قصة الأميرة كوان يين (The Princess Kwan-Yin) قصة خيالية من كتاب العجائب الصيني، لللمؤلف نورمان هينسدال بيتمان، أدرجها أندرو لانج عام( 1919) في كتاب العجائب الصيني.
الشخصيات:
- الأميرة كوان يين.
- والد الأميرة.
قصة الأميرة كوان يين:
كان يعيش في الصين ملك لديه ثلاث بنات، كان أجملهن وأفضلهن كوان يين الأصغر، و كان الملك العجوز فخوراً بهذه الابنة ، لأنها كانت الأكثر جاذبية من بين جميع النساء اللواتي عشن في القصر، لذلك لم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً ليقرر أنها يجب أن تكون وريثة عرشه، و لكن كوان ين لم تكن سعيدة ولم تكن تهتم بروعة حياة الملوك.
لم تتوقع أن هناك أي متعة في الحكم كملكة، كانت تذهب كل يوم إلى غرفتها للقراءة والدراسة، و سرعان ما تجاوزت أخواتها على دروب المعرفة، وعرف اسمها في أقصى ركن من المملكة باسم كوان يين، الأميرة الحكيمة، كانت كوان-يين حريصة على أصدقائها، وكانت حريصة على سلوكها في الأماكن العامة والخاصة.
كانت لطيفة مع الفقراء و لقد فازت بحب الطبقات الدنيا، وكان يمكنهم مناشدتها كلما كانوا جائعين وفي حاجة. حتى أن بعض الناس اعتقدوا أنها كانت جنية أتت إلى الأرض من منزلها داخل الجنة، كانت كوان يين طاهرة وطيبة، وتستحق الثناء الذي نزل عليها.
وفي أحد الأيام، دعا الملك ابنتة المفضلة إلى سرير الملك، لأنه شعر أن ساعة الموت تقترب، حظرت كوان ين أمام والدها راكعة حيث دعاها الرجل العجوز إلى النهوض والأقتراب، قال وهو يمسك بيدها بحنان: ابنتي، أنت تعلمين جيدًا كم أحبك، تواضعك وحبك للمعرفة، وقد جعلتك أولاً في قلبي، لذلك أنت ستكونين وريثة مملكتي وأصبح من الضروري أن تفكري بالزواج.
قالت الفتاة: ولكن، أيها الأب الجليل، لست مستعدةً للزواج، فقال الملك: لستِ مستعدة يا طفلتي! لماذا ألستِ في الثامنة عشرة؟ أليست بنات أمتنا تتزوجن كثيرًا قبل أن يصلن إلى هذا العمر بوقت طويل؟ رغبتك في التعلم منعتك حتى الآن من أي فكرة عن الزواج، ولكن الآن لا يمكننا الانتظار أكثر من ذلك، ثمّ قالت الفتاة: أيها الأب الملكي لا تجبرني على التخلي عن أعز ملذاتي، دعني أذهب إلى دير هادئ حيث قد أكمل دراستي!
تنهد الملك بعمق عند سماع هذه الكلمات، فقد أحب ابنته ولم يرغب في جرحها، وتابع: هل ترغبين في المرور بربيع الشباب الأخضر، للتخلي عن هذه المملكة العظيمة؟ هل ترغبين في دخول أبواب دير حيث تودع النساء الحياة وكل ملذاتها؟ والدك لن يسمح بذلك، إنه لأمر مؤلم أن يخيب أملك، لكن بعد شهر من هذا اليوم بالذات ستكونين متزوجة.
لقد اخترت لك رجلاً من النبلاء، أنت تعرفينه بالفعل، أصبحت كوان يين شاحبة وكانت ترتجف، كانت ستقع على الأرض، لكن والدتها وأخواتها كن يدعمنها، وخلال فترة الشهر كان الجميع يسألها مرارًا وتكرارًا عن سبب اتخاذ قرار غريب جدًا بعدم الزواج ابدًا، كانت تهز رأسها، وترد: صوت من السماء يكلمني، ويجب أن أطيعه.
في يوم الزفاف، هربت كوان ين من القصر، وبعد رحلة مرهقة وصلت إلى دير يسمى دير العصفور الأبيض، كانت ترتدي زي عذراء فقيرة حيث قالت إنها ترغب في أن تصبح راهبة، لم تكن مديرة الدير تدرك من تكون، ولم تستقبلها بلطف، وقد أخبرت كوان-يين أنهم لا يستطيعون استقبالها ، وأن المبنى كان ممتلئًا، ولكن بعد أن ذرفت كوان يين دموعًا كثيرة، سمحت لها رئيسة الكنيسة بالدخول، ولكن فقط كخادمة والتي قد تُطرد بسبب أدنى خطأ.
الآن بعد أن وجدت كوان يين نفسها في الحياة التي طالما حلمت بها، حاولت أن تشعر بالرضا، لكن بدا أن الراهبات يرغبن في جعلها تبقى بينهن في غاية البؤس، لقد كلفنها بأصعب المهام، ونادرًا ما كان لديها دقيقة للراحة، وكانت مشغولة طوال اليوم، تحمل المياه من بئر عند سفح تل الدير أو تجمع الحطب من غابة مجاورة.
حاولت كوان يين أن تجعل هؤلاء النساء قساة القلب يحبونها، في مقابل كلماتهن القاسية، تحدثت معهنّ بلطف، ولم تفسح المجال للغضب، ذات يوم بينما كانت كوان ين تلتقط الحطب في الغابة سمعت نمرًا يشق طريقه عبر الأدغال، ونظرًا لعدم وجود وسيلة للدفاع عن نفسها، قامت بصلاة صامتة طلباً للمساعدة، وانتظرت بهدوء مجيء الوحش العظيم، وعندما ظهر الحيوان المتعطش للدماء، بدلاً من الالتفاف لتمزيقها، لم يحاول إيذاء كوان-ين، بل اقترب منها بطريقة ودية وتركها تربت على رأسه.
وفي اليوم التالي عادت الأميرة إلى نفس المكان، وجدت هناك ما لا يقل عن اثني عشر وحشًا يعمل تحت قيادة النمر الودود، وكانوا يجمعون الحطب لها، وفي وقت قصير تكدس ما يكفي من الحطب ليبقى الدير لمدة ستة أشهر، في وقت آخر عندما كانت كوان ين تكدح أعلى التل للمرة العشرين، وهي تحمل دلو ماء كبير على عمود ، واجهها تنين ضخم في الطريق، ولكن لم تكن كوان ين خائفة على الإطلاق.
نظر إليها الحيوان للحظة، وأطلق النار من أنفه، سارعت كوان ين إلى أعلى التل إلى الدير وهي مملوئة بالخوف ، وبينما كانت تقترب من الساحة الداخلية، اندهشت لرؤية مبنى جديد من الحجر الصلب الذي نشأ عن طريق السحر منذ رحلتها الأخيرة إلى أسفل التل، وفي طريقها إلى الأمام، رأت أن هناك أربعة مداخل مقوسة إلى منزل الجنيات. وفوق الباب كان لوحًا مكتوبًا عليه الكلمات التالية: تكريماً للأميرة المخلصة كوان يين، في الداخل كان هناك بئر من أنقى المياه، بينما كانت هناك جنيات غريبة لسحب هذه المياه، لم تر مثلها كوان ين ولا الراهبات.
عرفت الأخوات أن هذا البئر السحري كان بمثابة نصب تذكاري لصالح كوان يين، ثمّ عاملوها بشكل أفضل، و قلنّ: بما أن الجنيات قد حفرت بئراً عند بوابتنا، لن تحتاج هذه الفتاة بعد الآن إلى حمل الماء من أسفل التل، ولكن ما هو السبب الغريب الذي كتبته الجنيات على اسم هذة الفتاة؟ استمعت كوان يين إلى ملاحظاتهن في صمت، كان من الممكن أن تشرح معنى هدية التنين، لكنها اختارت تركهن في حالة جهل.
ثمّ بدأت الراهبات الأنانيات في معاملتها بشكل أسوأ من ذي قبل، وحرمنها كل فرصة للدراسة والصلاة، وذات ليلة أيقظت الأخوات من نومهن أصوات غريبة، وسرعان ما سمعا خارج جدران الدير صوت بوق حيث أرسل والد كوان ين جيشًا عظيمًا لمهاجمة الدير، لأن جواسيسه تمكنوا أخيرًا من تتبع الأميرة الهاربة إلى هذا المكان المقدس.
هتفت كل النساء: آه من جلب هذا الويل علينا؟ ونظرن إلى بعضهن البعض في خوف شديد، ارتفعت أصوات التهديد في الخارج بصوت أعلى، وفجأة ظهرت صرخة مخيفة بين النساء: إنهم على وشك حرق مسكننا المقدس، وكان الدخان يتصاعد خارج السياج حيث كان الجنود يشعلون حريقًا كبيرًا، وفجأة سُمع صوت فوق ضجيج الراهبات الباكيات: آه، أنا سبب كل هذه المشاكل.
استدارت الراهبات بدهشة ورأين أن كوان يين هي من تتحدث فصرخن بدهشة: أنت؟ أجاب كوان يين: نعم أنا، لأنني بالفعل ابنة ملك، و لم يرغب والدي في وجودي بالدير وقد هربت من القصر، لقد أرسل جيشه إلى هنا لإحراق هذه المباني وسحبي من هنا، صاح الدير بأكمله: إذًا، أنظري ماذا جلبت لنا أيتها الفتاة البائسة! ستحترق بناياتنا فوق رؤوسنا! كم جعلتنا بائسين! فلتحل عليك لعنات السماء!
صرخت كوان يين: لا، لا وحاولت منع الدير من التحدث بهذه الكلمات المخيفة، وقالت: ليس لكن الحق في قول ذلك، لأنني بريء من الشر،لذلك، صلت ودعت الله لإنقاذ الدير والأخوات، استعدت الأخوات بسبب خوفهن لمغادرة المجمع والتخلي عن كل ممتلكاتهن في ألسنة اللهب القاسية والجنود الأكثر قسوة، وبقيت كوان ين وحدها في الغرفة، وهو تصلي بجدية طلبًا للمساعدة.
فجأة نزلت الأمطار الغزيرة على ألسنة اللهب، وفي غضون خمس دقائق تم إخماد الحريق وتم إنقاذ الدير، ثمّ جاء جنديان قاما بتسلق الجدار الخارجي للمجمع وطلبوا الأميرة حيث كانت الفتاة ترتجف، وهي تعلم أن هؤلاء الرجال يطيعون أوامر والدها، فعرفت نفسها على الفور، وقاموا بسحبها من حضور الراهبات اللواتي بدأن للتو في الإشفاق عليها، وتم نقلها إلى العاصمة.
وفي اليوم التالي تم قيادتها أمام الملك العجوز، فحدق الأب بحزن في ابنته، وبعد ذلك جمدت النظرة الصارمة للقاضي وجهه وأمر الحراس بتقديمها، ومن غرفة مجاورة سمعت أصوات الموسيقى، كان يتم تقديم وليمة وسط روعة عظيمة حيث وصلت ضحكات الضيوف الصاخبة إلى آذان الفتاة وهي تنحني أمام عرش أبيها، كانت تعلم أن هذا الحفل قد تم إعداده لها، وأن والدها كان على استعداد لمنحها فرصة أخرى.
قال الملك: يافتاة، لم تهيني والدك فقط، بل ملكك، لأنك بهذا الفعل تستحقين الموت، ولكنني قررت أن أمنحك فرصة أخرى لتخليص نفسك، وإذا رفضتي ستكون العقوبة هي الموت: أطيعيني، وقد يكون كل شيء على ما يرام، كل ما أطلبه هو زواجك من الرجل الذي اخترته، سألت كوان يين بجدية: ومتى، أيها الملك العظيم تريدني أن أقرر؟
أجاب بصرامة: هذا اليوم بالذات، هذه الساعة، هذه اللحظة بالذات، تكلمي يا ابنتي، قولي لي إنك تحبيني وستفي بأمري! أجابت بحزن: أبي الحبيب، إنها ليست مسألة حبي لك، طوال حياتي أظهرتها في كل عم، ولكن صوتًا من داخلي قد أمر أن أبقى عذراء، وأن أكرس حياتي لأعمال الرحمة، ما الذي يمكنني فعله إلا الاستماع إلى تلك القوة التي تحكم داخلي؟
كان الملك العجوز غير راضٍ عن إجابة كوان ين، وغضب بشدة، وقال: إذًا أنت ترفضين ما أطلبه! خذوها أيها الرجال! أعطو الموت لخائنة الملك! عندما حملوا كوان يين بعيدًا عن حضوره، سقط الملك ذو الشعر الأبيض من كرسيه، وفي تلك الليلة، عندما تم إعدام كوان ين، وهكذا أصبحت كوان يين اسمًا يذكره آلاف الفقراء كل عام في صلاتهم، وكانوا ينظرون إلى صورتها الجميلة، وعيونهم مليئة بدموع الحب.