قصة الأسد ذو العيون الحمراء

اقرأ في هذا المقال


تناولت هذه القصة في مضمونها الحديث حول أسد ولد بشكل مختلف عن بقية الأسود، وهذا ما جعلهم يعاملونه بطريقة مختلفة ويطردونه من القرية ويعزله عنهم.

الشخصيات

  • الأسد ذو العيون الحمراء
  • أسود القرية
  • التنين

قصة الأسد ذو العيون الحمراء

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في الزمن القديم في واحدة من القرى الصغيرة وعلى أطراف تلك القرية كانت هناك أراضي زراعية غنية بالمزروعات، حيث يزرع الناس محاصيلهم ويرعوا أغنامهم، القرية من المناطق الجميلة جدًا وتتميز بموقع خلاب، ولكنها في ذات الوقت منطقة خطيرة جدًا، إذ أنه في الكثير من الأحيان كان من الصعب على سكان القرية حماية المحاصيل والأغنام من اللصوص الذين يدلفون من القرى المجاورة، وبالإضافة إلى ذلك كان في فترة من الفترات تكثر الأقاويل حول وجود تنين والتي كان يشار إليه أنه سوف يأتي في إحدى الليالي ويحرق المحاصيل ويأكل كامل الخراف والماعز في القرية.

ومن أجل أن تتم حماية أنفسهم من مثل هذه المخاطر، قام القرويون بتربية الأسود منذ ولادتها، والتي أصبحت مع مرور الوقت حامية لسكان القرية وممتلكاتهم وماشيتهم، وحينما كبرت الأسود أصبحت قوية وفخورة بتوليها حماية القرية والاعتناء بالمحاصيل والحيوانات وعلى مدار وقت طويل حافظت على القرية آمنة، كانوا مخلصين لسكان القرية ومستعدون القتال حتى الموت من أجل الدفاع وحماية القرية بما فيها.

ولكن ما حدث في يوم من الأيام هو أنه ولد شبل أسد مختلف عن بقية الأسود الآخرين، كما أن ذلك الشبل كان على العكس تماماً من البقية من حيث المظهر، ومنذ أن ولد ذلك الشبل وهو يتميز بعيون حمراء تتوهج كالنار وباقي الأسود غير مرتاحة له، وهذا جعل الأسود الأخرى تطلق عليه اسم الشبل الغريب بهدون، وهذا الاسم يشير إلى الشخص الذي ولد بعيدًا عن منزله، وقد كان هدفهم من ذلك الاسم هو الإشارة للجميع أن ذلك الشبل لا ينتمي إليهم في القرية.

وهذا الأمر قد جعل الحياة غير سهلة على الشبل، إذ كانت تتم معاملته معاملة سيئة للغاية، كما أنه لم تتم دعوته للعب من قِبل أي شبل من الأشبال الآخرين، فقد نشأ وحيدًا بمفرده وباستمرار يتم تذكيره بأنه مختلف، كما أن عينيه الحمراوان كانت لا تشير في نظر الأسود إلى ذلك الكبرياء الذي يتميز به البقية، وفي الكثير من الأحيان كان الأشبال يسمونه بأسماء ساخرة ويلعبون الحيل والخدع عليه.

وفي يوم من الأيام اجتمعت كافة الأسود في القرية وقررت القيام بإبعاد ذلك الشبل عن تلك القرية، وبالفعل تم استدعاءه والطلب منه أن يقوم بمغادرة القرية وعدم العودة إليها على الاطلاق، ومنذ تلك اللحظة حمل الشبل نفسه وتوجه نحو الغابة بمفرده ليبدأ هناك حياته الجديدة في العزلة والوحدة والحزن يستوطنه، وهذا الأمر ليس غريب عليه، إذ أنه باستمرار كان وحيداً، ولكن في تلك القرية كان أقلها الأسود محيطة به في كل مكان، وهذا الأمر كان يشعره بالأمان بعض الشيء، ولكنه في تلك اللحظات شعر أنه من الأفضل له أن يبتعد عن السخرية والاستهزاء به طوال الوقت وتذكيره بأنه مختلف عنهم ولا ينتمي إليهم بسبب لون عينيه المختلفتين.

وقد مرت السنوات ونما الشبل وأصبح أسد كبير وقوي، كما أنه أصبح ماهر وبارع جدًا في الصيد وصنع حياة جديدة لنفسه في الغابة، ولكن مع ذلك كان دائمًا وحيدًا وفي أغلب الأوقات كان يسير باتجاه حافة الغابة في ساعات متأخرة في الليل من أجل النظر إلى قريته القديمة، وباستمرار كان يشيد بالأسود الشجاعة التي تحرس الحيوانات والمحاصيل بكل جدارة، ويتمنى من كل قلبه أن ينضم إليهم ويعود للعيش في القرية.

وفي إحدى هذه الليالي شاهد ذلك الشبل للمرة الأولى التنين الشرس، حيث كان ينطلق من السماء الخالية من النجوم ويهاجم القرية، إذ حرق المنازل والمحاصيل بالنيران الخارجة من فمه، ويخطف الأغنام من الأرض بخالبه الحاد قبل أن يختفي في الليل، وفي تلك الأثناء كانت الأسود في القرية تبذل قصارى جهدها من أجل الدفاع عن القرية، لكن التنين كان سريعًا وقويًا جدًا، كما تمكن التنين من قتل العديد من الأسود في تلك الليلة الأولى من نوعها، بينما كان الشبل يراقب من الغابة بدون حول ولا قوة.

وفي الليلة التالية هاجم التنين مرة أخرى سكان القرية ومواشيهم، ومنذ ذلك الوقت وقد اعتاد على المهاجمة مرارًا وتكرارًا، حتى أصبح القرويون قلقين جدًا من الخروج من منازلهم، وتلك الهجمات ذهب ضحيتها العديد من الحيوانات، كما أن الأسود بدأت تعاني الكثير جراء محاولاتها في الدفاع عن القرية، إذ قتل معظمهم وأصيب الباقون بجروح بالغة الخطورة، وبسبب الهجمات المتكررة توصل سكان القرية أنه لا يمكن أن تنجو تلك القرية بسبب هجمات التنين الشرس، حتى أن بعض القرويين قاموا بحزم أمتعتهم وفروا إلى الغابة بحثًا عن الأمان.

وفي اليوم الخامس لم يتمكن الشبل من الصمت على تلك الحالة التي تمر بها قريته القديمة، ولذا أقسم الأسد الشجاع على نفسه أنه سوف يدافع عن شعبه وعن كبريائه بغض النظر عما فعلوه به الأسود في الماضي، وعند حلول ساعات الليلة قام بهدون بالزحف دون أن يشعر به أحد إلى مكان قريب جداً من القرية تحت غطاء الأشجار العالية التي تصطف على أطراف الغابة، وهناك جلس وأخذ يراقب سماء الليل في جميع الأوقات وينصت جيداً حتى يسمع خفقان أجنحة التنين في الهواء الساكن، وفي تلك اللحظة كان يشعر بالقوة والتصميم والإرادة على تخليص قريته من خطر ذلك التنين الشرير، وأشار إلى أنه سوف يدمر التنين الشرس ويعيد السلام إلى قريته الحبيبة مرة أخرى.

وفجأة سمع بهدون خفقان الأجنحة في الأعلى، فنظر إلى سماء الليل ورأى صورة ظليه التنين الشرس وهو ينقض على القرية بمخالب طويلة والتي تتوهج باللون الأبيض الفضي تحت ضوء القمر، وعيناه تفحصان الأرض بحثًا عن فريسة جديدة، وفي تلك اللحظة استجمع بهدون كل قوته وشجاعته، وبمجرد أن انقض التنين على ارتفاع منخفض فوق القرية، حتى انطلق بهدون من الغابة وزأر من كل قلبه، كان التنين متفاجئًا وخائفًا من رؤية عينين ملتهبتين تندفعان من الغابة، وأثار هدير الأسد الشجاع الخوف في قلب التنين.

حينها قفز بهدون في الهواء ولف كفوفه القويتين حول ذيل التنين وجذبه إلى الأرض، دخل الأسد الشجاع مع التنين الشرس الشرير في معركة، لكن سرعان ما فقد التنين قوته حينما واجه مثل هذا المحارب الماهر، إذ كان بهدون قوي وشجاع جدًا بالنسبة للتنين، ولم يكن معتادًا على مثل هذا العدو، لمعت عيون بهدون الحمراء في الليل وهو يقاتل التنين، وسرعان ما خرج القرويون وهم يفرغون من منازلهم وبدأوا يهتفون لبهدون، مما جعل الأسد الشجاع يقاتل بشراسة أكثر.

وفي النهاية انتصر بهدون في المعركة وتمكن من القضاء على التنين وتخليص سكان القرية من خطره، حينها هتفت الأسود القليلة المتبقية لبهدون الشجاع واحتفل الجميع بانتصاره على الوحش، وبهذا عادت القرية وسكانها آمنة مرة أخرى كما عاد أولئك الذين فروا إلى الغابة إلى منازلهم أخيرًا وبدأوا في إعادة زراعة محاصيلهم وتربية الحملان والأغنام والماعز حتى يتمكنوا مرة أخرى من الحصول على طعام.

وأخيراً تم الترحيب بعودة بهدون مرة أخرى إلى القرية وأصبح المحارب الأكثر شهرة في القرية، وهنا شعرت الأسود بالأسف الشديد لأنهم أرسلوه إلى الغابة، وأدركوا بعد ذلك أنه لمجرد أنه كان مختلفًا، فهذا لا يعني أنه يجب أن يعامل بشكل مختلف.

العبرة من القصة هو أنه لا ينبغي التعامل على الآخرين على أساس المظهر الخارجي، فالمظهر الخارجي ليس كافياً للحكم على الآخرين.


شارك المقالة: