى، وعندما جاء البستاني إلى الحديقة اندهش من التغيير، لكنّه لم يطرح أي أسئلة لأنه عرف أنّ أيفان لن يجيب.

وعندما استيقظت ابنة القيصر، قامت من سريرها ونظرت إلى الحديقة ورأتها في حالة أفضل من ذي قبل، ثمّ أرسلت إلى البستاني وسألته كيف حدث كل هذا في وقت قصير جدًا، لكنّ الرجل أجاب بأنّه لا يستطيع أن يفهم الأمر بنفسه، كانت الأميرة حكيمة وذكية بشكل رائع، ومنذ تلك اللحظة أحبته أكثر من نفسها، وأرسلت له الطعام من مائدتها الخاصة.

كان للقيصر الصيني ثلاث بنات، كلهنّ جميلات للغاية، كانت الأكبر تدعى دواسا، والثانية سكاو ، والأصغر التي وقعت في حب إيفان نجل الفلاح، كان اسمها لوتاو، ذات يوم ناداهنّ القيصر وقال لهن: بناتي العزيزات، أيتها الأميرات الجميلات حان الوقت الذي أتمنى أن أراكنّ متزوجات، وقد دعوتكن ّ الآن لأطلب منكنّ اختيار أزواج من أمراء البلدان المجاورة.

ثمّ قامت الكبرى على الفور بتسمية اثنين من الأمراء، لكنّ الصغيرة بدأت في البكاء، وتوسلت إلى والدها أن يعطيها إيفان زوجًا، وعند هذا الطلب، اندهش القيصر وقال: هل فقدت عقلك، يا ابنتي إنك ترغبين في الزواج من الأحمق الذي لا تعرفين شيئًا عنه والذي لا يستطيع التحدث حتى بكلمة؟ فأجابت: أتوسل إليك يا سيدي، أن تدعني أتزوجه، فقال القيصر بحزن: إذا لم يسعدك شخص آخر، خذيه فأنا موافق.

بعد فترة وجيزة، أرسل القيصر إلى الأمراء الذين اختارتهم بناته كأزواج واستجابوا للدعوة على الفور، وجائوا بسرعة إلى الصين، وتمّ الاحتفال بالعرس، وكانت الأميرة لوتاو متزوجة أيضًا من إيفان نجل الفلاح، وسخرت منها أخواتها الأكبر منها لأنها اختارت زوجًا أحمق، وبعد ذلك بوقت قصير غزا جيش عظيم البلاد، وكان قائد الجيش اسمه بولكان الذي طلب من القيصر ابنته، لوتاو الجميلة ليتزوجها.

مهددًا أنه إذا لم يوافق فسيحرق بلاده بالنار ويذبح، شعبه بالسيف،وسيلقي القيصر في السجن، ويأخذ ابنته بالقوة، كان القيصر مذعورًا  وأمر على الفور بجمع جيوشه للخروج على جيش بولكان، ثمّ التقى الجيشان، وقاتلا مثل سحابتين رعديتين رهيبتين، وأطاح بولكان بجيش القيصر الصيني.

جاءت الأميرة إلى زوجها إيفان نجل الفلاح، وقالت له: يريدون أخذي منك،  لقد غزا الفارس بولكان بلدنا بجيشه وهزم جيشنا بسيفه الرهيب، بعد أن سمع إيفان هذا قفز من النافذة وركض في الحقول المفتوحة وصرخ بصوت عال ينادي حصانه، ركض الحصان حتى ارتعدت الأرض، وركبه إيفان وداس الجيش تحت حوافر جواده، وأخرجه تمامًا من المملكة.

كانت عمامة إيفان قد سقطت في المعركة وظهر شعره الأشقر منها، وعند رؤية هذا جاء القيصر الصيني إلى إيفان، لكنه لم يعرفهرودعاه إلى قصره  لكن إيفان رفض الدعوة و ركب بعيدًا، وترك حصانه يركض في الحقول المفتوحة وعاد إلى القصر، وتسلل مرة أخرى عبر النافذة، ووضع العمامة فوق رأسه، واستلقى للنوم، في تلك الأثناء أقام القيصر وليمة عامة على هذا النصر العظيم واستمرت عدة أيام.

وعندما سمعت الأميرة عن الفارس الذي كان سبب في نصر جيش والدها ، عادت إلى بيتها، ورأت الدم على يد إيفان اليسرى، والآن عرفت أنه هو الذي هزم بولكان، ثمّ ركضت على الفور إلى والدها وقادته إلى بيتها وقالت: انظر يا أبي! لقد أخبرتني أنني تزوجت أحمق، انظر عن كثب إلى شعره، وإلى هذا الجرح الذي أصيب به من بولكان، ثمّ رأى القيصر أنه هو الذي انقذ إمبراطوريته، وفرح بشدة.

وعندما استيقظ إيفان، أخذه الإمبراطور بيديه وقاده إلى القصر، وشكره على الخدمات التي قدمها، و وضع التاج على رأس إيفان، ثمّ اعتلى إيفان العرش، وحكم بسعادة، وعاش مع زوجته لسنوات عديدة في أعظم حب.


شارك المقالة: