قصة الأب الذي قتل عائلته

اقرأ في هذا المقال


من أعظم المشاعر الإنسانية في هذه الحياة هي الأبوة والأمومة، فهي من الأمور الفطرية في طبيعة البشر، وقد جبلت عليهما البشرية، ومن الطبيعي هو أن يكون الأب والأم هم مصدر الأمان والقوة ويخشون على أبنائهم من أي أذى، ولكن حينما يكونوا هم مصدر الأذى لأطفالهم وإخفاق الضوء والنور في أعينهم فهذا جرم بحد ذاته، تابع المزيد من القراءة.

قصة الأب الذي قتل عائلته

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في إحدى الولايات المتحدة الأمريكية والتي تعرف باسم ولاية فلوريدا، ففي يوم من الأيام وعلى وجه التحديد في الثامن عشر من شهر سبتمبر من عام 2009م تلقت الأجهزة مكالمة هاتفية من أحد الأشخاص تفيد بأنه هناك جريمة قتل قد حدثت للتو، وأنه قد تم العثور على ستة جثث تعود لأشخاص غير معروفين تم قتلهم داخل منزلهم الذي يقيمون به في واحدة من المناطق التي تعرف باسم منطقة نابلز.

وبعد أن تلقت عناصر الشرطة ذلك الاتصال سرعان ما تم الاستدعاء مجموعة من القوات والانتقال على الفور إلى العنوان الذي تم ذكره في المكالمة حيث وقوع الجريمة، وبعد أن وصلت عناصر الشرطة إلى هناك قامت بإجراء العديد من الفحوصات والتحريات والتحقيقات وقد تم التوصل إلى أن كامل تلك الجثث تعود إلى أشخاص جميعهم من ذات العائلة، وما كان مدهش في تلك الحادثة هو أن كافة الجثث كانت قد تلقت ذات الطعنات في منطقة العنق، وتلك الطعنات هي ما أدت إلى الموت بشكل سريع.

وأول جثة تم فحصها هي ما تعود إلى لفتى يدعى مورجان ويبلغ من العمر أحد عشر عاماً، والجثة الثانية كانت لفتى يدعى ميجان ويبلغ من العمر ثلاثة سنوات، والجثة الثالثة تعود إلى فتاة تدعى مافين وتبلغ من العمر خمسة سنوات، والجثة الرابعة تعود إلى فتاة تدعى مارفن وتبلغ من العمر ستة سنوات، والجثة الخامسة تعود إلى فتاة تدعى مشزاتش وتبلغ من العمر تسعة سنوات، والجثة الأخيرة تعود إلى سيدة تدعى جيرلين وتبلغ من العمر ثلاثة وثلاثون عامًا، وتلك السيدة تكون والدة هؤلاء الأبناء جميعهم.

وقد كانت تلك الجريمة من أبشع الجرائم التي حدثت في تلك الفترة، فمن يكون ذلك الذي بإمكانه أن يقوم بمثل تلك الجريمة الفظيعة ولديه قدره على طعن أم وأبنائها بتلك الطريقة الوحشية، وتلك الجريمة قد دفعت عناصر الشرطة إلى تكثيف عمليات البحث والتحري عن المجرم، وقد استغرق ذلك الأمر عدة أيام حتى تم إلقاء القبض على الفاعل وقد كان رب تلك العائلة والذي يدعى السيد ميساك، وقد كان السيد ميساك من المواطنين الأمريكيين من أصول أفريقية ويبلغ من العمر واحد وأربعون عامًا، وهو زوج السيدة المقتولة ووالد الأبناء الخمسة ضحايا جريمة القتل، والذي قام بارتكاب الجريمة ومن ثم همّ بالفرار والهروب إلى حيث تقيم عائلته.

وبعد التحري والبحث والتحقيق تبين أن الأب هو من قام بارتكاب تلك الجريمة النكراء بحق زوجته وأطفاله الأبرياء، وحينما تم إلقاء القبض عليه والتحقيق معه أقر السيد ميساك أنه هو من قام بذلك الجرم، على الرغم من أنه يحب زوجته إلى درجة كبيرة جداً، ولم يكن لديه سوى عائلته تلك، وأنه كان يغرقهم بمحبته ولكنه لا يعلم كيف أن حدث ذلك الأمر، وما هو الذي دفعه به من أجل ارتكاب تلك الجريمة.

