قصة الأقزام مقطوعة الرأس أو ( The Headless Dwarfs) قصة خيالية أدرجها أندرو لانغ في كتاب الجنيات البني.
الشخصيات:
- هانز.
- الوزير.
- القزم.
قصة الأقزام مقطوعة الرأس:
كان هناك وزير قضى وقته كله في محاولة العثور على خادم يتولى قرع أجراس الكنيسة عند منتصف الليل، بالإضافة إلى جميع واجباته الأخرى، بالطبع لم يكن أي أحد يهتم بالاستيقاظ في منتصف الليل ليقرع أجراس الكنيسة، بعدما كان يعمل بجد طوال اليوم، وكان كلما تم توظيف أحدهم للقيام بهذه المهنة، ما أن يبدأ في أداء مهمته حتى يختفى، كما لو أن الأرض قد ابتلعته.
لم يدق أي جرس لفترة من الزمن، وبذل الوزير قصارى جهده لإبقاء الأمر طي الكتمان، لكنّه تسرب للجميع بسرعة، وكان نهاية الأمر أن رفض الجميع خدمة الوزير بهذه المهمة، وكان هناك همس بين الناس أن الوزير نفسه قتل الرجال المفقودين!
جاء الأحد بعد الأحد دون دق الأجراس، ثمّ أعلن الوزير من منبره أن أجرًا مضاعفًا سيتم دفعه لأيّ شخص يفي بالواجب المقدس المتمثل في قرع أجراس الكنيسة، ولكن لم ينتبه أحد إلى أي عرض قد يقدمه وكان الرجل المسكين في حالة يأس، وذات يوم جاء إليه وهو يقف عند باب منزله شاب معروف في القرية باسم هانز الذكي.
قال له: لقد سئمت من العيش مع بخيل لا يعطيني ما يكفي من الطعام والشراب، وأنا مستعد للقيام بكل ما تريد، أجاب الوزير: جيد جدًا يابني، سيكون لديك القوة لإثبات شجاعتك هذه الليلة بالذات، وغدًا سوف نحدد أجرك، كان هانز راضٍ تمامًا عن هذا الاقتراح وذهب مباشرة لبدء عمله دون أن يعرف أن سيده الجديد كان بخيلًا تمامًا مثل سيده القديم.
كان الوزير يجلس على المائدة أثناء تناول خدمه الطعام، ويحثهم على الشرب كثيرًا حتى لا يتمكنوا من تناول الطعام أيضًا، لكن كان هانز كان يشرب ما يشاء ولكنه لا يترك أي طعام في صحنه، وقبل منتصف الليل بساعة تقريبًا كان يدخل هانز الكنيسة ويغلق الباب خلفه، لكن كانت دهشته عندما وجد الكنيسة مضائة ببراعة في مكان الظلام والصمت الذي توقعه، وكان حشد من الأقزام جالسين حول مائدة ويلعبون الورق.
لم يشعر هانز بالخوف من هذا المنظر الغريب، أو كان حكيماً بما يكفي لإخفائه وصعد إلى الطاولة وجلس بين اللاعبين، فنظر أحدهم إلى الأعلى وسأله: صديقي، ماذا تفعل هنا؟ فحدق فيه هانز للحظة، ثم ضحك وأجاب: حسنًا، إذا كان لأي شخص الحق في طرح هذا السؤال، فهو أنا! ثم أخذ بعض الأوراق ولعب مع المجهولين وكأنه يعرفهم طوال حياته.
كان الحظ إلى جانبه، وسرعان ما وجدت أموال المقامرين الآخرين طريقها من جيوبهم إلى جيبه، وفي منتصف الليل، اختفى طاقم الأقزام واختفت الطاولة والبطاقات، والناس جميعًا وبقي هانز وحده، كان يتلمس طريقه لبعض الوقت، حتى وجد سلم في البرج، ثم بدأ بطريقه صعودًا، وعند نزوله رأى بصيص من الضوء عبر شق في الحائط، ورأى رجلاً صغيرًا جالسًا هناك كان بدون رأس.
قال هانز: صديقي الصغير، ماذا تفعل هناك؟ ودون انتظار إجابة، دفع هانز القزم بركلة دفعته إلى الهبوط على الدرج، ثم صعد إلى أعلى، ووجد بينما كان يذهب مراقبون أغبياء جالسين في كل درجة وعاملهم بنفس الطريقة ، وأخيرًا وصل إلى القمة، وبينما توقف للحظة لينظر حوله رأى رجلاً آخر مقطوع الرأس يرتعد في الجرس نفسه منتظرًا حتى يمسك هانز بسحب الجرس ليضربه.
صاح هانز: توقف، صديقي الصغير!هذا ليس جزءًا من الصفقة! ربما رأيت كيف نزل رفاقك السلالم وأنت ستلحقهم. ولكن بما أنّك في أعلى مكان، يجب عليك الخروج بمزيد من الكرامة وتتبعهم من خلال النافذة! وبهذه الكلمات بدأ يتسلق السلم ليأخذ الرجل الصغير من الجرس وينفذ تهديده.
فصرخ القزم في ذلك متوسلاً: أوه، أخي! أنقذ حياتي وأعدك أنني لن أزعجك أنا ولا رفاقي بعد الآن، أنا صغير وضعيف، لكن من يدري ما إذا كنت لن أستطيع في يوم من الأيام أن أكافئك، أجاب هانز: أيها القزم الصغير البائس: قدر كبير من الامتنان من المرجح أن يفيدني! ولكن بما أنّني أشعر بمزاج مبهج هذه الليلة، سأدعك تنعم بحياتك، لكن أحذر أن تصادفني مرة أخرى، أو قد لا تهرب بسهولة!
شكره الرجل مقطوع الرأس بتواضع وهرب بسرعة على حبل الجرس، وركض على درجات البرج كما لو كان قد ترك وراءه نارًا، ثم بدأ هانز يرن الجرس بقوة، وعندما سمع الوزير صوت أجراس منتصف الليل تسائل بشدة كيف حدث هذا؟ لكنّه ابتهج لأنّه وجد أخيرًا شخصًا يمكنه الوثوق به في هذا الواجب، فقرع هانز الأجراس لبعض الوقت، ثم ذهب إلى الدور العلوي ونام بسرعة.
كان من عادة الوزير أن يستيقظ مبكرًا جدًا، وأن يتجول للتأكد من أن الرجال كانوا جميعا في عملهم، وهذا الصباح كان الجميع في مكانه باستثناء هانز، ولم يعرف عنه أحد شيئًا وعندما أصبحت الساعة التاسعة ولم يحضر هانز، ولكن عندما ضربت الحادية عشرة، بدأ الوزير يخشى أنّه قد اختفى مثل رعاة البقر الذين سبقوه، وعندما اجتمع الخدم جميعًا حول المائدة لتناول العشاء، ظهر هانز أخيرًا وهو يتثاءب.
سأل الوزير: أين كنت كل هذا الوقت؟ قال هانز: نائم، صاح الوزير بدهشة: نائما! أنت لا تقصد أن تخبرني أنّه يمكنك الاستمرار في النوم حتى منتصف النهار؟ أجاب هانز: هذا بالضبط ما أعنيه، إذا عمل المرء في الليل فلا بد أن ينام في النهار كما لو كان المرء يعمل في النهار ينام في الليل، وإذا تمكنت من العثور على شخص آخر يقرع الأجراس عند منتصف الليل، فأنا مستعد لبدء العمل عند الفجر، ولكن إذا كنت تريد مني الأستمرار في العمل، يجب أن أستمر في النوم حتى الظهر.
حاول الوزير مناقشة هذه النقطة معه، ولكن تم التوصل إلى إتفاق بينهما مطولاً حيث كان على هانس أن يتخلى عن الرنين، وكان عليه أن يعمل مثل الباقي من شروق الشمس إلى غروبها، باستثناء ساعة بعد الإفطار وساعة بعد العشاء ، حيث قد يذهب إلى النوم، وأضاف الوزير بلا مبالاة: لكن، بالطبع قد يحدث ذلك بين الحين والآخر خاصة في فصل الشتاء، عندما تكون الأيام قصيرة حيث يتعين عليك العمل لفترة أطول قليلاً، لإنجاز شيء ما.
أجاب هانز: لا على الإطلاق، ما لم أترك العمل في وقت مبكر من الصيف، لن أقوم بأكثر ممّا وعدت به، وذلك من الفجر إلى الظلام حتى تعرف ما عليك أن تتوقعه، وبعد بضعة أسابيع طُلب من الوزير حضور تعميد في البلدة المجاورة حيث طلب من هانز أن يأتي معه، فقال هانز: لست بحاجة إلى تذكيرك بعقدنا بأنّه في اللحظة التي تغرب فيها الشمس أتوقف عن أن أكون خادمك، وإذا لم نصل إلى المدينة بينما لا يزال النهار، فسوف أتركك لتذهب بنفسك.
ظنّ الوزير أنّه كان يمزح ولم يبد أي ملاحظة أخرى، لكن عندما غادروا القرية ورائهم وركبوا على بعد أميال قليلة، وجدوا أن الثلج قد تساقط أثناء الليل، وقد أدى هذا إلى إعاقة تقدمهم، وبحلول الوقت الذي دخلوا فيه الغابة السميكة التي تقع بينهم وبين وجهتهم، كانت الشمس قد لامست قمم الأشجار بالفعل، وعندما وصلوا إلى وسط الغابة، غرقت الشمس تمامًا.
ثم استدارهانز بحصانه وأخذ حقيبته، وعندما سأله الوزير ماذا تفعل؟ لكن هانز أجاب بهدوء: غروب الشمس وعملي انتهى ، وأنا ذاهب إلى المخيم هنا الليلة، وعبثًا ناداه السيد وهدده، ووعد هانز بمكافأة كبيرة إذا عاد ليقود العربة به، أجاب هانز: إذا كنت ترغب في الوصول إلى المدينة الليلة، يجب أن تذهب بمفردك لقد حلت ساعة حريتي، ولا يمكنني الذهاب معك وغادره.
أشبع هانز جوعه بالطعام الذي كان في حقيبته، وأشعل غليونه ونصب خيمته تحت أغصان شجرة، ولفّ نفسه بفروة، ونام بشكل جيد، وبعد بضع ساعات، أيقظه ضجيج مفاجئ وجلس ونظر حوله حيث كان القمر يلمع فوق رأسه، وعلى مقربة منه وقف قزمان مقطوعان الرأس يتحدثان بغضب.
صرخ الأقزام الصغار على مرأى من هانز: أنه هو! واقترب أحدهم منه وقال: آه، صديقي القديم! إنّها فرصة محظوظة أوصلتنا إلى هنا، ما زالت عظامي تؤلمني من سقوطي أسفل درجات البرج، أجرؤ على القول أنّك لم تنس تلك الليلة! الآن حان دور عظامك! أيّها الرفاق، أسرعوا!
ومثل سرب من النمل، ظهرت مجموعة من المخلوقات الصغيرة مقطوعة الرأس وكأنّها تنبثق مباشرة من الأرض، وكان كل واحد منهم مسلحًا بعصى، وعلى الرغم من أنهم كانوا صغارًا جدًا، إلّا أنّه كان هناك عدد كبير منهم وضربوا بقوة لدرجة أنه حتى الرجل القوي لا يستطيع فعل أي شيء ضدهم، اعتقد هانز أنّ ساعته الأخيرة قد جاءت، في الوقت الذي كانت فيه المعركة في أقصى درجات الحرارة، وصل قزم صغير آخر إلى المشهد.
صرخ وقال: انتظروا، أيّها الرفاق! هذا الرجل قدم لي خدمة ذات مرة، وأنا مدين له، عندما كنت في سلطته منحنى حياتي، لذا عليكم فقط أن تسامحوه وتذهبوا إلى المنزل بهدوء، استمع الأقزام إلى كلماته واختفوا فجأة كما جاءت. بمجرد أن استعاد هانز نفسه قليلاً، ورأى أنّه القزم الذي وجده جالسًا في جرس الكنيسة.
قال القزم: آه، لقد ضحكت مني عندما أخبرتك أنّه في يوم من الأيام قد أفعل لك شيئًا جيدًا، والآن ترى أنّني كنت على حق، وربما ستتعلم للمستقبل عدم احتقار أي مخلوق مهما كان صغيرًا، فشكره هانز من كل قلبه وتعلم درسه.