وفي ذلك الوقت حينما تم إجراء لقاء من قِبل الصحافة مع السيد ميساك أقر بأنه قد ارتكب هذه الجريمة وهو في ظروف لا يعملها سوى الله، وليس لديه أدنى فكره حول ما حدث، وأنه سوف يتوسل ويتضرع إلى الله طوال حياته حتى يسامحه ويغفر له فعلته، وأخذ بالاعتذار والتأسف أمام العالم أجمع جراء ما قام بفعله، وبعد أن انتهى من اللقاء الصحفي قام بالعودة إلى المنزل وإلقاء النظرة الأخيرة على عائلته ووداعهم، ومن ثم ذهب برفقة الشرطة حتى يتلقى عقوبة ما فعل.

وأثناء قيام عناصر الشرطة في التحقيق معه في مركز الشرطة أشار إلى أن السبب في ذلك يعود إلى والدة زوجته وأخذ بإلقاء اللوم عليها كما أوضح أنها تتميز بروح شريرة ويسكن الشيطان جسدها، وهي من قامت بدفعه بفضل الشيطان التي تسيطر عليه إلى القيام بارتكاب تلك الجريمة بحق زوجته وأبنائه الذين لا ذنب لهم.

في نهاية اعترافاته طلب السيد ميساك من هيئة المحلفين الإقرار بإرساله إلى منصة الإعدام على الفور، فهو يستحق هذا الجزاء على فعلته تلك، وطوال الوقت وهو يكرر أمام المراسلين مقولة أن زوجته وأبنائه أبرياء، وهنا قام أحد الصحفيين من الذين تبعوه من أجل الحصول على نتائج التحقيقات بسؤاله عن سبب قتله لهم بما أنهم كام يدعي أبرياء، فرد عليه السيد ميساك أنه في ذلك الوقت كان مغلق العينين، وبعد أن انتهى من جريمته تمكن من فتح عيناه ورؤية ما ارتكب من جرم.

وبعد أن انتهت عناصر الشرطة من التحقيق معه والحصول على اعترافه حول الجريمة تم الإقرار بإحالته إلى الجهات المعنية والمختصة؛ وذلك من أجل الإلمام بكافة الاعترافات وإصدار الحكم بحقه، ثم بعد ذلك تم توجيه تهمة القتل العمد إليه، وحينها قامت المحكمة بإصدار حكمًا بالإعدام شنقاً بحقه.

وفي تلك اللحظة التي سمع بها السيد ميساك بالحكم عليه، قام بالاعتراض على ما حاول المحامون تقديمه من أجل تخفيف نوع الحكم عنه، بالإضافة إلى ذلك قام برفض حضور أي من شهود العيان، وعدم السماح لأي شخص بالتدخل من أجل التأثير على قاضي المحكمة ومحاولة تخفيف حكم الإعدام عنه.

وفي تلك الأثناء بسبب إصرار السيد ميساك الشديد في الاعتراف الكامل بالجريمة وعدم قبوله إلى أي حكم تخفيفي عنه، لم يتم الإقرار بتنفيذ العقوبة المقررة عليه على الفور، وكما حاولت المحكمة التأخير في تنفيذها للحكم؛ وذلك لأنها شككت بقواه العقلية وقد قامت بطلب إخضاعه إلى فحوصات أكثر دقة وحداثة، وبعد القيام بتلك الإجراءات تبين أن السيد ميساك كان يعاني في فترة سابقه من عمره من خلل في الدماغ، بالإضافة إلى العديد من إصابات القديمة وله باع طويل مع المرض العقلي، والذي كان قد بدأ معه منذ أن كان طفلاً، وعلاوة على ذلك كله كانت هناك العديد من التحديات التي تواجهها عقوبة الإعدام بحد ذاتها في ولاية فلوريدا.

وفي النهاية لجأ قاضي المحكمة والذي يدعى السيد كولير إلى الإقرار بتأجيل تنفيذ الحكم بالإعدام على القاتل، وكذلك أوعز بمراجعة قوانين الولاية ومدى دستورية تلك العقوبة الموجهة إليه، وهنا رأت المحكمة بأنه من غير الدستوري مراجعة قرار هيئة المحلفين، ومخالفته ودعوا إلى تنفيذ عقوبة الإعدام بحق القاتل وهو ما طالب به هو كذلك.

المصدر: كتاب من روائع الأدب الأمريكي المعاصر - توني موريسون - 2014


شارك المقالة: